"العين الإخبارية" تنقّب في خزينة إخوان تونس.. الغنوشي نموذجاً (الحلقة الثانية)
خزائن مُتخمة بالأموال فيما البلاد التي نُهبت منها تعاني وطأة الدين والأزمات الاقتصادية المتلاحقة، إنه إرث تنظيم الإخوان، والذي قبض على مفاتيح تونس طيلة عشرية من الزمان.
إنها "فئة فاسدة ومفسدة" نص اتهام وجهه أحد قادة "الإخوان"، شق طريقه إلى رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي الذي يمثل الأب الروحي للتنظيم الإرهابي في تونس.
شهادة بثها القيادي في حركة النهضة التونسية زبير الشهودي، في شهر سبتمبر/أيلول 2019، كشفت الكثير عن عائلة راشد الغنوشي، التي نسجت خيوطها العنكبوتية، على مفاصل الدولة التونسية، واستنزفت مقدراتها لصالح خزائنها التي تضخمت.
أساليب ملتوية
فمن عمولات أسلحة مرورًا بتسفير الشباب التونسي لبؤر التوتر إلى سندات التصدير والتوريد المشبوهة ومقايضة تحويلات المهاجرين بالعملة الصعبة، أساليب ملتوية اعتمدها زعيم حركة النهضة الإخوانية وعائلته، لتجميع ثرواتهم، من أفواه التونسيين.
تلك الأساليب "الملتوية"، جعلت من الغنوشي أحد كبار الأثرياء في تونس؛ فرغم راتبه الجامعي الزهيد، فإنه بات ونجلاه وصهره قابضين على ثروة "ضخمة" داخل البلد الأفريقي وخارجه.
ثروة قال عنها المحلل السياسي التونسي نجيب البرهومي، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إنها "تثبت تورط الرجل الثمانيني في سرقة ونهب أموال الشعب التونسي واستغلاله لوطن بأكمله لخدمة مخططاته الإجرامية وأجندات الإخوان"، على حد قوله.
وأوضح المحلل التونسي، أن الغنوشي لم يتقلد سابقا مناصب عليا في الدولة ولا في مؤسسات كبرى، مشيرًا إلى أنه أستاذ يتقاضى راتبًا لا يتعدى 2000 دينار (600 دولار)، إضافة إلى تقلده في 2019 منصب رئيس البرلمان الذي لا يتجاوز راتبه الشهري 2000 دولار.
وأشار إلى أن الغنوشي يواجه اتهامات في عدد من القضايا؛ أبرزها: الفساد المالي والإرهاب والاغتيالات وتسفير الإرهابيين إلى بؤر التوتر والتخابر على أمن الدولة، مؤكدًا أن لحظة الحساب ستكون قريبة جدا.
وأكد أن "حركة النهضة الإخوانية تلقت منذ 2011 أموالا طائلة من الخارج، بشكل يتعارض مع القانون التونسي الذي يمنع تلقي الأموال الخارجية، ويجبر الأحزاب والجمعيات على كشف حساباتها المالية ومصادر تمويلها".
تضييق الخناق
من جهة أخرى، قال المحلل السياسي التونسي حسن التميمي، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إنه بتجميد أموال الغنوشي وجماعته ومنعهم من السفر، "انعدم حجم نفوذهم داخل تونس وضاق الخناق عليهم، خاصة بعد اعتقال أغلب قياداتهم النافذة وتجميد أموالهم.
وكان القضاء التونسي فتح في 6 يوليو/تموز 2022 الملف المالي لحركة النهضة بعد استدعاء رئيسها راشد الغنوشي للتحقيق في شبهات تبييض أموال، قبل أن يأمر بتجميد أرصدته وأرصدة مجموعة من القيادات الأخرى والشخصيات المرتبطة بالحركة الإرهابية.
واعتقلت السلطات التونسية وزير الداخلية الأسبق ونائب رئيس حركة النهضة علي العريض، ووزير العدل الأسبق نور الدين البحيري، والإخوانيين الفرجاني ومحمد بن سالم والحبيب اللوز وعبدالكريم سليمان ومسؤول الإعلام في الحركة عبدالفتاح التاغوتي.
وبحسب التميمي، فإن أبناء الغنوشي سهيل ومعاذ وسمية وصهرهم وزير الخارجية الأسبق رفيق عبدالسلام، "فروا إلى الخارج بعد تجميد عمل البرلمان بساعات في 25 يوليو/تموز 2021 رفقة أموال ضخمة".
"لكنه وفقًا للإجراءات التصحيحية التي أقرها الرئيس قيس سعيد لدعم نزاهة وعدالة المؤسسات القضائية، فإن جميع قيادات الإخوان سيخضعون دون استثناء لمحاسبة قضائية"، بحسب المحلل التونسي الذي قال إن قادم الأيام تحمل حقائق وأسماء أخرى متورطة في قضايا "خطيرة".
ورغم تجميد جميع أرصدته داخل تونس فإن ثروة الغنوشي في الخارج ما زالت تتضخم، كونها موزعة في شكل ودائع بنكية في سويسرا، وحصص في شركات خارج تونس، بينها 3 شركات في فرنسا تنشط في مجال تجارة التوزيع، وهي "أحدث تقنيات تبييض وتهريب الأموال على غرار سندات التصدير والاستيراد المزيفة، أو تجميع المبالغ بالعملة الصعبة من المهاجرين مقابل خلاصها بالعملات المحلية في بلدان الإقامة".
مصادر الثروة
تقارير تونسية رسمية قالت إنه طيلة السنوات العشر الماضية، كانت الأموال تدخل تونس في شكل حقائب يشرف على كل منها أحد مسؤولي حركة "النهضة" المقربين من زعيم الحركة، وهو كاتب الدولة السابق للهجرة حسين الجزيري الذي يدير حقيبة ما يسمى جوازات السفر التي تحقق سنويا رقم معاملات لا يقل من 600 مليون دولار.
تلك المعاملات "الضخمة"، فسرت القرارات المتزامنة التي اتخذتها الترويكا عام 2012، لا سيما تمديد سنوات توريد السيارات من 3 إلى 5 أعوام، مقابل التقليص بنحو 15 ألف سيارة في حصة الاستيراد السنوية للقطاع المنظم.
قادة في قفص الاتهام
وبحسب تقارير محلية، فإن القيادي في حركة النهضة سيد الفرجاني يدير بالوكالة شبكة من كبار المهربين تدر مبالغ مالية ضخمة من خلال الاستيراد العشوائي لسائر أصناف السلع الاستهلاكية، وتتخذ من عائدات تسفير المرتزقة إلى بؤر الإرهاب، بابا لانتعاش خزائنها.
ثروة كان يديرها عدد من أقارب الغنوشى، بينهم نجلاه معاذ وسهيل، وصهره وزير الخارجية الأسبق رفيق عبد السلام، والذين هربوا إلى خارج تونس بعد 25 يوليو/تموز 2021.
ليس هؤلاء فحسب، بل إن الغنوشي حصل على 30 مليون دولار مقابل الوساطة في تهريب الأسلحة إلى ليبيا بعد تسهيل مرور أكثر من 20 شحنة أسلحة إلى ليبيا مقابل عمولات.
وبحسب التقارير، فإن أصابع الاتهام تتجه إلى حافظ أسرار الغنوشي، وهو صهره رفيق عبدالسلام، الذي يدير مجموعة من مراكز البحث والقنوات الإعلامية والشركات الخاصة.
وتورط عبدالسلام في "اختلاس" هبة صينية قدرها 500 مليون دولار عام 2012، ما زالت محل بحث قضائي، كما أن لصهر الغنوشي سوابق في قضايا أخلاقية عندما تقلد منصب وزير الخارجية إبان سقوط نظام زين العابدين بن علي.
وكان كريم الغربي صهر الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، قال في وقت سابق، إن الأخير ترك في خزينة البلاد 5.8 مليار دينار (نحو ملياري دولار أمريكي)، مشيرًا إلى أن هذه الأموال اختفت مع وصول راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الإخوانية إلى الحكم في انتخابات سنة 2011.
aXA6IDE4LjIxOC4yLjE5MSA= جزيرة ام اند امز