بحيرة «إشكل» في تونس.. نموذج للتنوع البيولوجي
تتمتع تونس بمناظر طبيعية خلابة تأسر الزائرين ولعل بحيرة "إشكل" الواقعة بمحافظة بنزرت شمالي البلاد من أجملها وأشهرها.
وتقع بحيرة إشكل في أقصى نقطة في البلاد التونسية وهي تتبع المحمية الطبيعية "إشكل".
تتصل بالبحر الأبيض المتوسط عن طريق البحيرة الشاطئية لبنزرت، وتبلغ مساحتها 12600 هكتار، وتعود تسمية المحمية إلى جبل إشكل الذي يتوسطها صامدا على مر العصور وشاهدا على حقب تاريخية مختلفة.
وتمثل مساحة البحيرة ملتقى لـ 6 أودية و6 أنواع رئيسية من المياه العذبة المتأتية من أودية "دويميس، سجنان، الملاح، غزالة، جومين، تينجة"، ما يتسبب في ارتفاع نسبة الماء العذب في البحيرة في فصل الشتاء.
أما في فصل الصيف فإن انخفاض منسوب مياه الأودية التي تزود البحيرة بالماء العذب يفسح المجال لدخول مياه البحر المتوسّط، لترتفع بذلك نسبة ملوحة المياه لتفوق نسبة 50 جراما في اللتر الواحد نظرا لقلة الـمياه اِلآتية من القارات ونظرا لارتفاع نسبة التبخر ودخول المياه المالحة من جهة بنزرت.
صنفت منظمة "يونسكو" بحيرة إشكل ضمن التراث الإنساني واعتمدتها تونس محمية طبيعية باعتبارها تحتوي على أسماك نادرة ونحو 200 ألف طائر.
وقد شكّلت البحيرة والجبل المرتفع عن سطح البحر 511 مترا عامل جذب للرومان والقرطاجيين لجمال تموقعها وقد تركوا خلفهم آثارا تدل على استيطانهم المكان آلاف السنين.
وخلال السنوات الماضية، عثر علماء الآثار بتونس على أضرحة وقبور وأوان فخارية وآثار تعود لإنسان ما قبل التاريخ، كما عثر في "عين الراقدة" على ما يرجح أنها بقايا حيوان الماموث الذي يعود إلى ملايين السنين.
في عهد الدولة الحفصية ( 1229 و1574 للميلاد) كانت محمية إشكل متنفسا للملوك والأمراء لممارسة الصيد ثم احتكرها البايات خلال الحكم العثماني.
كما توجد في إشكل عيون مياه كبريتية ساخنة على غرار عين النقراز ويستغل البعض مياه هذه العيون للتداوي.
تضم محمية إشكل حوالي 600 نوع من الأشجار على غرار الخروب دائمة الخضرة والتي تنتشر بكثافة في المنطقة المتوسطية، كما تضم أنواعا لا تحصى من النباتات والشجيرات التي تنمو وتتكاثر بسبب التساقطات المهمة على المحمية خلال فصل الشتاء على وجه الخصوص. وتضم أيضا أنواعا رائعة من الزهور منها زهور الأوركيد.
وقال خالد العرقوبي ناشط بالمجتمع المدني بمحافظة بنزرت إنّ بحيرة إشكل تستقطب عددا مهما من السياح والزوار سنويا.
وأكد لـ"العين الإخبارية" أن بحيرة إشكل تتميز بجمال رهيب حيث تحيط بها أشجار ونباتات وحيوانات نادرة الوجود.
وأشار إلى أنه بالرغم مما تزخر به هذه المنطقة من خصائص طبيعية إلاّ أنه لا يوجد اهتمام كبير من قبل السلطات التونسية، خاصة في ظل انعدام الأمطار التي تمكن هذه البحيرة من التزود بالمياه.
وأشار إلى أن الحديقة تعاني من مخاطر عدة منها ارتفاع درجة ملوحة البحيرة بسبب نقص كمية المياه العذبة التي تصلها من جراء تعدّد السدود في المنطقة ونتج عن ذلك تقلّص عدد الطيور المهاجرة التي تقتات من نباتات المياه العذبة.
وتابع: "في إشكل عيون مياه كبريتية ساخنة على غرار عين النقراز ويستغل البعض هذه المياه للتداوي، لكن فعليا لم تتم إقامة محطات استشفائية في محيط هذه العيون".
وأوضح أن الأصل الجيولوجي لجبل إشكل الذي يحيط بهذه البحيرة يعود إلى الحقبتين الثالثة والجوراسية، بينما تتكون السهول المحيطة به من رواسب ترجع إلى الحقبة الرابعة.