في تونس.. التغيرات المناخية تلتهم ثمار الاقتصاد والتنمية
تعد تونس من أكثر البلدان المتضررة من تأثيرات التغيرات المناخية من خلال انخفاض نسبة التساقطات المطرية والجفاف وتعبئة السدود
التي وصلت إلى 23% فقط وتوسع مناطق التصحر خاصة في الجنوب وتقلّص الغطاء الغابي.
ورغم التحذير من هذه التغيرات إلا أن آثار الأزمة بدأت في الظهور بطرق متفاوتة في تونس، وتستهدف الاقتصاد والتنمية في البلاد من خلال انعكاساتها على الزراعة والغذاء والمياه والسكن والعمل.
وقالت مؤخرا وزيرة البيئة ليلى الشيخاوي إن بلادها تلتزم بتعهّداتها الدولية في مجال التخفيف من انبعاثات الغازات الدّفيئة وضرورة التسريع في تنفيذ التوجّهات الإستراتيجية المدرجة ضمن المساهمات المحدّدة وطنيا.
- نضوب المياه.. «مقصلة» سدود تونس وخبراء يحذرون
- التغيرات المناخية تضرب غابات تونس.. والتشجير أبرز الحلول
كما أبرزت الشيخاوي أن الوزارة تهدف إلى مزيد ترسيخ الثقافة البيئية والتغيرات المناخية وأن الدولة التونسية تعمل على جملة من الاستراتيجيات للحد من تأثيرات التغيرات المناخية منها استراتيجيات التحول الطاقي والتقليص في الانبعاثات الكربونية والمحافظة على الموارد المائية.
وأكدت أن القيمة المالية للخسائر التي يمكن أن تتكبدها تونس في حال لم تتخذ إجراءات للحد من مخاطر الكوارث تقارب 138 مليون دولار سنويا.
وأكدت أنه تم إعداد الاستراتيجية الوطنية للحد من الكوارث منذ 2018 وتمت المصادقة عليها من الناحية الفنية في 2021 وصادقت عليها الحكومة في 16 مايو/أيار 2023.
كما أشارت إلى أن تنفيذ هذه الاستراتيجية يتطلب تمويلات تقدر بأكثر من 550 مليون دينار تونسي ما يعادل 180 مليون دولار.
رؤية تنموية
من جهة أخرى، دعا الخبير البيئي التونسي محرز الشايب إلى ضرورة وضع رؤية تنموية وسياسة بيئية.
وأكد في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أنه لابد على السلطات التونسية وضع سياسات للحد من تأثيرات التحولات المناخية على أنشطتها الاقتصادية وإيجاد حلول عاجلة للقطاعات الحساسة ومنها الزراعة والسياحة والصناعة وهي القطاعات الأكثر خلقاً لفرص العمل في البلاد.
وأكد أن الانتقال نحو الطاقة المستدامة واستغلال الإمكانات الطبيعية على غرار الشمس والرياح والتخفيض من الانبعاثات الكربونية وإنجاز مشاريع في مجال الهيدروجين الأخضر تعد من أبرز الأهداف التي يجب تحقيقها من أجل إنقاذ البلاد من هذه التغيرات المناخية.
ودعا إلى" ترشيد استهلاك المياه للمحافظة على القدرات المائية للبلاد فضلا عن اختيار الطاقة البديلة والنظيفة كبديل عن الطاقات التقليدية، إضافة إلى التوقف عن الزراعات التي تتطلب الكثير من المياه واختيار زراعات تتماشى مع ما نعيشه اليوم من شح مائي".
صعوبات
من جهته، أكد الخبير البيئي حمدي حشاد ، أن التغيرات المناخية ألقت بظلالها على الوضع الاقتصادي في البلاد.. موضحا أن تحقيق النمو الاقتصادي يواجه صعوبات في تونس في ظل الجفاف المستمر طيلة السنوات الماضية ما نتج عنه مجموعة من التداعيات السلبية التي أثرت على القطاع الاقتصادي وخاصة في المجال الزراعي.
وأكد حشاد لـ"العين الإخبارية" أن التغيرات المناخية ستقضي على النموذج الاقتصادي الزراعي في البلاد نظرا لأنه بالماء يمكن تحقيق التنمية وبدونه لا يمكن تحقيق أي شيء. وبين أنّ العديد من المنتوجات الموجّهة للتصدير تستهلك الكثير من المياه ولذلك يجب التفكير في بدائل أخرى والتوقف عن الزراعات النهمة للماء وضرورة مراجعة النموذج الاقتصادي القائم على الفلاحة، وخاصة الفلاحة التصديرية.
وأشار إلى ضرورة التوجه نحو تعبئة موارد البلاد المائية بطرق مستحدثة نوعا ما خاصة في ظل فترات الجفاف وخسارة حوالي مليون متر مكعب نتيجة للتبخر.
وأكد أن هنالك استنزافا كبيرا للمائدة المائية ونقص كبير في المجامع المائية ناتجة عن ضعف تساقط الأمطار كما أن الدولة لم تطرح حلولا استباقية لهذه الأزمة.
وأشار إلى ضرورة فرض العديد من الإجراءات أهمها تركيز محطات لتحلية مياه البحر إلى جانب إيقاف عدة إجراءات يومية كملأ حمامات السباحة والإعلان عن حالة الجفاف ككارثة طبيعية في بلادنا.
ويكبد الجفاف المستمر في تونس للعام السابع على التوالي المزارعين خسائر فادحة حيث يشكل النقص في الموارد المائية في البلاد عبئا ثقيلا خاصة على القطاع الزراعي الذي يستهلك ما يقارب 80 بالمائة من موارد البلاد المائية.
وفي ضوء ندرة المياه يتأثر موسم حصاد الحبوب ويتقلص إنتاج زيت الزيتون والخضر والغلال ويصعب توفير المراعي لقطعان المواشي بما يؤثر على المنظومة الغذائية برمتها في تونس.
aXA6IDE4LjIyNC41NC42MSA= جزيرة ام اند امز