تعديلات باتفاقية التبادل الحر بين تونس وتركيا.. ما السبب؟
تسعى السلطات التونسية إلى تقليص عجز الميزان التجاري عن طريق خفض الاستيراد وإهدار العملة الصعبة وذلك من أجل تحقيق إصلاح اقتصادي.
وتجسدت هذه العملية من خلال إعلان وزارة التجارة مراجعة اتفاقية التبادل الحر مع تركيا، حيث وقعت تونس وتركيا، قرار مجلس الشراكة التونسي التركي في إطار اتفاق التبادل الحرّ مما يتيح تحديد قائمة منتوجات صناعية وزراعية ودفع الاستثمارات التركية في تونس.
وتولّت وزيرة التجارة التونسية، كلثوم بن رجب، توقيع الاتفاق مع نظيرها التركي، عمر بولات، وفق بلاغ نشرته، يوم الإثنين، وزارة التجارة.
- اقتصاد تونس.. حدث «نادر» في الـ10 سنوات الأخيرة
- ممثل تونس في «اتفاقية الأمم المتحدة للتغير المناخي»: نهدف للوصول إلى 30% طاقة متجددة في 2030
وينص الاتفاق على تعديل اتفاق التبادل الحر من خلال إقرار ثلاثة إجراءات أساسية تتمثل، أولا، في مراجعة قائمة من المنتوجات الصناعية التي لها مثيل مصنع محليا من خلال إخضاعها مجددا للرسوم الجمركية لمدة خمس سنوات.
وتتضمن العملية الترفيع في المعاليم من 0%، حاليا، إلى نسب تتراوح بين 27% و37.5 %.
ويتمثل البند الثاني من الاتفاق في مراجعة قائمة المنتوجات الزراعية من خلال الحصول على تنازلات أحادية من الجانب التركي لدعم الصادرات التونسية نحو تركيا وذلك في شكل حصص سنوية معفية تماما من المعاليم الجمركية.
وتنص النقطة الثالثة، من التعديل، على دعم الاستثمارات التركية في تونس وتنظيم منتدى استثماري تونسي تركي للتعريف بالمشاريع والفرص الاستثمارية في تونس لدى الممثلين والمستثمرين الأتراك.
ووصفت الوزارة الإتفاق الذي تم التوصل إليه بالأمر الإيجابي "بالنظر إلى أهمية مراجعة الاتفاقية بالتوافق بين الجانبين ووفق مقتضيات التعاون والتشاور".
وأكدت أن "الخطوة تأتي في إطار العمل على مراجعة وتطوير الاتفاقيات التجارية التي تجمع تونس بالدول الشقيقة والصديقة".
وأضافت وزارة التجارة أن التوقيع توّج "مسارا طويلا من المفاوضات انطلقت منذ أكتوبر/تشرين الأول 2022 وشهدت زخما كبيرا خلال الأيام القليلة الماضية ".
وأشارت إلى إيجاد حلول كل النقاط الخلافية والتوصل لهذا الاتفاق الهام، والذي يهدف بالأساس إلى حماية الصناعة الوطنية والحد من تفاقم العجز التجاري مع الجانب التركي.
تقليص الاستيراد
ويرى خبراء الاقتصاد في تونس أن هذا الاتفاق الجديد سيقلص من نسب العجز التجاري ومن الاستيراد العشوائي للمنتجات التي لها مثيل في السوق التونسية.
وكانت تونس وتركيا قد وقّعتا اتفاقية التجارة عام 2015، لتسهيل ولوج السلع من الجانبين.
وقال الخبير الاقتصادي التونسي علي الصنهاجي إن الاتفاق الجديد مع تركيا هو ثمرة جهد وزارة التجارة التي تعمل على الحد من الاستيراد العشوائي.. موضحا أن اتفاقية التبادل التجاري الحر مع تركيا تسبب في ضرر كبير بالاقتصاد التونسي وبإهدار للعملة الصعبة ما أثقل موازنة الدولة وأضر بالنقد الأجنبي.
وأكد في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن تونس تعاني من وضع اقتصادي صعب ما دفع الدولة التونسية للبحث عن بدائل لتعبئة موارد الدولة ولخفض تدفق نزيف العملة الصعبة.. موضحا أن تونس بعد أن رفضت الشروط التي فرضها صندوق النقد الدولي مقابل قرض بقيمة 1.9 مليار دولار، لم يتبق لها أي حل سوى التقشف وإصلاح الوضع الاقتصادي والتقليص في الاستيراد.
وأشار إلى أنه من بين البدائل الاقتصادية الداخلية لتونس هي دعم التصدير ووقف نزيف الاستيراد إضافة إلى دعم إنتاج الفوسفات ودعم السياحة.
وأكد أن تونس لم تراجع اتفاقيتها مع تركيا فقط تسعى حاليا إلى مراجعة اتفاقياتها التجارية مع الاتحاد الأوروبي مثلما أعلنت عنه سابقا وزيرة التجارة التونسية.
وأوضح أن اتفاقية التبادل الحر مع تركيا أضرت بقطاعات عديدة في تونس، أبرزها قطاعات الجلود والأحذية والنسيج حيث أغلقت عدة مصانع في تونس بسبب احتداد المنافسة.
وبحسب تصريحات مسؤولين تونسيين، تخسر تونس كلّ سنة 374 مؤسسة متخصّصة في صناعة النسيج نتيجة منافسة المؤسّسات العالمية، وتحديدا التركية والصينية وبدرجة أقل الأوروبية، لأسواقها المحلية.
وتتكبّد تونس خسائر كبيرةً جرّاء تدفق السلع التركية، تلتهما قطاعات تجهيزات البناء والمواد الصحية وبعض الأصناف من الصناعات الغذائية مثل الحلوى والشوكولاطة، وموّاد التجميل وبعض المنتوجات الزراعية.
وتم إغلاق 7 آلاف مصنع أحذية، بعد أن عجزت عن منافسة السلع القادمة من تركيا.
كما انخفض عدد مصانع الأحذية في محافظة صفاقس التونسية (توصف بعاصمة تونس الاقتصادية) من 10 آلاف مصنع إلى 2،500 مصنع حاليا، فيما أكثر من عشرة آلاف مصنع للملابس الجاهزة أعلنت إفلاسها، ويُقدّر عدد مصانع الملابس التي استطاعت الصمود في وجه غزو السلع التركية لأسواق تونس بنحو 5 آلاف مصنع فقط.
aXA6IDEzLjU4LjM4LjE4NCA=
جزيرة ام اند امز