تونس والمناخ المتطرف.. معاناة أكبر من الهجرة غير الشرعية والنزوح
تضرر الكثير من التونسيين بسبب التغيرات المناخية، التي تؤثر على حياتهم بالهجرة، سواء بالهجرة غير الشرعية نحو التراب الإيطالي أو النزوح إلى المدن الساحلية.
وفي الأرياف، خسر الكثير من التونسيين مورد رزقهم بسبب الجفاف، حيث لم يعد لديهم الإمكانيات لتوفير قوت يومهم.
وللإشارة فإن قطاع الزراعة في تونس يوفّر مورد رزق لأكثر من 500 ألف مزارع، إلا أن التغيرات المناخية وتواتر موجات الجفاف ضاعفت حجم الضغوطات الاقتصادية على سكان الأرياف، الذين يعتمدون على الأمطار في نشاطات الري وتربية الأغنام والأبقار.
وسبق أن أكد البنك الدولي أنّ التغيّر المناخي الذي يشهده العالم قد يجبر 216 مليون شخص في ستّ مناطق من العالم على الارتحال داخل حدود بلدانهم بحلول عام 2050، من بينها تونس.
وأكد الأستاذ الجامعي والباحث في التغيرات المناخية سمير القادري أن التغيّر المناخي يهدد مواطن الشغل في تونس ليدفع بالمئات منهم إلى النزوح إلى المدن الساحلية، مضيفا "كما أن عدم عثور الشباب على فرص عمل في البلاد، يخلف عنه تفاقم ظاهرة الهجرة غير الشرعية إلى السواحل الأوروبية".
- في تونس.. التغيرات المناخية تلتهم ثمار الاقتصاد والتنمية
- الجفاف يأكل ما قدمته السياحة لـ«تونس».. البنك الدولي يكشف المعاناة
ويرى في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن هذه التغيرات المناخية تشكل تهديدا لآلاف المزارعين الذين جفّت محاصيلهم بسبب انحباس الأمطار، ما دفعهم للهجرة الداخلية، بعد فقدان الصلابة المادية لتحمل تداعيات التغير المناخي على مصدر دخلهم الوحيد.
وأشار إلى أن الكثير من المزارعين توقفوا خلال الموسم الحالي عن زراعة الحبوب بسبب الجفاف خوفا من أن يتعرضوا لخسائر كبيرة مثل السنة الماضية.
وتابع "المزارعون الصغار الذين يختصون في زراعة الورقيات مثل البقدونس والسبانخ والطماطم تم منعهم من قبل السلطات التونسية عن زرع هذه الأنواع من الخضر ما يهدد الأمن الغذائي للتونسيين".
ومنذ أسبوع.. أصدرت وزارة الزراعة التونسية بيانا دعت فيه "الفلاحين مستغلي منظومة الري العمومي لتفادي زراعة الخضر الورقية والقرعية ولعدم زراعة الطماطم وعدم إبرام عقود إنتاج مع مصانع تحويل الطماطم، وتأتي هذه الدعوة على خلفية تراجع منسوب المياه بالسدود المزودة بمياه الري للمساحات السقوية".
والخضراوات الورقية هي السلق والبقدونس والسبانخ والخس، أما الخضر القرعية فهي الخيار والبطيخ والقرع بأنواعه، إضافة إلى الطماطم.
وجدير بالذكر أن دعوة وزارة الزراعة مزارعي المساحات السقوية لعدم زراعة الخضراوات الورقية، هي دعوة متجدّدة منذ ثلاث مواسم فلاحية بسبب ندرة التساقطات.
وأكد سمير القادري أنه في صورة تواصل هذه التهديدات، سيؤثر ذلك على تماسك السياسة الغذائية للبلاد، خاصة أن الجفاف ضرب البلاد من 4 سنوات، مما جعل هذا الموسم الأسوأ في تاريخ الفلاحة التونسية من حيث الخسائر، خاصة مع غلاء تكاليف الإنتاج ونقص مخزون السدود الذي وصل إلى نسبة 22%.
وتمثل الأراضي المزروعة 62% من مساحة تونس (أي نحو 10 ملايين هكتار)، وتهيمن الفلاحة العائلية وصغار الفلاحين على المشهد الفلاحي التونسي، حيث تمثل الأراضي التي لا تتعدى مساحتها 10 هكتارات 75% من إجمالي الأراضي المزروعة، حسب معطيات وزارة الزراعة.
وكل عام يسجل فقدان 20،000 هكتار بسبب نقص المياه الجوفية، والتي يقع الإفراط في استخدامها في أكثر من 25% من المناطق المروية.
الهجرة غير الشرعية
من جهته، قال رمضان بن عمر، المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (غير حكومي)، إن الهجرة غير الشرعية نحو أوروبا شهدت نسقا تصاعديا في تونس خلال السنوات الأخيرة خاصة بعد عام 2020.
وأكد بن عمر أن الموجة الجديدة من الهجرات غير الشرعية التي تشهدها تونس تتميز بازدياد المشاركة الجماعية للعائلات والأطفال، وهي ظاهرة جديدة عرفت سوى في السنوات القليلة الماضية.
وأوضح أن من أسباب تفاقم ظاهرة الهجرة غير الشرعية هي ارتفاع نسب البطالة وعدم إيجاد مواطن وفرص عمل في البلاد وارتفاع نسب الفقر، مضيفا أن "ارتفاع عدد القصّر في الهجرة أدى إلى استفحال ظاهرة الانقطاع المدرسي المبكر".
وأشار إلى أن تراكم العوامل الاقتصادية والاجتماعية وانسداد الآفاق تنبئ بأزمة خانقة في الآجال القريبة".
وقد سبق أن ذكر المعهد الوطني للإحصاء (حكومي) أن نسبة البطالة تجاوزت 20.5% في صفوف النساء مقابل 13.1% عند الرجال، بجانب تفاقم الفقر لدى الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع على رأسها النساء.
aXA6IDMuMjMuOTIuNjQg
جزيرة ام اند امز