رئاسيات تونس تضع المحكمة الإدارية تحت «مطرقة» البرلمان
يناقش البرلمان التونسي، تجريد المحكمة الإدارية من سلطتها في الفصل في النزاعات الانتخابية، بعد اتهامها بـ"الاصطفاف السياسي".
وقدم 34 نائبًا في البرلمان التونسي مشروع قانون عاجل لتكليف محكمة الاستئناف بالنظر في النزاعات الانتخابية، بدلا عن المحكمة الإدارية.
ويرى مراقبون أن "المحكمة الإدارية باتت تلعب دورا سياسيا، وتصطف إلى جانب فصيل سياسي معين".
وأتت خطوة نواب البرلمان التونسي، في أعقاب قرار للمحكمة الإدارية، بإعادة ثلاثة مرشحين إلى سباق الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 6 أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
والمرشحون الثلاثة، هم: عبد اللطيف المكي، كان قيادياً بارزاً في حركة "النهضة" الإخوانية قبل الاستقالة منها في العام 2021، والمنذر الزنايدي، وهو وزير سابق في عهد الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، وعماد الدايمي، مستشار الرئيس السابق محمد المنصف المرزوقي.
وفي 2 سبتمبر/أيلول الجاري، أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، بشكل نهائي رفض ترشح المكي، والزنايدي، والدايمي، في الانتخابات الرئاسية، رغم إصدار المحكمة الإدارية حكما يقضي بإلغاء قرار سابق للهيئة برفض ملفات ترشح الثلاثة.
وقالت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، إن قرار المحكمة يتنافى مع القانون الانتخابي، باعتبار أن القرار وصلها بعد إعلان القوائم الانتخابية النهائية، ما يعني تجاوز الإجراءات المنظمة للإخطار، وأبقت الهيئة على ثلاثة مرشحين فقط، هم الرئيس الحالي قيس سعيد، والعياشي زمال (رئيس حركة عازمون- معارض)، وزهير المغزاوي (زعيم حركة الشعب – المؤيدة للحكومة).
وقال البرلمان، في بيان صحفي، إن "رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة أشرف على اجتماع مكتب مجلس النواب الذي نظر في مقترح قانون أساسي يتعلق بتنقيح (تعديل) بعض أحكام القانون الأساسي المتعلق بالانتخابات والاستفتاء، والمقدم من قبل مجموعة من النواب".
ويشمل مقترح القانون أن تتولى محكمة الاستئناف بدلا عن المحكمة الإدارية النظر في النزاعات الانتخابية عند الطعن في قرارات الهيئة المستقلة للانتخابات.
وأوضح بيان البرلمان أن مكتب المجلس قرر إحالة المقترح إلى لجنة التشريع العام، مع طلب استعجال النظر فيه.
وذكر مشروع القانون الذي وقعه 34 من أصل 217 نائبا، أن من بين أسباب اقتراح مشروع القانون هو "الخلاف بين المحكمة الإدارية والهيئة العليا المستقلة للانتخابات بعد رفض الأخيرة حكما للأولى يقضي بإعادة 3 مرشحين للانتخابات الرئاسية".
وقال الناشط السياسي التونسي عبد الكريم المحمودي، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن "المحكمة الإدارية اصطفت إلى جانب طرف سياسي ضدّ المسار الانتخابي، ومن غير المستبعد أن تطعن في نتائج الانتخابات ومسارها لذلك فإن مقترح تجريدها من صلاحياتها صائب".
وأضاف أن "المحكمة الإدارية أمرت بإعادة مرشحين للانتخابات الرئاسية، بالرغم من الجرائم التي ارتكبوها ما يعني أنها مارست خروقات عديدة"، موضحا أن المرشحين الذين تم رفضهم لا يتمتعون بجميع الحقوق المدنيّة والسياسيّة إضافة إلى وجود 400 قضيّة في حقهم تضم اتهامات بالتدليس وتزوير التزكيات الشعبية والتحايل وشراء الذمم علاوة على وجود حكم ضد أحدهم يمنعه من الترشّح مدى الحياة".
.
واعتبر أن "المحكمة الإدارية أغمضت أعينها عن خروقات عدة خدمة لأطراف سياسية بعينها".
من جانبه، قال المحلل السياسي التونسي رياض جراد، في تصريحات لـ "العين الإخبارية"، إنه "من الناحية القانونية تبين أنّ المحكمة الإدارية قد تمرّدت على القانون وتجاوزت كل ضوابط الحياد عبر قبول طلب المساعدة في تنفيذ حكم قضائي"، لافتا إلى أن "النزاعات الانتخابية ذات طابع خاص، ولا تخضع للمساعدة في التنفيذ لأن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أوكل لها الدستور مهمة الرقابة على سلامة التنفيذ بصورة حصرية".
وأضاف: "قرار المساعدة في التنفيذ خارج عن سياق القانون ومتجاوز للدستور وأحكامه، بل أن مضمونه باطل لأنه قرار يخلق وضعيّة قانونية جديدة ويتجاوز منطوق الحكم"، معتبر أن هذا القرار "من الناحية السياسية يعد بمثابة صب للزيت على النار، وإرباك الأوضاع وتأجيجها بهدف إفساد المسار الانتخابي وزعزعة استقرار البلاد".