كواليس مباحثات قرطاج.. اقتصاد تونس منهك والجيش بالصورة
اقتحم الرئيس التونسي قيس سعيد ملف الاقتصاد المنهك، بعد إغلاق ملف السياسة وتطهير البلاد من براثن الإخوان.
وثمة حلول عديدة على الطاولة لإنقاذ المالية التونسية التي تبحث عن بديل عن صندوق النقد الدولي الذي يفرض إملاءات مجحفة ترفضها السلطات التونسية مقابل الحصول على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار.
وتفاوض تونس صندوق النقد الدولي منذ نحو 18 شهرا على برنامج تمويل بقيمة 1.9 مليار دولار، مشفوعا بإصلاحات اقتصادية اعتبرها قيس سعيد إملاءات، تشمل رفع الدعم عن المواد الأساسية والمحروقات وإصلاح المؤسسات الحكومية.
الرئيس التونسي قيس سعيد بعد أن أغلق الملف السياسي بعد تطهير البلاد من براثن الإخوان، انكب مباشرة على الملف الاقتصادي الذي يعاني من صعوبات مالية كثيرة.
استقلالية البنك المركزي
فالمؤسسة التشريعية أيضا التي انطلقت أعمالها في منتصف مارس/آذار الماضي بعد انتخابات 17 ديسمبر/كانون الأول 2022، وبعد وضع النظام الداخلي لمجلس النواب، انطلقت الخميس في إيجاد حلول حاسمة للمالية التونسية.
وقد اقترح نواب البرلمان التونسي حلا يتمثل في إعادة النظر في قانون البنك المركزي التونسي بعد 7 سنوات من حصوله على الاستقلال التام عن السلطة التنفيذية بمقتضى قانون أقره البرلمان في أبريل/ نيسان 2016. وصادق البرلمان التونسي على القانون حينها، بعد أن دافعت الحكومة عن خياراتها عبر منح البنك مزيداً من الاستقلالية لتعزيز أدائه، والنأي به عن أي تجاذبات سياسية محتملة.
وبمقتضى قانون 2016 لم يعد مسموحاً للحكومة إصدار أي تعليمات للبنك المركزي، كما حصل على السلطة المطلقة في ضبط السياسة النقدية، والإنفاق والتحكم في الاحتياطي النقدي، والتصرف في الذهب.
ونص القانون أيضاً على تأسيس هيئة للرقابة والتصرف في الأزمات تتولى إصدار التوصيات، وحماية الاقتصاد الوطني من الآثار المحتملة التي قد تترتب على أي اضطرابات في الاقتصاد العالمي.
حيث قال مساعد رئيس البرلمان الحالي المكلف بالإصلاحات الكبرى رياض جعيدان، إن "إعادة النظر في قانون البنك المركزي التونسي أمر مهم جداً لبناء اقتصاد جديد يكافح الأنشطة الريعية، ومن بينها القطاع البنكي الذي يحقق أرباحاً كبيرة من الزيادات المتتالية في نسبة الفائدة التي يقرّها البنك المركزي في إطار سياسته لكبح التضخم".
وأكد أن البرلمان ينتظر مشاريع قوانين من الحكومة أهمها ما يتعلّق باستقلالية البنك المركزي.
لكن سرعان ما علق وزير الاقتصاد التونسي سمير سعيد على هذه المسألة قائلا إنَّ الحكومة ليست لديها نية لتغيير النظام الأساسي للبنك المركزي التونسي أو العبث باستقلاليته.
حلول من أهل الاختصاص
وقد فتح سعيد باب قصر قرطاج أمام المختصين في الاقتصاد، وقد التقى بعدد من الأساتذة الجامعيين الأربعاء للاستماع لوجهات نظرهم ولتقديم حلول تخرج البلاد من ضائقتها المالية دون تخلي الدولة عن دورها الاجتماعي، ودام اللقاء اكثر من 5 ساعات.
وقال رضا الشكندالي أستاذ الاقتصاد التونسي بالجامعة التونسية، وهو من أحد الحاضرين في لقاء قيس سعيد، إنه اقترح على قيس سعيد جملة من الحلول .
وتابع في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، لا بد من برنامج إنقاذ مالي يتألف من أربعة محاور وهي الفوسفات وتحويلات التونسيين بالخارج والمؤسسات المصدرة كليا والأموال من العملة الصعبة المتداولة في السوق السوداء.
وفسر ذلك بأنه يجب إعطاء كل صلاحيات إنتاج وتحويل وتصدير الفوسفات إلى الجيش الوطني (قطاع يعيش عديد الإضرابات النقابية) وتشجيع التونسيين بالخارج والتي فاقت تحويلاتهم في السنوات الأخيرة مداخيل السياحة على فتح حسابات بالعملة الصعبة بنسبة فائدة تجذبهم مع حذف الأداء على الثروة العقارية المحدثة بالنسبة اليهم.
كما اقترح التخفيض في الأداء على أرباح الشركات المصدرة كليا وإطلاق إعفاء ضريبي على مخالفات الصرف لضم المبالغ المتوفرة بالعملة الصعبة في القطاع الموازي إلى القطاع المنظم عبر البنوك.
وزاد: "هذا البرنامج هو على المدى القصير ولا بد من القيام به خلال الأيام القليلة القادمة، أما فيما يخص البرنامج الاقتصادي والذي يضم الإصلاحات الكبرى، فهو يتطلب بعض الوقت ولا بد أن يشمل الإصلاحات المطروحة على طاولة صندوق النقد الدولي لكن بمضمون مختلف وبمقاربة مغايرة".
وبخصوص العلاقة مع صندوق النقد الدولي قال الشكندالي: ”تحدثنا كذلك عن صندوق النقد الدولي، وقلنا إن الإشكال ليس في الصندوق وإن التعامل معه ليس من المحرمات الاقتصادية، ولكن الإشكال في كيفية التعامل يعني فيمن يتفاوض مع الصندوق لأن الصندوق يستمع في البداية إلى الاقتراحات وإذا لم تكن هناك اقتراحات فهو يتولى تقديمها.
ضريبة على الميسورين
والخميس، دعا الرئيس التونسي قيس سعيد إلى فرض ضرائب إضافية على الأغنياء، بدلا من رفع الدعم عن بعض المواد الغذائية.
وقال سعيد "بدل رفع الدعم تحت مسمى ترشيده، يمكن توظيف أداءات (ضرائب) إضافية على من يستفيدون دون وجه حق بدعم العديد من المواد (في إشارة إلى الأغنياء) ودون الخضوع لأي إملاءات خارجية".
وصادق البرلمان التونسي أمس الخميس على اتفاقية للحصول على قرض من البنك الأفريقي للتصدير والاستيراد خلال جلسة عامة بثها على صفحته بموقع يوتيوب.
وفي كلمة خلال الجلسة، أوضحت وزيرة المالية أن "التداين (الاقتراض) مرتبط بعوامل خارجية أملتها تداعيات أزمة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية".
وأفادت بأن "حجم المديونية وصل خلال نهاية 2022 إلى نحو 37 مليار دولار، بما يمثل 79.9% من الناتج الداخلي، منها 46.7% قروضا خارجية، و33% قروضا داخلية".
وحسب الوزيرة التونسية، فإن "القروض ليست لدعم الميزانية فقط، بل هناك قروض لتمويل المشاريع ودعم الاستثمار".
وسبق أن قال الرئيس التونسي قيس سعيّد إنه "ليس مستعدا للمغامرة بالسِلْم الأهلي مقابل الحصول على قرض من الصندوق".
وأكد سعيّد أن "الإملاءات التي ستأتي من الخارج، وستؤدي إلى مزيد من التفقير سنرفضها"، مذكراً بأحداث الثالث من يناير/كانون الثاني عام 1983، عندما اندلعت احتجاجات شعبية عنيفة رفضاً لقرار الحكومة وقتها رفع سعر الخبز، ما أدى لسقوط ضحايا.
ووفقاً لميزانية 2023، تعتزم تونس خفض نفقات الدعم بنسبة 26.4% إلى 8.8 مليار دينار (2.89 مليار دولار).
لكن حتى الآن، لم ترفع الحكومة أسعار الوقود هذا العام على عكس ما خطط سابقاً، فيما يبدو أنه سعيٌ لتجنب الغضب الشعبي مع وصول التضخم إلى 10.3%، وهو أعلى مستوى منذ أربعة عقود.
وللإشارة فإن احتياطي تونس من العملة الصعبة سجل وفق آخر رصد صادر الشهر الجاري عن البنك المركزي التونسي تراجعا، ليبلغ 93 يوما من التوريد، كما بلغت الموجودات الصافية من العملة الأجنبية بتاريخ 16 مايو/أيار الماضي 21622 مليون دينار، ما يعادل 93 يوما من التوريد، مُسجلة بذلك تراجعا مقارنة بنفس التاريخ من السنة الماضية ببلوغها 124 يوما من التوريد.
aXA6IDE4LjExNi44MS4yNTUg جزيرة ام اند امز