خطة الإصلاح الاقتصادي.. هل تنجح تونس في تقليص شروط الصندوق؟
مثلت اجتماعات الربيع فرصة لتونس لإمكانية التوصل إلى توافق جديد مع الصندوق، بشأن الإصلاحات الاقتصادية التي لم تتمكن السلطات من تنفيذها.
وشارك وفد تونسي رفيع المستوى في اجتماعات الربيع لمجموعة البنك وصندوق النقد الدوليين، التي جرت الأسبوع الماضي، وضم الوفد محافظ البنك المركزي مروان العباسي ووزير الاقتصاد سمير سعيد.
وتنتظر تونس، التي تعاني صعوبات مالية بشدة، موافقة مجلس إدارة الصندوق لقرض بقيمة 1.9 مليار دولار مقابل الالتزام بحزمة إصلاحات لإنعاش المالية العامة، ودفع النمو الاقتصادي، لتتمكن من الخروج إلى الأسواق المالية وتعبئة الموارد لموازنة هذا العام، وكذلك سد فجوة موازنة 2022 التي لم يتم إغلاقها إلى الآن.
وتشمل الإصلاحات نظام الدعم والمؤسسات العمومية المتعثرة والتحكم في كتلة الأجور وغيرها من الإصلاحات الأخرى، وهي إجراءات قوبلت بتحفظ كبير من الاتحاد العام التونسي للشغل، المنظمة النقابية الأكبر في البلاد.
وكان يفترض أن يصدر مجلس إدارة الصندوق قرارا بشأنه في اجتماعه منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي، لكن المجلس قرر في الاجتماع تأجيل النظر في ملف تونس إلى موعد لم يحدد، في وقت تتفاقم فيه أزمة المالية العامة.
وسبق أن عبر الرئيس التونسي قيس سعيد عن رفضه الضغوط التي تمارسها الجهات المانحة على بلاده، والتي يقدمها صندوق النقد الدولي الذي يطالب برفع الدعم، حيث قال إن "إملاءات المقرضين غير مقبولة.. وإن خفض الدعم أدى إلى احتجاجات سقط فيها قتلى في تونس سابقا"، مضيفاً أن "السلم الأهلي ليس لعبة".
والخميس الماضي، قال مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي جهاد أزعور، خلال مؤتمر صحفي، على هامش اجتماعات الربيع بواشنطن، إن الصندوق يشتغل مع الحكومة التونسية على تخفيف سلبيات البرنامج الإصلاحي ودعم إيجابياته.
وفي فبراير/شباط 2023، شهد معدل التضخم في تونس ارتفاعاً غير مسبوق، بنسبة 10.4 في المئة في ظل استمرار تذبذب وفرة السلع الأساسية محلياً وارتفاع أسعارها عالمياً، بحسب المعهد الوطني للإحصاء.
وخلال اجتماعات الربيع، استعرض وزير الاقتصاد التونسي سمير سعيّد الخطوط الكبرى للبرنامج الوطني للإصلاحات، الذّي أعدته الحكومة التونسيّة مؤخرا.
وأعرب عن الحرص على تنفيذ البرنامج تدريجيا، بما يساعد على استرجاع نسق النمو واستعادة التوازنات المالية وتحسين الأوضاع الاجتماعية.
كما أشار إلى الإصلاحات الأخرى التّي تمّ إقرارها في علاقة بتحسين مناخ الأعمال والاستثمار، فضلا عما تضمنته الرؤية الاستراتيجية لتونس في أفق سنة 2035، والمخطط التنموي 2023-2025 من توجّهات كبرى وبرامج.
وثمّن وزير الاقتصاد والتخطيط بالمناسبة مساهمات البنك في دعم البرامج الإصلاحية وإنجاز العديد من المشاريع التنموية، مؤكدا الحرص على مواصلة هذا التعاون، خاصّة في المجالات الواعدة وذات الأولويّة على غرار الطاقات المتجددة، من ذلك مشروع الربط الكهربائي بين تونس وإيطاليا، إضافة إلى مواصلة المساهمة في توفير الدعم لفائدة المؤسسات الصغرى والمتوسطة.
فرصة مهمة
ويرى مراقبون أن مشاركة الوفد التونسي في اجتماعات الربيع شكلت فرصة كبيرة لمحاولة إقناع المانحين بضرورة التخفيف من الشروط المفروضة.
من جهته، دعا رابح بوراوي الخبير الاقتصادي التونسي إلى ضرورة أن تغير تونس من خطة التفاوض عن طريق تقليص الشروط والإملاءات، موضحا أن قبول الصندوق بتعديل خطة الإصلاح هو رهن قدرة الفريق الحكومي المفاوض على الوصول إلى اتفاق بحلول ناجعة.
وأكد، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن تونس قادرة على تخفيف سلبيات البرنامج الإصلاحي عبر تأجيل البند الخاص برفع الدعم عن الغذاء والمحروقات.
وأشار إلى أن القرض الذي تنتظره تونس من صندوق النقد الدولي ليس حلاّ للأزمة المالية في تونس، باعتبار أن قيمته تكفي سوى رواتب أربعة أو خمسة أشهر فقط، لكنه يمثل حلاّ على مستوى المانحين الدوليين لأن الصندوق يمثل ضمانة لهم.
وأكد أن حضور تونس باجتماعات الربيع كان فرصة لها لتوضيح رؤيتها ومدى استمرارها في تنفيذ الإصلاحات التي يطلبها الصندوق مقابل الحصول على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار.
من جهة أخرى، قال الهادي العمدوني، أستاذ الاقتصاد التونسي، إن عدم التعاون مع الصندوق سيؤدي إلى إنهاك رصيد العملة الصعبة وتراجع سعر صرف الدينار.
ودعا في تصريحات لـ"العين الإخبارية" إلى ضرورة إصلاح الموازنة العامة التي تشكو عجزا كبيرا وتقديم بعض التضحيات والتنازلات والتخفيف من التداعيات السلبية على الفئات الهشة لإخراج تونس من أزمتها الاقتصادية.
كما أكد أنه قد آن الأوان كي تعول تونس على نفسها عن طريق دفع صادرات القطاعات الحيوية، وأبرزها الفوسفات الذي عانى الكثير من الصعوبات في الفترة الماضية، إضافة لدعم قطاعات النسيج والصناعات الكهربائية والميكانيكية.
كما شدد على ضرورة التحكم في الواردات لتقليص العجز التجاري ودعم تحويلات التونسيين بالخارج وإنجاح الموسم السياحي وسن قانون للعفو عن جرائم الصرف.
aXA6IDMuMTQwLjE5OC4yMDEg جزيرة ام اند امز