العودة المدرسية في تونس.. قروض تثقل كاهل الأسر وسط غلاء غير مسبوق

قبيل العودة إلى المدارس، تواجه معظم الأسر التونسية أعباء العام الدراسي للطلاب البالغ عددهم 2.5 مليون، منهم مليونا طالب في المراحل التعليمية حتى الثانوية، ونحو نصف مليون طالب جامعي.
وتتزامن العودة المدرسية هذا العام، والتي تنطلق الإثنين المقبل، مع ارتفاع غير مسبوق في أسعار المواد الاستهلاكية.
وأصبحت عائلات عديدة في تونس تلجأ إلى الاقتراض من البنوك من أجل الأإنفاق على تعليم أبنائها وتأمين مصاريف الدروس الخصوصية، فضلا عن نفقات الدراسة للتلاميذ في منظومة التعليم الخاص.
كما باتت أسر كثيرة من الطبقة الوسطى تشتري الكتب والأدوات المدرسية بنظام التقسيط.
وتشير دراسة حديثة إلى أن 85% من التونسيين مدينون للمصارف و32% للأقارب. وقد بلغت قيمة القروض المصرفية المقدمة للأسر خلال عام واحد نحو 15.374 مليار دينار (قرابة 10 مليارات دولار)، يستفيد منها نحو مليون أسرة، ويُوجَّه جزء كبير منها للنفقات الاستهلاكية مثل مصاريف الموسم الدراسي والأعياد وغيرها.
وتعد القروض المصرفية الصغرى طوق نجاة للكثير من الأسر التونسية لتغطية نفقات المدارس.
ويزداد معدل الاقتراض المصرفي في مثل هذه الفترة من السنة، حيث تتراوح القروض بين 3000 و5000 دينار (1000 – 1600 دولار).
وكشفت بيانات رسمية نشرها البنك المركزي التونسي أن القروض الممنوحة لمصلحة الطلاب تضاعفت نحو 20 مرة خلال الـ14 عاما الماضية، كما ارتفعت بنسبة 152% خلال السنوات العشر الأخيرة.
وقال رضا الزهروني، رئيس جمعية أولياء التلاميذ، إن كلفة العودة المدرسية تتزامن مع تدهور القدرة الشرائية للتونسيين وضعف الأجور، إلى جانب ارتفاع أسعار المواد المدرسية.
وأكد لـ"العين الإخبارية" أن العديد من الأولياء يضطرون إلى الاقتراض أو الاستدانة أو حتى بيع ممتلكات لتأمين مصاريف الدراسة لأبنائهم، مشيرًا إلى أن هذه المصاريف أصبحت لا تُطاق.
وأوضح أن نفقات العودة لا تقتصر فقط على مستلزمات ومشتريات بداية العام، بل تشمل أيضًا تكاليف الدروس الخصوصية، والوجبة اليومية، والنقل، والملابس، وهو ما يثقل كاهل الأسر على حساب احتياجات الحياة الأخرى.
وأضاف أن مجانية التعليم في تونس تحولت منذ سنوات إلى مجرد شعار لا يجد طريقه إلى الواقع.
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي التونسي هيثم حواص إن القروض البنكية تساعد فئات واسعة من الطلاب على مجابهة مصاريف دراستهم.
وأكد لـ"العين الإخبارية" أن الكلفة المعيشية المتوسطة للطالب تقدر بنحو 600 دينار (200 دولار) شهريا، دون احتساب رسوم الدراسة في المدارس الخاصة.
وأشار إلى أن الإمكانيات المادية للتونسيين تشهد تراجعا مستمرا عاما بعد آخر، وهو ما يفسر ارتفاع نسب التداين وتراجع معدلات الادخار، موضحا أن كثيرا من الأسر كانت تدخر سابقا مبلغا لحالات الطوارئ، لكن هذا المبلغ لم يعد موجودا عند الغالبية اليوم.
ولفت إلى أن أغلبية التونسيين يتجهون نحو الاقتراض من البنوك، وهو ما تؤكده الأرقام التي تُظهر أن نسبة التداين لدى الطبقة المتوسطة ارتفعت خلال الـ15 سنة الماضية إلى أكثر من 50% من الدخل الفردي السنوي، يُوجَّه معظمها لتسديد ديون المعيشة اليومية.
وبيّن أن معدل الرواتب في تونس يبلغ نحو 300 دولار فقط، ما يعني أن الأغلبية عاجزة عن مجابهة تكاليف العودة المدرسية.
ويُعد التعليم الحكومي في تونس مجانيا لكل الفئات، وقد أقرت الحكومة للموسم الدراسي الحالي، في ظل تضخم التكاليف، رفع المساعدة المالية الموجهة إلى نحو 500 ألف تلميذ من أبناء العائلات المعوزة ومحدودة الدخل، من 50 إلى 100 دينار (30 يورو).
وينص الفصل 44 من الدستور التونسي على أن التعليم إلزامي إلى سن السادسة عشرة، وأن الدولة تضمن الحق في التعليم العمومي المجاني بكامل مراحله، وتسعى إلى توفير الإمكانيات الضرورية لتحقيق جودة التربية والتعليم والتكوين.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTI0IA==
جزيرة ام اند امز