التغيرات المناخية.. تحديات عالمية وتونس أكبر المتضررين
باتت التغيّرات المناخية ومشاكل الاحتباس الحراري أكثر تأثيراً في حياة التونسيين لتلقي بظلالها على جميع القطاعات والمجالات.
وتعتبر تونس من بين الدول الأفريقية التي تعاني من آثار التغيرات المناخية وذلك حسب عديد المؤشرات المقدمة من وزارة الفلاحة التونسية التي تتعلق بدرجة الحرارة المرتفعة بشكل ملحوظ مقارنة ببقية دول العالم، فضلاً عن انخفاض نسبة هطول الأمطار سنوياً ومستوى تعبئة السدود وتوسع مناطق التصحر خاصة في الجنوب وتقلّص الغطاء الغابي بالشمال الغربي نحو الجزائر.
وعن أسباب هذه التغيرات المناخية، قال عادل الهنتاتي الخبير في البيئة والتنمية المستدامة، إنّ "الارتفاع الخطير لدرجات الحرارة في العالم يعود إلى تفاقم الأحداث المناخية القصوى والتي بدورها تُعتبر دليلًا على تحولات كبرى في المناخ".
وأكد في تصريحات لـ"العين الاخبارية" أن ظاهرة التغيرات المناخية هي ظاهرة عالمية بدأت منذ القرن الماضي وهي متأتية من أضرار الانحباس الحراري وانبعاثات ثاني أوكسيد الكربون والأنشطة البشرية .
وأشار إلى أن الغلاف الجوي أصبح يحتبس الحرارة وأدى ذلك إلى اضطراب في توازن الكتل الهوائية التي تتسبب في الضغط الجوي.
وتابع" ارتفعت درجات الحرارة في المحيطات وخاصة في المحيط الهادي؛ حيث تدفق تيار بحري كبير جدًّا وساخن وسط وشرق المحيط الهادئ الاستوائي، الذي يعطي حرارة كبيرة للأرض والجوّ ما تسبب في تراجع الثروة البحرية وفي ارتفاع درجات الحرارة التي تسببت بدورها في الأمطار الغزيرة في آسيا الشرقية".
- وزير الاقتصاد التونسي لـ"العين الإخبارية": الوضع الاقتصادي صعب
- ديون تونس واحتياجاتها.. هل تتجه نحو أكبر أزمة اقتصادية في تاريخها؟
وأضاف الهنتاتي أنّ معدل حرارة البحر المتوسط ارتفع بمعدّل 5 درجات أكثر من المعتاد، في معدل 100 متر عمقاً، لافتًا إلى أنّ حرارة ماء البحر هي السبب وراء ظهور كائنات حية جديدة.
وأوضح الخبير البيئي أن هناك بعض الأنواع التي تعيش في المياه الساخنة أتت من البحار المدارية، البعض منها يُعتبر سامًّا، إلى جانب ظهور بعض الأسماك.
من جهة أخرى، تحدث الهنتاتي عن تأثيرات هذه التغيرات مؤكدا أنها أثرت على المحاصيل الزراعية في تونس كما أن الأمطار تقلصت في مناطق وارتفعت في مناطق أخرى من العالم .
وتابع" أسماك بحرية هجرت مناطقها ووصلت أسماك أخرى للبحر المتوسط من البحر الأحمر وقناة السويس والمحيط الأطلسي".
وأشار إلى أن الغابات في تونس تحتضن أصناف من الحيوانات والنباتات التي لا تحصى ولا تعد، موضحاً أن الحرائق التي نشبت في غابات عدة في تونس بسبب ارتفاع درجات الحرارة، تسببت في تدهور هذه المنظومات.
وشدد على ضرورة التعامل الذكي مع التغيرات المناخية، والحد من وطأة تبعاتها الكارثية، داعياً بلاده إلى أخذ احتياطاتها اللازمة.
وأشار إلى أن منسوب البحر ارتفع في عدد من المناطق الساحلية في تونس، موضحاً أن جزيرة قرقنة جنوب شرقي البلاد مهددة بالغرق لكن تونس تتخذ جميع احتياطاتها لمنع الخطر .
وأكد أن هناك تحسن ملحوظ في كيفية مواجهة وإخماد الحرائق في تونس التي نشبت في الغابات، داعياً إلى أن" نكون أكثر تهيئة ووعيا".
ودعا الصناديق الأممية إلى أن تقلل من هذه التغيرات المناخية وتدعم البلدان المتضررة من ذلك، واصفاً تونس بأنها من الدول الضحية التي لا تستطيع لوحدها مجابهة هذه التغيرات.
خبير يحذر
من جهة أخرى، نبه الخبير في المجال المناخي والبيئي حمدي حشاد من عدم تبني السلطات في تونس لسياسات ولاستراتيجية للتعامل مع التغيرات المناخية والحدّ من العوامل المساهمة فيها.
وأكد أن ذلك سيكون له انعكاسات كارثية، داعياً إلى ضرورة وضع مخطّط يتضمّن تكثيف الاعتماد على الطاقات المتجدّدة وحوكمة استغلال المياه وعقلنة الاستهلاك ورفع مستوى التشجير واعتماد نموذج تهيئة عمرانية صديقة للبيئة.
كما أشار إلى ضرورة تدعيم المناطق الخضراء والغابات ورفع نسق التشجير واعتباره كأولوية مطلقة وتصنيفه كمسألة أمن قومي.
وأشار إلى أنه من المؤكد إعادة النظر في نموذج التهيئة العمرانية وتبني نموذج يقوم على إنشاء بناءات صديقة للبيئة وسكن ملائم لمختلف الفصول.
وسبق أن قالت وزيرة البيئة التونسية ليلى الشيخاوي، إن تونس من بين البلدان الأكثر هشاشة لتأثيرات التغيّرات المناخية.
وبيّنت وزيرة البيئة أن تونس تعدّ من أكثر الدول تضرّرا من الانعكاسات السلبية للتغيرات المناخية في مستوى شح مياه الأمطار، مشيرة إلى أن التغيّرات المناخية تفرض اعتماد سلوكيات تساعد على التأقلم مع تأثيرات الظرف المناخي المتغيّر باستمرار، من بينها الانخراط في ترشيد الموارد المائية.
كما أكدت أنه لتنفيذ وتطبيق الاستراتيجيات المتعلقة بالتغيرات المناخية والمحافظة على البيئة لابد أن تتحصل تونس على تمويلات تصل إلى حوالي 20 مليار دولار منها 12 مليار دولار تقدم من شركاء تونس الدوليين خلال المدة الممتدة بين 2021 و 2030.
وشددت الشيخاوي على أن التغيرات المناخية لا تمس بلداً فقط وأن المشاريع للمحافظة على البيئة ستؤثر إيجاباَ على كل البلدان لذلك لابد من إسهام شركاء تونس في تمويل هذه الاستراتيجية.
aXA6IDE4LjExOS4xMjQuNTIg جزيرة ام اند امز