تصريح لوزير دفاع تونس يربك الصف الإخواني حتى طرابلس
مصادر مقربة من مستشاري قيس سعيد قالت لـ"العين الإخبارية" إن الرئيس التونسي غير راض عن التدخلات الجانبية للبرلمان في المسائل الخارجية
حالة من الارتباك سادت الوسط الإخواني على جانبي الحدود على وقع تصريح لوزير دفاع تونس عماد الحزقي وصف فيه القوات الموالية لحكومة الوفاق الليبية بـ"المليشيات".
توصيف الحزقي الذي جاء خلال كلمة له في البرلمان الأربعاء الماضي، نزع شرعية مزعومة سعت حركة النهضة لتكريسها في الساحة التونسية للتعمية على إرهاب مليشيات حكومة فايز السراج غير الدستورية، ما دفع منصات الجماعة لشن موجة من الهجوم على الوزير، مع انتشار دعوات لإقالته.
دعوات تستنفر لها حركة النهضة دفاعًا عن مصالحها الاستراتيجية، ضمن خط السير الإقليمي الداعم للإرهاب، والذي ينطلق من تركيا وقطر ويصل إلى غرب ليبيا، حيث الجماعات الدموية الفاقدة لشروط الجيوش النظامية.
خطوط التماس بين الغنوشي والسراج
ويرى مراقبون أن دعم حركة النهضة لحكومة السراج يتجاوز الدعم السياسي الذي تفرضه قواعد الانتماءات الإخوانية والتفاعلات الفكرية، وإنما هو دعم عسكري ولوجستي تفرضه وحدة المصير والخوف من اتساع رقعة العزلة الإخوانية في المنطقة.
- إخوان تونس أداة "تجنيد" الشباب لنصرة الإرهاب في ليبيا
- فشل إخوان تونس.. الغنوشي يسقط في اختباراته البرلمانية
ويؤكد حامد الزياتي الباحث في العلوم السياسية أن بعض الحركات الإسلامية التونسية تقوم عبر أجهزتها السرية ومعاولها العسكرية بعملية تأمين تهريب السلاح والمعدات اللوجستية إلى الغرب الليبي المحيط بالعاصمة طرابلس.
وأوضح في حديث لـ"العين الإخبارية" أن "عمليات التهريب تؤمنها قوافل إخوانية، تشرف عليها قيادات من حركة النهضة تنشط في الجنوب التونسي وعبر أباطرة التهريب الموجودين في المنطقة.
وقد ضبطت القوات العسكرية التونسية في أواخر شهر ديسمبر/كانون الأول 2019 مجموعة من الأسلحة والمتفجرات تركية الصنع كانت في طريقها إلى ليبيا.
وتابع الزياتي: "أن حركة النهضة تدفع بثقلها للدفاع عن حكومة السراج لأنها تعلم أن فرضية سقوطها ستكون فاتحة لانهيار إخوان تونس".
حيادية قيس سعيد تزعج الغنوشي
ويؤكد متابعون أن وزير الدفاع لم يصدح بتصريحاته الناقدة لمليشيات السراج لولا موافقة من الرئيس التونسي قيس سعيد، الذي تتضمن صلاحياته السياسة الدفاعية والخارجية لتونس.
ولا يمكن وفق الدستور التونسي لسنة 2014 أن يتخذ كل من وزيري الدفاع والخارجية مواقف خارج عن موقف رئيس الدولة.
هذا المعطى يزعج إخوان تونس ورأسها المدبر راشد الغنوشي الذين يدفعون بكل الأدوات اللاأخلاقية لضرب "حيادية" الرئيس تجاه الأزمة الليبية ومحاولة إغراقه في المستنقع الإخواني مثلما جرى الأمر مع الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي.
وتؤكد مصادر مقربة من الفريق الاستشاري للرئيس سعيد تشبثه بحياد تونس من كل القضايا الإقليمية، وأنها لا يمكن أن تساند المليشيات المسلحة الخارجة عن القانون والداعمة للإرهاب.
وأضافت ذات المصادر في حديث لـ"العين الإخبارية" أن "الرئيس التونسي غير راض عن بعض التدخلات الجانبية للبرلمان في المسائل الخارجية للبلاد".
هذه التدخلات والأدوار التي يريد أن يلعبها راشد الغنوشي وصهره رفيق عبد السلام، في محاولة لجعل مكتب البرلمان هو المطبخ الأول والأخير للسياسات الخارجية لتونس.
وفي هذا السياق، ترى الناشطة السياسة اليسارية غفران السايحي، أن "خطة الإخوان فشلت في سحب بساط العلاقات الخارجية من مؤسسة رئاسة الجمهورية، وأن مخططات التأثير على قيس سعيد سقطت منذ زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى تونس في مطلع شهر يناير/كانون الثاني الماضي".
واعتبرت السائحي في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "الغنوشي وأردوغان حاولا استقطاب سعيد ضمن مخططاتهم الإقليمية وجعله ورقة إقليمية تتحكم فيها أنقرة والدوحة، إلا أن هذه المخططات اصطدمت بشخصية سياسية تؤكد في كل مرة أنها خارج الحسابات المشبوهة".
وتتمحور تصريحات سعيد بخصوص الوضع الليبي على ضرورة الحل السلمي والالتزام بالشرعية الدولية، والابتعاد عن التدخل الخارجي، و هي كلها تصريحات "لا ترضي إخوان تونس الباحثين عن احتكار الدولة ومؤسساتها لخدمة أجنداتهم".
وتابعت السائحي أن "اهتمام إخوان تونس بالوضع الليبي لا يندرج إلا ضمن الدفاع عن حديقتها الخلفية المتمثلة في المليشيات الإرهابية التي توفر لها احتياطيا هاما من الإرهابيين توظفهم لترهيب خصومها".
ويأتي تصريح النائب الإخواني سيف الدين مخلوف داخل البرلمان دفاعا عن الإرهابي سيف الرايس (تنظيم أنصار الشريعة) دلالة على أن التقاطعات بين الإخوان والإرهاب هي تقاطعات عضوية، مثبتة بكل القرائن والوقائع الميدانية.