هل ينجو اقتصاد تونس بدون قرض الصندوق؟.. توقعات الخبراء
حذر خبراء اقتصاد من مخاطر كبيرة تواجه اقتصاد تونس إذا لم تحصل البلاد على قرض صندوق النقد خلال العام المالي الجاري.
في نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي، كان من المفترض أن يعقد مجلس إدارة الصندوق اجتماعاً لمناقشة برنامج قروض لتونس، غير أن الصندوق سحب الاجتماع من جدول أعماله قبل أيام فقط من الموعد المحدد، مانحاً السلطات التونسية مزيداً من الوقت للانتهاء من برنامج الإصلاح.
وإثر تأجيل النظر في ملف تونس لدى صندوق النقد الدولي، أكد الخبراء على أهمية هذا القرض في دعم موازنة تونس لسنة 2023، مشيرين إلى أنه الأمل في إخراج البلاد من الأزمة الاقتصادية الراهنة.
وتعوّل تونس على موافقة صندوق النقد الدولي على منحها قرضا بقيمة 1.9 مليار دولار لإصلاح توازناتها المالية وتمويل ميزانيتها وفتح الآفاق لإبرام اتفاقات مالية مع أطراف مانحة أخرى، مقابل الالتزام بحزمة إصلاحات تشمل نظام الدعم والمؤسسات العمومية المتعثرة والتحكم في كتلة الرواتب وغيرها من الإصلاحات الأخرى.
وكان يفترض أن يصدر مجلس إدارة الصندوق قرارا بشأنه في اجتماعه منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي، لكن المجلس قرر في الاجتماع تأجيل النظر في ملف تونس إلى موعد لم يحدد في وقت تتفاقم فيه أزمة المالية العامة.
- 2023.. عام أصعب على اقتصاد تونس بدون "قرض الصندوق"
- التضخم يستعر في تونس.. أعلى مستوى منذ تسعينيات القرن الماضي
وقالت وزيرة المالية التونسية سهام البوغديري الخميس في حديث مع "العين الإخبارية" إن الاتفاق المبدئي مع صندوق النقد الدولي على مستوى الخبراء بخصوص حصول تونس على قرض في إطار آلية تسهيل الصندوق الممدد لا يزال قائما، مشيرة إلى أنّ تونس تحصّلت على اتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي، منذ 15 أكتوبر/تشرين الأول 2022.
وأضافت أن خبراء صندوق النقد الدولي أكّدوا أنّ برنامج تونس الإصلاحي قادر على إخراج البلاد من الأزمة مما أسفر عن تحصيل اتّفاق خبراء مبدئي.
وتابعت: البرنامج التونسي لم يكن مقنعا فقط لصندوق النقد الدولي بل كان مقنعا أيضا للمانحين الدوليين.
وأشارت إلى أنّ دقّة المرحلة في تونس تفرض الشروع في تنفيذ الإصلاحات المقررة.
كما أقرّت وزيرة المالية بأنّ الوضعية في تونس صعبة نتيجة تراكم الإشكاليات دون تنفيذ الإصلاحات.
استئناف التفاوض مع الصندوق
من جهته، أكد رئيس هيئة الخبراء المحاسبين وليد بن صالح ضرورة استئناف المشاورات مع الصندوق في أقرب وقت ممكن واستكمال ملف تونس للعودة للتفاوض مع الصندوق لإخراج البلاد من حالة الوهن الاقتصادي.
وأوضح بن صالح في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن فرضية عدم حصول تونس على تمويلات خارجية سيخلق مشاكل إضافية على مستوى المالية العمومية وتمويل النفقات ووضعية المؤسسات الحكومية التي باتت مهددة في ديمومتها ونفقات الدعم وخدمة الدين العمومي ومستوى الاستثمار.
وتابع: في حال عدم التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، ستصبح موازنة الدولة محرومة من التمويلات الخارجية وهو ما قد يخلق مشاكل كبيرة في تمويل الصفقات علاوة على نفقات الدعم والأجور والاستثمار العمومي وخاصة على مستوى نفقات خدمة الدين العمومي الخارجي التي تقدر في المجمل بـ21 مليار دينار (7 مليارات دولار) خلال سنة 2023.
وأوضح أنه في صورة عدم الحصول على تمويلات خارجية، سنصبح أمام إشكاليات سداد القروض القديمة، وهو ما سيؤثر بدوره على الاقتصاد ويخلق إشكاليات أكبر من التوقعات الحالية.
وأشار إلى أن المؤشرات الاقتصادية وبالخصوص الواردة في تقرير ميزانية الدولة لسنة 2023 يدفع إلى توقع انزلاقات خطيرة باعتبار ارتفاع نسبة التضخم المرتفعة المتوقعة مما ستنعكس على القدرة الشرائية والقدرة التنافسية للمؤسسات.
من جهته، قال معز حديدان الخبير الاقتصادي إن صندوق النقد الدولي لم يرفض الملف التونسي لكنه منح الدولة التونسية مزيدا من الوقت لتحسين وضعها والدخول في فترة من النقاشات لتقديم ملف كامل.
وأكد أن هناك إمكانية لعرض الملف التونسي على البرلمان في شهر مارس/آذار المقبل قبل تقديمه لصندوق النقد الدولي لمنحه مزيدا من المشروعية القانونية.
رابع اتفاق مع صندوق النقد الدولي
من جهة أخرى، أوضحت الباحثة في الاقتصاد، ندى الطريقي أن تونس وصندوق النقد الدولي توصلا منذ سنة 2011 إلى 3 اتفاقيات مالية وكانت على التوالي خلال سنوات 2013 و2016 و2020، قائلة إن الاتفاق المرتقب مع الصندوق يمثل رابع اتفاق مالي معه.
وأضافت الطريقي في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن صندوق النقد الدولي لا يخفي عن المقترضين الشروط التي يفرضها لمنح القروض والتي تتضمن المعايير والإصلاحات الهيكلية والإجراءات المسبقة والتي تتضمن إصلاحات هيكلية مرتبطة بجدول زمني والتي تفرض ضرورة تطبيقها.
وتوقعت أن صندوق النقد الدولي سيقبل الملف في صورة تنفيذ تونس للإصلاحات التي يشترطها.
وتحتاج تونس قروضا خارجية بقيمة 12.6 مليار دينار (4.05 مليار دولار) لتعبئة عجز ميزانية 2022، مقارنة بـ 12.1 مليار دينار (3.89 مليار دولار) في قانون المالية التكميلي لعام 2021.
ووفق قانون الموازنة لعام 2023، تخطط الحكومة لتعبئة موارد خارجية بقيمة 14.8 مليار دينار (4.7 مليار دولار)، مقابل قروض داخلية بقيمة 9.5 مليار دينار (3 مليارات دولار).