الدعم الصيني الروسي.. الملاذ الأخير لاقتصاد تونس «المتعثر»
تبحث تونس عن تحالفات جديدة، من أجل إيجاد حلول للوضعية الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد، إثر تراكم نسب المديونية، وفق ما يراه مراقبون.
وأعربت تونس في مرات عدة، أنها لا تستبعد أبدا الانضمام إلى مجموعة البريكس, حيث قال وزير الخارجية التونسي نبيل عمار، عقب لقائه وزير الخارجية سيرغي لافروف الذي زار تونس خلال شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، إن تونس لم تقدم طلبا رسميا للانضمام إلى مجموعة "بريكس"، لكن مثل هذا الاحتمال ليس مستبعدا.
وأوضح أن بلاده تتمتع بعلاقات ممتازة مع جميع الدول الأعضاء في مجموعة "بريكس".
والبريكس مجموعة مكونة من روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا. ووافقت في اجتماعها الأخير في أغسطس/آب الماضي في جنوب أفريقيا على قبول انضمام 6 دول جديدة هي الإمارات العربية المتحدة والأرجنتين ومصر وإيران والسعودية وإثيوبيا، اعتبارا من العام الجاري.
ويؤدي وزير الشؤون الخارجية الصيني وانغ يي، زيارة عمل لتونس من 14 إلى 16 يناير/كانون الثاني الجاري، على رأس وفد صيني رفيع المستوى يتكون من نائب وزير الشؤون الخارجية والتجارة، ونائب رئيس الوكالة الصينية للتعاون الدولي، وعدد من الإطارات الصينية السامية. وتتزامن هذه الزيارة مع الاحتفال بالذكرى الـ60 لإرساء العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
وتأتي هذه الزيارة بعد مرور شهر على زيارة قد أداها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى تونس، وتم خلالها النقاش حول مزيد من تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين.
وخلال زيارته إلى تونس، قال وزير الخارجية الصيني عقب استقباله بقصر قرطاج، إن بلاده تدعم الرئيس التونسي قيس سعيد لتعزيز الإصلاحات الداخلية ودفع الوعي القومي، وتدعمه بقوة ممثلا وقائدا للشعب التونسي في طريق التقدم والازدهار.
وأضاف وزير الخارجية الصيني، قائلا: "سندعم بقوة الدولة التونسية في حماية سيادتها واستقلالها وكرامة شعبها وسنحقق إنجازات أكبر في طريق التقدم".
وقال: "نؤمن بأن النمو الاقتصادي لتونس سيرفع وسيحسن مستوى العيش لشعبها"، مبينا أن "الصين تعتبر تونس شريكا استراتيجيا".
من جانبه، نوّه الرئيس التونسي قيس سعيد بتميّز علاقات التعاون والشراكة بين تونس والصين، مشيدا بالإرادة المشتركة للقيادتين في البلدين، للارتقاء بها إلى أعلى المراتب خدمة للمصلحة العليا للشعبين الصديقين، مشيرا، في هذا الإطار إلى العديد من مشاريع التعاون المتنوّعة والمهمة التي تم تنفيذها في تونس بدعم من الصين وآخرها الأكاديمية الدبلوماسية الدولية.
وأكد سعيد، تطلع تونس إلى إرساء شراكات واعدة وبرامج تعاون جديدة مع الصين في عدّة ميادين على غرار الصحة والزراعة والرياضة والبنية التحتية والطاقات المتجدّدة.
البريكس
ويرى الخبير الاقتصادي التونسي علي الصنهاجي، أن تونس تحظى بعلاقات اقتصادية عريقة مع الصين، ويجذب موقعها الجغرافي في قلب جنوب البحر الأبيض المتوسط، محاذياً للأسواق الأوروبية والأفريقية، ويشرف على الطرق البحرية الحيوية المصنع الآسيوي العملاق.
وأكد في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن الصين تبحث عن مكانة لها في أفريقيا، موضحا أنه "لا يستبعد تخفيف الصين للديون المثقلة على البلدان المراد زيارتها وهي تونس ومصر وساحل العاج".
وأشار إلى أنه يمكن أن تعمل الصين على تخفيض حدة الديون مع تونس، موضحا أن هذه الزيارة ستنبثق عنها اتفاقيات في مجال الطاقات المتجددة وتحلية المياه.
وتابع أن تونس تسعى إلى تنويع علاقاتها في ظل التشنج الحاصل في علاقتها مع الغرب والاتحاد الأوروبي، تحديدا في مسألة الهجرة غير النظامية، وما اعتبره قيس سعيد تدخلا في شؤون بلاده الداخلية.
من جهة أخرى، قال أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية رضا الشكندالي، إن انضمام تونس لمجموعة البريكس ليس سهلا، باعتبار ضرورة توفر جملة من الشروط لتدعيم هذه المجموعة الاقتصادية، في حين تمر تونس بصعوبات ولا يمكن أن تفيد البريكس في الوقت الحاضر.
وأكد أن تونس يمكن أن تنضم للبريكس في حالة وحيدة، وهي إذا اعتبرت المجموعة أن موقع البلاد الجيوستراتيجي يسمح للصين بتعزيز استثماراتها في القارة الأفريقية، في ظل تنافس دولي كبير على الاستثمار في القارة السمراء.
وأوضح أن إدراج تونس في إطار طريق الحرير من قبل الصين سيسمح برصد أموال كبيرة لها من البنك الآسيوي للاستثمار، وهي المصلحة الوحيدة التي يمكن أن تنتفع بها.
وسعت الصين إلى ضم تونس لمبادرة "الحزام والطريق"، إذ وقعت الحكومة مع الصين في يوليو/تموز 2018 مذكرة تفاهم تنضم بمقتضاها إلى المبادرة رسمياً، على أن يفتح لها ذلك آفاقاً واسعة للتعاون الاقتصادي والتجاري والسياحي والاستثماري بين البلدين، ويدعم مساهمة الصين في إنجاز عدد من المشاريع التنموية في تونس، خصوصاً المشاريع الكبرى في مجال البنية التحتية المدرجة ضمن المخطط التنموي 2016-2020، وفق ما ورد على لسان وزير الخارجية التونسي آنذاك.
وكانت منظمة طريق الحرير للتعاون الاقتصادي والثقافي الدولي الصينية "سيكو" افتتحت في أبريل/نيسان 2017، مكتباً لها في تونس، "سيكو تونس"، وهو الأول من نوعه في أفريقيا.
وتحتل الصين المركز الـ35 في قائمة الدول المستثمرة في تونس، في حين لا يزيد عدد الشركات الناشطة على 10، وهي استثمارات ضئيلة للغاية مقارنة بالشركاء الأوروبيين وعلى رأسهم فرنسا المستثمر الرئيس في تونس بقيمة 2.4 مليار دولار حتى 2023 بمؤسسات فرنسية وأخرى مشتركة تونسية- فرنسية، ويبلغ عددها 500 شركة يعمل بها نحو 100 ألف شخص.
وللإشارة فإن الاتحاد الأوروبي يعتبر الشريك الاقتصادي الأول لتونس، وهو يستأثر بأكثر من نصف المبادلات التجارية التونسية، وأغلب المستثمرين الأجانب في تونس ينتمون إلى دول الاتحاد الأوروبي.
aXA6IDE4LjE5MC4yMTkuMTc4IA== جزيرة ام اند امز