زيتون تونس.. جني مبشر وآمال كبيرة للمزارعين والاقتصاد
انطلق موسم جني الزيتون في مختلف المحافظات التونسية وتعلق عليه السلطات التونسية آمالا كبيرة من أجل دعم رصيد العملة الصعبة في البلاد.
ويبلغ احتياطي العملة الصعبة في تونس 121 يوم توريد، وفق آخر أرقام رسمية.
ويستبشر المزارعون التونسيون بتوقعات بمحاصيل هامة، وسط تراجع الإنتاج العالمي بسبب التغيرات المناخية وحالة الجفاف، التي ضربت عددا من الدول المنتجة وفي مقدمتها إسبانيا.
ولدى التونسيين عادات في انطلاق موسم جني الزيتون، فيحتفون بهذه العادة تكريما لهذه الشجرة المباركة.
ويعتبر طلوع شمس أول نهار جني ثمار الزيتون حدثا مهما لدى جميع ساكني القرى والمزارع "الضيعات"؛ حيث يبدأ اليوم بفرش البساط تحت الشجرات وتركيب السلالم وتُقطف الزيتونة باليد مع تعالي أصوات النساء بأهازيج الفرح وترديد المواويل والأغاني. حتى الأطفال يشاركون هذا العرس السنوي، فدورهم يكون في جمع الزيتون الذي يسقط أرضاً خارج البساط الذي يفرش.
أما النسوة المسنات فيفترشن الأرض وأمامهن أكداس من الزيتون لتنقيتها من الأوراق وتصفية الحبات وفصلها عن الأتربة العالقة بها بواسطة ‘غربال‘ ثم يضعنها في أكياس يقع تجميعها وآخر اليوم تنقل إلى المعاصر لرحيها واستخراج الزيت.
ويفضل المزارعون إعداد الطعام في الطبيعة، على النار في الموقد من أجل الاستمتاع برائحة المأكولات اللذيذة والتي دائما تصاحبها كؤوس من الشاي والذي يكون عادة ثقيلاً كمصدر للطاقة كما يتم اصطحاب الحلويات تعبيراً عن فرحهم بهذه الثمرة المباركة.
وتمضي العائلات أياماً طويلة في جني الزيتون في جو احتفالي قبل استخراج الزيت وتقاسمه بين أفراد العائلة وبيع الفائض منه.
ويحرص التونسيون على غرس شجرة الزيتون "الشجرة المباركة" في منازلهم أو أمامها وفي شوارع بعض المدن.
- الأمطار تتأخر على تونس.. تغير المناخ يهدد الأمن الغذائي لـ12 مليون نسمة
- تونس في عام اقتصادي صعب: النمو مستمر والدينار مستقر بعيدا عن صندوق النقد
ارتفاع سعر الزيت
وتوقعت وزارة الزراعة محصولاً بنحو مليون طن من الزيتون، ما يمكن من إنتاج 200 ألف طن من الزيت بعد تعافي الإنتاج نتيجة التساقطات المطرية التي سجّلت خلال شهر يونيو/حزيران الماضي ،وذلك بزيادة بنسبة 11% عن إنتاج الموسم الماضي
ويستأثر زيت الزيتون على نحو 50% من الصادرات الزراعية في تونس، كما يعد من أبرز مصادر النقد الأجنبي إلى جانب الفوسفات والسياحة وتحويلات التونسيين بالخارج.
وسيؤدي ارتفاع سعر زيت الزيتون على المستوى العالمي إلى ارتفاعه في الأسواق المحلية بتونس، علما أن الاستهلاك المحلي لا يتجاوز 20% من الإنتاج أي حوالي 40 ألف طن.
من جهته، أكد شكري الرزقي نائب رئيس الاتحاد التونسي للزراعة أن الجفاف أثر على الدول الكبرى المنتجة للزيتون مثل إسبانيا وإيطاليا واليونان من خلال نقص الإنتاج كما أثر كذلك على تونس.
وأوضح في تصريحات لـ"العين الاخبارية" أنه كلما قلّ إنتاج الدول المنتجة ارتفع السعر في السوق العالمية، موضحا أن السلطات التونسية تسعى إلى تصدير كميات هامة من زيت الزيتون باعتبارها في حاجة لموارد مالية بالعملة الصعبة.
وأكد أن أسعار زيت الزيتون ستكون هذه السنة باهظة بالنسبة للتونسيين، لكن في المقابل يجب أن يتمكن المزارع من تغطية تكلفة الإنتاج وتحقيق الأرباح خاصة أنه يتحمّل غلاء الأسمدة والأدوية وأجهزة الري المستوردة بالعملة الصعبة.
وسبق أن توقّع الرئيس المدير العام للديوان الوطني للزيت (حكومي) حامد الدالي أن تبلغ التقديرات الأوّلية لإنتاج زيت الزيتون للموسم القادم حوالي 200 ألف طن، وهو المعدّل العام للإنتاج خلال الـ10 سنوات الأخيرة ويتجاوز معدل إنتاج الموسم الفارط.
وقال الدالي إنّ الإنتاج العالمي سيكون تقريبا في نفس مستوى الموسم الفارط، أيّ في حدود 2.7 مليون طن، وهذا راجع أساسا للعوامل المناخية العالمية خاصة الجفاف وموجات الحرّ التي شهدتها أغلب دول العالم.
وبيّن الدالي أنّ سوق زيت الزيتون هي حرة وتتحدّد فيها الأسعار حسب قاعدة العرض والطلب وهي متغيرة عند الإنتاج، خصوصا في إسبانيا على اعتبار أنّها البلد المرجع في السوق العالمية لزيت الزيتون.
وأضاف أنّ الأسعار المتداولة خلال الموسم الماضي كانت بين 15 دينارا (نحو 5 دولارات) للتر الواحد في بدايته لتبلغ فيما بعد 28 ديناراً بسبب كثرة الطلب وتراجع المنتوج، معتبراً أنّ هذه الأسعار يمكن أن تزيد أو تنقص حسب عدة عوامل.
وأرجع تغير الأسعار إلى عدّة عوامل، أبرزها التغير المناخي خلال الأشهر القليلة القادمة وربط احتمال انخفاض الأسعار بانطلاق موسم الجني في إسبانيا وارتفاعها بتطور الطلب لدى البلدان المستهلكة لزيت الزيتون.
وتشكل تونس نموذجاً فريداً ضمن المنطقة العربية، وضمن كبرى الدول المصدرة لزيت الزيتون في العالم، فهي البلد الوحيد الذي يصدر كميات تفوق بكثير ما يستهلكه داخلياً من محصول زيت الزيتون، وهو ما يجعل هذه المادة ذات موقع استراتيجي في الإنتاج وإيرادات التصدير، حيث أنتجت تونس العام الماضي أكثر من 261 مليون لتر، ولم تستهلك سوى 32.6 مليون، في حين تصدر البلاد 223.3 مليون لتر، وتحتل المرتبة الثالثة عالمياً في تصدير زيت الزيتون بعد كل من إسبانيا وإيطاليا.
aXA6IDE4LjExOC4xOS4xMjMg جزيرة ام اند امز