الجفاف يتفاقم في جنوب تونس.. واستهلاك المياه الجوفية يصل إلى السقف
يعاني أهالي جنوب تونس من نقص حاد في المياه الصالحة للشرب بسبب الجفاف الناتج عن قلة تساقط الأمطار، ما أدى إلى وصول استهلاك المياه الجوفية إلى الحدود القصوى.
ومنذ سنوات تعرف تلك مناطق الجنب التونسي اقتطاعات في المياه الصالحة للشرب وزادت تفاقما في الأشهر الأخيرة بسبب التغيرات المناخية ما جعل أهالي الجنوب وخاصة بمحافظة قفصة، ينفذون وقفات احتجاجية.
وأقرت السلطات الزراعية إجراءات مستعجلة نهاية مارس/آذار من أجل التحكم في الموارد المائية، وأقرت نظام الحصص للتزود بالمياه الصالحة للشرب، كما منعت استعمال المياه في الزراعة وري الحدائق وغسل السيارات حتى سبتمبر/أيلول المقبل.
وترتفع حدة المشاكل المتعلقة بالموارد المائية في تونس من ندرة وتملح وتلوث، خاصة في مناطق الجنوب القاحلة التي يقل فيها تساقط الأمطار.
تفشي حفر الآبار
ويهدّد خطر نفاد الموارد المائية مناطق الجنوب التونسي بسبب تفشّي حفر الآبار بطريقة عشوائية واستغلال المياه للريّ دون مراعاة الخصوصيات الجغرافية للجهة.
وتفيد المعطيات الرسمية لوزارة الزراعة التونسية بأن عدد الآبار العميقة في المنطقة تجاوز الـ10 آلاف، المئات منها عشوائية وغير مرخصة.
كما أفادت وزارة الزراعة بأن نسبة استغلال الطبقات المائية الجوفية في الجنوب التونسي تعد مرتفعة جدا وتصل إلى 155 بالمئة في محافظة قبلي (جنوب غربي)، وفي توزر (جنوب غربي) 84 بالمئة، وفي قفصة (جنوب غربي) 76 بالمئة.
ويرى الباحث في السياسات المائية صفوان السعدي أن 80% من المنشآت المائية في تونس تستحوذ عليها مناطق الشمال والساحل من خلال السدود، بينما لا يوجد في الوسط والجنوب الكثير من هذه المنشآت حيث يتزود الجنوب بالمياه الجوفية عبر الآبار العميقة.
وأكد في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن محافظة قفصة على سبيل المثال تعاني من العطش وانقطاعات يومية لمياه الشرب منذ سنوات، كما فرضت السلطات التونسية في مارس/آذار الماضي قرارا بقطع المياه لمدة ثماني ساعات.
وأشار إلى أن نقص المياه يمثل مشكلة كبيرة في الجنوب التونسي بسبب العوامل المناخية وشح الأمطار وبسبب استعمال جزء كبير من المياه في غسل الفوسفات، وهو ما أثر على كميات استهلاك المواطن للمياه.
الحد من الصادرات الزراعية
من جهة أخرى، دعا السعدي إلى الحد من تصدير المواد الزراعية للخارج كالتمور التي تسقى في واحات في الجنوب التونسي من مصادر مياه جوفية بشكل غير قانوني.
والخميس، قال كاتب الدولة المكلف بالمياه رضا قبوج، إنه من المنتظر استكمال أشغال محطة تحلية مياه البحر بالزّارات بمحافظة قابس جنوب شرقي البلاد، التي بلغت مرحلتها الأخيرة، نهاية شهر ديسمبر/كانون الأول المقبل، وهو ما سيساعد على دعم الموارد المائية المخصصة للشرب بولايات الجنوب خاصة في قابس ومدنين وتطاوين.
وبين قبوج أنّ استراتيجية تونس لمعالجة شحّ المياه في الجنوب تقوم على تأمين الحاجيات من مياه الشرب بتحلية مياه البحر وأنه يتم لذلك التفكير في توسعة المحطة وبرمجة إنجاز محطات أخرى بعدد من محافظات البلاد.
يشار إلى أنّ طاقة الإنتاج اليومية لمحطة تحلية مياه البحر بالزارات تقدر بـ50 ألف متر مكعب، قابلة للتوسعة إلى 100 ألف متر مكعب.
وسينتفع بالمياه المحلاة بهذه المحطة 1.1 مليون ساكن من محافظات قابس ومدنين وتطاوين (جنوب).
وتصنف تونس ضمن الدول التي تعاني شحًّا في المياه، إذ سجلت حصة الفرد أقل من 500 متر مكعب من المياه سنويًا، مقارنة مع 700 متر مكعب كمتوسط عالمي، وهو ما تعتبره منظمة “GIZ” الألمانية غير الحكومية التي تشرف على دراسة استغلال الماء في تونس، معدلا ضعيفا.
وتشير إحصائيات رسمية إلى أن معدل الموارد المائية للفرد الواحد في انخفاض متواصل، على أن يصل إلى أقل من 350 مترا مكعبا في السنة مع حلول عام 2020 نتيجة ارتفاع نسق الاستهلاك وتراجع منسوب المياه المخزنة.