وزيرة المالية التونسية: "الدولة لن تتخلى عن دورها الاجتماعي"
تواصل السلطات التونسية العمل للمحافظة على السلم الاجتماعي، في وقت تعيش فيه البلاد أزمة مالية واقتصادية طاحنة، رافضة شروط صندوق النقد.
حيث سبق أن قال الرئيس التونسي قيس سعيّد إنه "ليس مستعدا للمغامرة بالسِلْم الأهلي مقابل الحصول على قرض من الصندوق".
وأكد سعيّد أن "الإملاءات التي ستأتي من الخارج، وستؤدي إلى مزيد من التفقير سنرفضها"، مذكراً بأحداث الثالث من يناير/كانون الثاني عام 1983، عندما اندلعت احتجاجات شعبية عنيفة رفضاً لقرار الحكومة وقتها رفع سعر الخبز، مما أدى لسقوط ضحايا.
وقد أكدت وزيرة المالية التونسية سهام البوغديري خلال جلسة عامة بالبرلمان الخميس، أن الدولة لن تتخلى عن دورها الاجتماعي وأثبتت قدرتها على الصمود واستطاعت المحافظة على استمرارية المالية العمومية رغم كل الصعوبات.
- موسم حصاد القمح في تونس.. "باجة" تتنفس خيرا
- هواجس الندرة والإضرابات.. أزمة المحروقات في تونس تعود من جديد
وقالت إن" الحكومة حافظت على استمرارية المالية العمومية رغم كل الصعوبات وفي ظل أزمة عالمية صعبة ولم نتخلف عن استحقاقات بما في ذلك سداد أجور الموظفين وتوفير الدعم لمستحقيه وتسديد الديون ومواصلة تقديم التحويلات الاجتماعية..".
وتابعت: "لقد تمكنا من تحسين مواردنا الداخلية والذاتية للدولة والتي سجلت خلال سنة 2022 ارتفاعا بنسبة 22% أي ما يقارب 67% من حجم الميزانية.. ولكن الرهانات ما زالت متواصلة وآثار الأزمة ما تزال أيضا متواصلة خاصة على الميزانية".
وناقش نواب تونس اليوم الخميس في جلسة عامة بالبرلمان التونسي مشروع قانون يتعلق بالموافقة على عقد قرض من البنك الإفريقي للتوريد والتصدير بقيمة 500 مليون دولار لفائدة تونس قصد تمويل ميزانية الدولة لسنة 2023 بنسبة فائدة متغيرة، ومن المبرمج أن يسدد هذا القرض على امتداد 5 سنوات مع سنتي إمهال.
وتفاوض سلطات تونس صندوق النقد الدولي منذ نحو 18 شهرا على برنامج تمويل بقيمة 1.9 مليار دولار، مشفوعا بإصلاحات اقتصادية، تشمل رفع الدعم عن المواد الأساسية والمحروقات وإصلاح المؤسسات الحكومية.
وتوصلت تونس، التي تعاني أسوأ أزمة مالية تهدد بتخلف البلاد عن سداد ديونها، إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد في سبتمبر/أيلول الماضي، غير أنها لم تنجح في توقيع اتفاق نهائي يفتح لها الأبواب نحو تمويلات خارجية لا تقل عن 5 مليارات دولار، تحتاجها لتمويل الموازنة.
لا رفع الدعم
في حين، أكد الرئيس التونسي قيس سعيد اليوم الخميس خلال لقائه برئيسة الحكومة نجلاء بودن، على ضرورة تحقيق التوازن المنشود بتصور طرق جديدة تقوم على أساس العدل وتحفظ السلم الأهلي.
وأعاد سعيد ما كان ختم به اجتماعا يوم أمس مع عدد من الأساتذة الجامعيين المختصين في الاقتصاد قول الفاروق عمر بن الخطاب "لو استقبلت من أمري ما استدبرت لأخذت من الأغنياء فضول أموالهم فرددتها على الفقراء"، مشيرا إلى أنه بدل رفع الدعم تحت مسمّى ترشيده يمكن توظيف أداءات إضافية على من يستفيدون دون وجه حقّ بدعم العديد من المواد ودون الخضوع لأي إملاءات خارجية.
وذكر بأن تونس كانت عرفت هذه الطريقة منذ السنوات الأربعين من القرن الماضي عند إحداث صندوق التعويض لأول مرة.
ووفقاً لميزانية 2023، تعتزم تونس خفض نفقات الدعم بنسبة 26.4% إلى 8.8 مليار دينار (2.89 مليار دولار).
لكن حتى الآن، لم ترفع الحكومة أسعار الوقود هذا العام على عكس ما خطط سابقاً، فيما يبدو أنه سعيٌ لتجنب الغضب الشعبي مع وصول التضخم إلى 10.3%، وهو أعلى مستوى منذ أربعة عقود.
وللإشارة فإن احتياطي تونس من العملة الصعبة سجل وفق آخر رصد صادر الشهر الجاري عن البنك المركزي التونسي تراجعا، ليبلغ 93 يوما من التوريد، كما بلغت الموجودات الصافية من العملة الأجنبية بتاريخ 16 مايو/أيار الماضي 21622 مليون دينار، ما يعادل 93 يوما من التوريد، مُسجلة بذلك تراجعا مقارنة بنفس التاريخ من السنة الماضية ببلوغها 124 يوما من التوريد.