تثبيت الفائدة في تونس.. هل يدعم الاقتصاد؟
وسط مخاطر تضخمية مرتفعة في تونس يرى البنك المركزي أن القرار المناسب حاليا هو تثبيت الفائدة.
أبقى البنك المركزي التونسي، السبت الماضي، على سعر الفائدة القياسي دون تغيير عند 8%، مشيرا إلى أن تكاليف الاقتراض متسقة مع توقعات التضخم.
واعتبر مجلس إدارة البنك المركزي، في بيان، أن الإبقاء على سعر الفائدة دون تغيير يأتي بفعل استمرار التضخم في مستويات مرتفعة نسبياً ووجود مخاطر ملموسة، على المدى القصير والمتوسط، يمكن أن تؤثر على استقرار الأسعار وتعيق مسار تعزيز القدرات الاقتصادية والمالية للبلاد.
وأفاد بيان مجلس إدارة البنك المركزي الذي صدر، عقب اجتماعه، الذي استعرض فيه آخر التطورات الاقتصادية والمالية على الصعيدين الدولي والمحلي، وكذلك آفاق التضخم، أن المسار المستقبلي للتضخم لا يزال محاطا بالعديد من المخاطر المتنامية، وسيكون رهن تطور الأسعار العالمية للمواد الأساسية والمواد الأولية والقدرة على إدارة اختلالات المالية العمومية.
وقال البنك إنّ التضخم سيبلغ في المتوسط 7% هذا العام قبل أن ينخفض إلى 6.2% في عام 2025.
ويستقر سعر الفائدة في مستويات عالية منذ ديسمبر/كانون الأول 2023، بعد زيادة الفائدة الرئيسية بـ75 نقطة أساس لتصل إلى 8%، وكان الرفع الثالث في ذلك العام.
ويرى خبراء الاقتصاد في تونس أن تثبيت سعر الفائدة لا يستجيب لقطاع الأعمال، مرجحين خفض سعر الفائدة في بداية السنة المقبلة.
وقال الخبير الاقتصادي التونسي هيثم حواص لـ"العين الإخبارية" إن تونس رفعت نسبة الفائدة الرئيسة منذ أواخر عام 2022 إلى مستوى 8% بإضافة 75 نقطة أساس، وكان متوقعاً حينها لمجابهة التضخم المرتفع الذي بلغ مستويات قياسية وكبح جماح القروض.
وتوقع بأنه مع انخفاض نسب التضخم خلال السنة المقبلة، هناك إمكانية في تخفيض نسبة الفائدة.
وأكد أن مجلس إدارة البنك المركزي التونسي لم يستجب لمطالب قطاع الأعمال، الذي كان يترقّب خفضا لسعر الفائدة عقب تسجيل تراجع مهم في نسبة التضخم، نظراً إلى أن هذا القطاع يعاني ارتفاع الفائدة على قروض الاستثمار.
نحو التحفيض
من جهة أخرى، فسر الخبير الاقتصادي رابح البوراوي نسبة الفائدة بأنها الأداة الرئيسية التي تستخدمها البنوك المركزية للتحكم في السياسة النقدية للبلاد، وتمثل هذه النسبة السعر الذي يقترض به القطاع المصرفي من البنك المركزي.
وأكد لـ"العين الإخبارية" أن هذه النسبة تعتبر مؤشراً رئيسياً لتحديد تكاليف الاقتراض والإقراض داخل الاقتصاد.
وأفاد بأن البنك المركزي يستعد للتخفيض في نسبة الفائدة مع بداية العام ولكن يريد التأكد من أن نسب التضخم ستتراجع إلى ما دون 7%، حيث إن هذا المستوى يبقى مرتفعاً مقارنة بالنسب التي كانت تشهدها تونس في السابق.
ورجح أن يعدّل البنك المركزي رؤيته بشأن سعر الفائدة في حال نجاح الحكومة في حوكمة مسالك التوزيع وتحسين العرض في السلع لمكافحة أسباب التضخم.
ويرى أن لسعر الفائدة المكلف تداعيات على قطاعات حيوية، من بينها التطوير العقاري الذي دخل في مرحلة ركود شامل بسبب عدم قدرة التونسيين على الحصول على القروض البنكية.
وكان الاقتصاد التونسي سجل نمواً بنسبة 1% في الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، وفق بيانات المعهد الوطني للإحصاء نشرت في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
ونما الاقتصاد التونسي في الربع الثالث من العام الجاري، بنسبة 0.8% مقارنة بالربع الثاني، بينما نما بنسبة 1.8% باحتساب التضخم.
وأرجع المعهد تحسن مؤشرات النمو إلى انتعاش أنشطة القطاع الزراعي بعد سنوات من التراجع بسبب تداعيات التغير المناخي.