"العين الإخبارية" في جربة التونسية.. زيارة اليهود السنوية إلى "الغريبة" (خاص)
انطلقت مساء يوم الإثنين رسمياً الزيارة السنوية لمعبد الغريبة اليهودي في جزيرة جربة بمحافظة مدنين جنوب شرقي تونس.
وشهد الحدث السنوي إقبالاً من زوّار قدِموا إلى تونس من دول عدة لأداء الطقوس والاحتفال والتبرك في مناسبة يعتبرونها "مقدّسة".
ومع انطلاق هذه الزيارة، التي تُختتم الثلاثاء بـ"خرجة المنارة"، شهد معبد الغريبة حركة دؤوبة وأجواء احتفالية وسط تعزيزات وإجراءات أمنية مشدّدة حرصاً على توفير جميع الظروف الآمنة لأداء الطقوس.
وخلال أيام الزيارة، التي انطلقت في الرابع من مايو/أيار الجاري، تُشعِل النساء الشموع في الجهة اليسرى من المعبد، في حين تُقام الاحتفالات التي يتخللها رقص وغناء في الجهة اليمنى.
الفعاليات المهمة والرسمية تستمر لمدة يومين، حيث انطلقت مساء الإثنين “الخرجة الصغرى” ويتم خلالها دفع عربة تحمل الملابس إلى خارج فضاء المعبد، على أن تُقام الخرجة الكبرى (خرجة المنارة) يوم الثلاثاء.
وخرجة "المنارة" هي طقوس يتوّج بها موسم الزيارة، وتتمثل في خروج جماعي لليهود من معبد الغريبة بعربة يثبّت فوقها مصباح تقليدي كبير، مغطاة بأقمشة مزركشة فوقها طبق نحاسي مكسو بالزهور يقودونه إلى حي الحارة الصغيرة المجاور للكنيس.
ويرفع اليهود أصواتهم بالأهازيج والأغنيات وقراءة الكتب الدينية خلال هذه الخرجة قبل أن يعودوا بها إلى كنيس الغريبة.
واعتبر رئيس هيئة تنظيم الغريبة بيريز الطرابلسي أن الزيارة استثنائية هذه السنة ولم تتكرر منذ أكثر من 20 سنة، لافتاً إلى أن عدد الزوار اقترب من 7 آلاف.
وحضر يوم الإثنين هذه الزيارة، وزير الشؤون الدينية إبراهيم الشايبي، ومفتي الديار التونسية هشام بن محمود، إضافة إلى السفير الأمريكي في تونس جوي هود.
وقال وزير الشؤون الدينية إبراهيم الشايبي إن "هذه الزيارة تعكس صورة بلادنا كرمز للأوطان الآمنة التي تتسامح فيها الأديان وتتلاقح فيها الحضارات".
وأضاف الشايبي لـ"العين الإخبارية": "لعل مساجد جربة بمعمارها المالكي والأباضي والكنيسة المسيحية والمعبد اليهودي أكبر برهان على أننا نقف اليوم على تراب أرض وفيّة لميزتها التاريخية في الالتقاء والانفتاح والتعدد والثراء الحضاري".
وأكد أن هذا الاحتفال الديني هو رسالة واضحة للجميع أنّ تونس هي أرض تسامح وتلاقي ووئام تلتقي فيها كل الأديان، حسب تعبيره.
وتابع: "جزيرة جربة تختزل كل الحضارات واللّقاءات وفيها تلتقي كل الديانات والعبادات، وتُعتبر أرض تعايش بامتياز وأرض قبول للاختلاف وللآخر"، وفق قوله.
من ناحيته، كشف السفير الأمريكي في تونس جوي هود أثر زيارته إلى معبد الغريبة في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، قائلاً إنّ بلاده وفّرت لوزارة الداخلية التونسية منطاداً للحماية يمكن استعماله لمراقبة المنطقة وتأمين حدودها وكل التظاهرات على غرار الغريبة وغيرها إلى جانب التصدي للهجرة غير النظامية ومنع تسلل العناصر الإرهابية عبر الحدود.
وأضاف السفير: "زرت عديد الأماكن منها المدارس حيث يدرس الأطفال مسلمون ويهود مع بعضهم البعض في جزيرة جربة".
وأشار إلى أنه بحث مع والي محافظة مدنين فرص دعم الاقتصاد.
معبد الغريبة
يقع معبد "الغريبة" في قرية صغيرة بجزيرة جربة، سكنها اليهود في الماضي، وتسمى "الحارة الصغيرة" حالياً، ويقطنها قرابة 1300 يهودي تونسي.
ويحظى هذا المعبد بأهمية كبيرة بالنسبة لليهود باعتباره يحتوي على أقدم نسخة للتوراة.
ويزور اليهود من مختلف دول العالم معبد "الغريبة"، الذي يعد الأقدم في أفريقيا، ويعود تاريخه إلى قرابة 2600 عام.
وتعود تسمية المعبد بـ"الغريبة" وهي امرأة يهودية قدمت إلى المنطقة واستقر بها الحال في جربة، وأسست كنيس الغريبة، وسمي "الغريبة" نسبة إلى هذه المرأة حيث كانت غريبة على المكان وأهله.
ويتوافد اليهود إلى هذا المزار سنوياً من مناطق شتى من العالم في شهر مايو/أيار كل عام من اليوم الـ33 من تقويم الفصح اليهودي، فيقيمون شعائر دينية ومراسم وطقوساً متنوعة.
وبالتزامن مع ذلك، تشهد جزيرة جربة إجراءات أمنية دقيقة، تشمل مداخل الجزيرة من جهة الطريق الرومانية والعبارات (سفن تربط الجزيرة بمحافظة مدنين)، حيث يخضع كل الوافدين على الجزيرة عبر هذه المداخل إلى عمليات تفتيش دقيقة.
كما تم تركيز عدة نقاط أمنية بكامل الجزيرة، إضافة إلى القيام بحملات أمنية وعمليات تمشيط وتركيز حواجز أمنية ومراقبة المنشآت السياحية.
وتمركزت بمعبد الغريبة وبمحيطه الخارجي عدة وحدات أمنية وسيارات الحماية المدنية والصحة.
aXA6IDMuMTQ1LjEwMy4xMDAg جزيرة ام اند امز