تونس.. الشاهد يتجاوز أزمة رحيل حكومته
البرلمان التونسي وافق على تعيين وزير الداخلية الذي اقترحه يوسف الشاهد بأغلبية كبيرة، وعلى قرض دولي بقيمة 413.4 مليون يورو لدعم الحكومة.
تجاوز رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد أصعب اختبار مر به من منذ توليه السلطة في 2016، متغلبا على جميع المطالبين برحيل حكومته، بعد موافقة البرلمان على وزير الداخلية الجديد هشام الفراتي، بأغلببة الثلثين.
- الرئيس التونسي يطالب الشاهد بتقديم استقالته حال استمرار الأزمة بالبلاد
- إقالة وزير الداخلية التونسي إثر غرق مركب مهاجرين
دعم برلماني
ولم يكن من المتوقع أن يتجاوز تأييد رئيس الحكومة غالبية النصف زائد واحد، لكن مجريات الجلسة كانت في صالح الشاهد الذي ضمن غالبية الثلثين لصالح وزيره الجديد، وبذلك يتجاوز يوسف الشاهد امتحان الثقة للوزير، الذي كان في الحقيقة تصويتاً على الحكومة برمتها التي تواجه ضغوطا للاستقالة من منصبها في ظل أزمة سياسية حادة.
وحدد موقف حزب "نداء تونس" الحاكم جلسة التصويت بالبرلمان، إذ تغيّر موقفه كليا ليمنح ثقته لوزير الداخلية الفراتي اتخذ قراراً عشية الجلسة يدعو إلى عدم التصويت.
ويفسر مراقبون هذا التغيير في موقف "نداء تونس"، والمدير التنفيذي للحزب حافظ قايد السبسي، بعدم رغبة الحزب في خسارة موقعه النيابي باعتبار أن الشاهد ضمن تمرير وزيره بالاعتماد على أصوات كتلتي حزب النهضة والوطنية وعدد من النواب، فبادر بتغيير موقفه وحافظ على مكانته كحزب حاكم لا يخسر في التصويت.
وفي 6 يونيو/حزيران الماضي، أعلنت رئاسة الحكومة التونسية إقالة وزير الداخلية السابق لطفي براهم وتعيين وزير العدل غازي الجريبي مكانه بالإنابة.
وعلل رئيس الحكومة التونسية اختيار الفراتي باحتكامه إلى 3 معايير "أولها الكفاءة وثانيها القرب من المؤسسة الأمنية وثالثها البعد عن التجاذبات السياسية".
وشغل الفراتي، الذي يحمل شهادة في القانون، منصب مدير ديوان وزير الداخلية منذ عام 2015، كما شغل منصب محافظ المنستير (شرق) عام 2011.
قرض دولي
وأقر مجلس النواب التونسي، في الجلسة نفسها التي عقدت السبت الماضي، اتفاقية قرض دولي بقيمة 413.4 مليون يورو، لتمويل برنامج دعم ميزانية الدولة.
وقال وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي التونسي زياد العذاري، خلال جلسة البرلمان: "البنك الدولي للإنشاء والتعمير وافق على منح تونس القرض بشروط تفاضلية لثقته بمؤسسات الدولة التونسية".
وأضاف العذاري أن "موارد الدولة المالية محدودة جدا، وموجهة للتأجير العمومي، ولتغطية الدين العمومي، وهي غير كافية لتسديد النفقات"، معتبرا أن "إيقاف التداين يعني إيقاف التنمية في ظل محدودية موارد الدولة، فهو ضرورة وليس خيارا".
وكانت الحكومة التونسية أبرمت اتفاقية القرض مع البنك الدولي للإنشاء والتعمير في 29 يونيو/حزيران الماضي، لتمويل ميزانية الدولة التونسية مباشرة لدعم برنامج إصلاحات في مجالات تحسين مناخ الاستثمار، وتعزيز ريادة الأعمال، وفرص النفاذ إلى التمويل، والإدماج الاجتماعي في إطار دفع النشاط الاقتصادي.
وفترة سداد القرض الذي يعادل 1.280 مليار دينار بالعملة التونسية، ستكون مقدرة بـ28 سنة، منها 5 سنوات إعفاء، ونسبة فائدة بـ0.7%.
أزمة سياسية
وكان الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، قال إنه يتعين على رئيس الوزراء الاستقالة من منصبه إذا استمرت الأزمتان السياسية والاقتصادية اللتان تعصفان بالبلاد، ليسحب بذلك دعمه لرئيس الوزراء يوسف الشاهد الذي دخل في صراع معلن مع نجل الرئيس.
وتأتي دعوة السبسي في منتصف يوليو الجاري، بينما ترزح البلاد تحت وطأة أزمة اقتصادية خانقة، ومع ظهور أزمة سياسية بين الحكومة ومعارضيها، يتقدمهم حزب "نداء تونس" الحاكم الذي يطالب بتغيير شامل للحكومة.
وطالب حافظ قائد السبسي، المدير التنفيذي لحزب نداء تونس الحاكم وهو نجل الرئيس التونسي، بتغيير الحكومة، معللا ذلك بفشلها الاقتصادي.
ويدعم هذا الاتجاه اتحاد الشغل القوي، بينما يرفض حزب "النهضة" تغيير رئيس الحكومة ويدعو لتعديل جزئي؛ حفاظا على الاستقرار السياسي في مرحلة تحتاج فيها البلاد لإصلاحات اقتصادية جريئة يطالب بها المقرضون الدوليون.
وتقول الحكومة إن الوضع الاقتصادي بدأ يتحسن بعد سنوات من الركود، مع عودة قوية لصناعة السياحة وتطور نسبي للاستثمارات الأجنبية وارتفاع الصادرات.
وفي مايو/أيار الماضي، أعلن الرئيس التونسي تعليق العمل بالنسخة الثانية من وثيقة قرطاج إلى أجل غير محدد، بسبب خلافات بين أطرافها حول مصير الحكومة التي يقودها يوسف الشاهد، بين من يطالب بإقالتها ومن يطالب بتعديلها فقط.
ورغم استمرار المطالب بإقالة الحكومة إلا أن الشاهد أظهر للجميع أنه لا يزال يتمتع بدعم نيابي قد يحصنه من أي امتحان محتمل لتجديد الثقة على حكومته، إذ لا يزال رئيس كتلة "نداء تونس" سفيان طوبال يطالب بطرح تجديد الثقة في الحكومة كاملة أمام البرلمان.