قضية «التسفير».. إخوان تونس يراهنون على الوقت في تحقيق عابر للقارات

حذر مراقبون من أن قادة تنظيم الإخوان يراهنون على الوقت للإفلات من أبرز قضية إرهابية يجري التحقيق معهم فيها.

وينقضي أجل الحبس الاحتياطي بعد 14 شهرا من التحقيق ما يعني أن شهورا قليلة تفصل قادة الجماعة عن إطلاق سراحهم في قضية تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر.

وتحركت أوراق القضية نهاية العام الماضي للتحقيق في دور قادة حركة النهضة الإخوانية في تسفير شباب تونسي إلى القتال في سوريا مع تنظيمات إرهابية خلال الفترة بين 2012 و2013.

وطالب نشطاء ومراقبون بتسريع وتيرة التحقيقات والاستفادة من الجانب السوري لاستكمال أركان القضية، خاصة في ضوء الأبعاد الإقليمية والمتشعبة للملف.

وتحتجز سلطات التحقيق في تونس 100 قيادي إخواني على ذمة القضية، أبرزهم رئيس الحكومة الأسبق علي العريض، ونور الدين البحيري وزير العدل الأسبق، والبرلماني الإخواني السابق محمد فريخة.

كما تم حبس كادرين من الإخوان هما فتحي البلدي، وعبدالكريم العبيدي المتهمين في ملف الجهاز السري لحركة النهضة.

وفي 20 ديسمبر/ كانون الأول 2022، قرر القضاء التونسي حبس علي العريض على ذمة قضية "تسفير تونسيين إلى بؤر التوتر خارج البلاد".

ويوم 23 أغسطس/آب 2022 تم التحقيق مع وزير الشؤون الدينية الأسبق نور الدين الخادمي على خلفية شبهات بتورطه في جرائم إرهابية ومالية تتعلق بملف تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر، قبل أن يقرر المحققون منعه من السفر.

كما تم حبس الإخواني البارز ذو الأفكار المتطرفة الحبيب اللوز في قضية التسفير.

كما تم التحقيق مع نور الدين البحيري وزير العدل الأسبق (يقبع حاليا في السجن) بسبب تورطه في قضية تتعلق بمنح وثائق رسمية وجوازات سفر على نحو مخالف للقوانين لتسهيل عملية التسفير.

ويرى مراقبون أن البحيري لعب دورا مفصليا في التعتيم على ملف تسفير التونسيين إلى بؤر التوتر والإرهاب.

كما تشمل قائمة الأشخاص المتورطين في التسفير؛ وأبرزهم الأئمة الذين كانوا يقومون بالدعوة للالتحاق ببؤر التوتر ودورهم في ذلك، وقائمة الجمعيات المشبوهة ودورها في التمويل على غرار جمعيتي "نماء الخيرية" و"مرحمة"، وقائمة السياسيين ودورهم كفاعلين أصليين في توفير الدعم السياسي والمالي علاوة على قائمة الكوادر الأمنية ودورها في تسفير الشباب؛ خصوصاً المكلفين أمن المطارات.

تحذيرات

من جهتها، أعلنت البرلمانية التونسية فاطمة المسدي الأحد أنه "لم تعد تفصلنا سوى أشهر قليلة على انقضاء الآجال القانونية لمدة الاحتفاظ المخولة وختم الأبحاث من قبل قاضي التحقيق المتعهد بملف شبكات التسفير إلى بؤر التوتر فيما يتعلق بمجموع المتهمين المحالين في حالة إيقاف أو حالة سراح".

وأكدت أنه" في هذا الإطار وجب الانتباه إلى أن جزءا مهما من الحقيقة في هذا الملف العابر للحدود تكمن فيما تتحوز عليه السلطات السورية من معطيات ومعلومات دقيقة وهامة حول الأطراف المتورطة في تسفير الشباب إلى بؤر التوتر وتسهيل ذلك في سياق سياسي منظم ".

وتابعت "اليوم أمام عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين سوريا وتونس ومباشرة كل من السفيرين لمهامها، لا بد من التسريع ومسابقة الزمن إما بتكوين فريق قضائي وأمني والتحول إلى الأراضي السورية بغاية الاستماع للإرهابيين المودعين بالسجون هناك أو القيام بإنابة قضائية دولية والحصول على كل المعطيات التي وجب إضافتها لملف التحقيق التونسي وبحث إمكانية تسلم هذه العناصر ".

وأكدت أن جماعة الإخوان تمني نفسها بانقضاء الآجال دون تمكن القضاء التونسي ووزارات العدل والداخلية والخارجية من انهاء التحقيق المطلوب.

ووفق اللجنة التونسية لمكافحة الإرهاب (حكومية)، في 2019، فإن "عدد التونسيين في بؤر الصراع بلغ حوالي 3 آلاف، عاد منهم إلى تونس 1000 عنصر إرهابي، وذلك منذ 2011 وحتى أكتوبر/تشرين الأول 2018".

وكانت فاطمة المسدي هي التي تقدمت شهر ديسمبر/كانون الأول 2021 بشكاية قضائية لفتح ملف التسفير إلى بؤر الإرهاب كما تقدمت بمعطيات مهمة لطالما عملت حركة النهضة الإخوانية على طمسها خلال العشر سنوات الماضية.

وقبل نحو شهر، كشف السفير التونسي لدى دمشق محمد المهذبي أن سلطات بلاده تتعاون مع نظيرتها السورية في إطار تفكيك ملف متشعب يتعلق بالإرهابيين التونسيين في سوريا وهو ملف يتوقع أن يشكل محل تركيز الحكومتين السورية والتونسية بعد استئناف العلاقات على طريق تفكيك ألغاز شبكات التسفير والمتورطين فيها.

وبدأت السلطات التونسية منذ عام 2017 التحقيق في دور تنظيم الإخوان في تسهيل سفر مئات التونسيين إلى سوريا للمشاركة في الحرب الأهلية هناك ضمن جماعات إرهابية.

كما تم في العام نفسه تشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في الملفات التي وصلت إلى البرلمان حول تورط الإخوان في ملف التسفير لكن النهضة لعبت دورا كبير لوقف التحقيقات.

وحسب تصريحات سابقة لعدد من الأمنيين، فقد لعب تنظيم الإخوان دورا رئيسيا في تسهيل عبور الإرهابيين عبر مطار قرطاج إضافة إلى تدريب عدد من الشباب على استعمال الأسلحة في 3 مراكز تابعة لوزارة الداخلية وتمرير حقائب من الأموال.