برلمان تونس الجديد ينهي عشرية "قانون الغاب" الإخواني
انتهى الرئيس التونسي قيس سعيد من تعبيد الطريق أمام مشروع بناء جمهورية جديدة بعد إزاحة تنظيم الإخوان من الحكم.
وبخطوات واثقة وحاسمة، اتجهت تونس إلى البرلمان الجديد المكون من 161 نائبا يُنهي العشرية السوداء التي حكمت خلالها حركة "النهضة" الإخوانية تونس وتسببت في إفلاس البلاد وانتهت بانسداد سياسي.
هذا البرلمان لن يكون حلبة صراع مثلما حصل مع برلمان 2019 عندما اعتدى نواب حزب ائتلاف الكرامة على النواب عبير موسي، وسامية عبو، وأنور بالشاهد، وذلك بسبب الصلاحيات الموكولة للنواب.
صلاحيات البرلمان الجديد؟
وبمقتضى دستور 2022، لن يشمل دور البرلمان القادم مراقبة عمل وقرارات الرئيس أو الحكومة، وستكون السلطة التنفيذية مسؤولة أمام الرئيس فقط وليس أمام البرلمان، كما ينص على صلاحية رئيس الجمهورية في تعيين رئيس الحكومة وسائر أعضائها وإنهاء مهمّاتهم.
ويشير الدستور الجديد إلى تمتّع الرئيس بالحصانة طوال رئاسته، وعدم جواز مساءلته من البرلمان عن الأعمال التي قام بها في إطار أداء مهمّاته، كما يسمح للرئيس بطرح مشاريع قوانين، وبأن يكون مسؤولاً دون غيره عن اقتراح المعاهدات ووضع ميزانيات الدولة، بينما للنواب حق عرض مقترحات القوانين بشرط أن تكون مقدمة من 10 نواب.
ولن يتمتّع نواب البرلمان القادم بالحصانة، إذ سيكون بالإمكان سحب الثقة منهم من قبل الناخبين بدائرتهم الانتخابية، في حال إخلالهم بواجباتهم وبوعودهم وتقصيرهم في أداء مهامهم.
وتشير المادة الثانية من الدستور إلى إعادة إرساء النظام الجمهوري الذي كان قائمًا قبل 2011 (للرئيس سلطات أوسع)، حيث كان النظام بحسب دستور 2014 جمهوريا تنقسم فيه السلطات بين البرلمان ورئيس الحكومة، مع صلاحيات أقل للرئيس.
ويمارس الرئيس "الوظيفة التنفيذية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس حكومة" بحسب المادة 87، حيث جرى التخلي عن عبارة "سلطة" وتعويضها بعبارة "وظيفة".
وبحسب المادتين 100 و101 فإن الرئيس يعين رئيس الحكومة وبقية أعضائها (باقتراح من الأخير) وله إنهاء مهامهم.
ووفق المادة 106 تتضمن صلاحيات الرئيس إسناد الوظائف العليا المدنية والعسكرية في الدولة باقتراح من رئيس الحكومة.
وتنص المادة 112 على أن "الحكومة مسؤولة عن تصرفها أمام الرئيس".
ووفق المادة 115، لا يمكن للبرلمان إقالة الحكومة أو حجب الثقة عنها في التصويت إلا بتأييد ثلثي النواب (تتم بتأييد النصف زائد واحد في دستور 2014).
أما المادة 116 من مشروع الدستور الجديد فتشير إلى أنه وفي صورة إجراء تصويت ثانٍ لحجب الثقة عن الحكومة خلال نفس الدورة البرلمانية، يبقى للرئيس قبول استقالة الحكومة أو حل البرلمان والدعوة لإجراء انتخابات جديدة.
وتؤكد المادة 62 على منع تنقل نواب البرلمان بين الكتل النيابية "في صورة الانسحاب من الكتلة التي ينتمي إليها بداية المدة النيابية".
وتشير المادة 66 إلى أن "النائب لا يتمتع بالحصانة البرلمانية بالنسبة إلى جرائم القذف وتبادل العنف المرتكبة داخل المجلس، كما لا يتمتع بها أيضا في صورة تعطيله للسير العادي لأعمال المجلس (البرلمان)".
وتمنح المادة 68 الرئيس الحق في طرح مشروعات القوانين على البرلمان، وهو من يقدم مشروعات قوانين الموافقة على المعاهدات ومشروعات القوانين المالية.
من جهته، قال عبد المجيد العدواني الناشط والمحلل السياسي التونسي،إن البرلمان المقبل سيكون نوعيا ومختلفا عن البرلمانات السابقة .
وأكد في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أنه بهذه الصلاحيات سيكون البرلمان الجديد مغايرا، ولن تباع وتشترى فيه الأصوات خدمة لمصالح تنظيم الإخوان للهيمنة والتغلغل في الدولة.
وتابع:"حتى مشاهد الشجار والعراك لن تحصل لأن الخلافات الأيديولوجية ستغيب.
خطورة على طريق تونس الجديدة
في 25 يوليو/تموز 2021 أعلن سعيّد تعليق عمل البرلمان مدة 30 يوما وإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي بناء على الفصل 80 من الدستور الذي يخوله اتخاذ تدابير استثنائية في حالة "خطر داهم مهدد لكيان الوطن".
وأكد سعيد حينها أن خطوته تهدف إلى "إنقاذ" البلد الذي عانى من انسداد سياسي وشهد حينها ارتفاعا في عدد الوفيات جراء كوفيد-19.
وفي 22 سبتمبر/أيلول أصدر سعيّد أمرا رئاسيا يتضمن تدابير استثنائية أخرى تعزز صلاحياته على حساب الحكومة وكذلك البرلمان الذي يحل محله عبر "إصدار النصوص ذات الصبغة التشريعية في شكل مراسيم".
وفي 29 من الشهر نفسه كلف الرئيس الجامعية والمتخصصة في الجيولوجيا نجلاء بودن (63 عاما) بتشكيل حكومة في أسرع وقت. وبودن لم تكن معروفة لدى الطبقة السياسية وعامة التونسيين، حينها.
في 13 ديسمبر/كانون الأول/ أعلن سعيّد تمديد تجميد أعمال البرلمان المعلق إلى حين إجراء استفتاء حول إصلاحات دستورية الصيف التالي وتنظيم انتخابات تشريعية نهاية 2022.
في 5 فبراير/شباط 2022، أعلن الرئيس حل المجلس الأعلى للقضاء، وهو هيئة مستقلة أُنشئت عام 2016 للإشراف على الشؤون المهنيّة للقضاة، وذلك بعد أن اتهم أعضاء فيه بـ"الولاءات" وبالسقوط تحت تأثير الإخوان.
في 22 أبريل/نيسان قام سعيّد بتغيير قانون هيئة الانتخابات وباتت لديه سلطة تعيين رئيسها وأعضاء من مجلسها.
وأعلن الرئيس في 30 مارس/آذار من العام نفسه حلّ البرلمان نهائيا كرد فعل على تنظيم البرلمان المعلّقة أعماله، لجلسة افتراضية.
في 20 مايو/أيار عيّن سعيد أستاذ القانون الدستوري الصادق بلعيد على رأس لجنة مهمتها إعداد "دستور للجمهورية الجديدة".
وفي 25 يوليو/تموز 2022، شارك التونسيون في الاستفتاء الذي أقرّ الدستور الجديد.
في 15 سبتمبر/أيلول، أصدر سعيّد قانون انتخابات جديدًا يعتمد النظام الأكثري الفردي على دورتين بدلا من الانتخاب على أساس القوائم الذي كان معمولا به.
ونظمت في 17 ديسمبر/كانون الأول انتخابات تشريعية سجلت نسبة مشاركة بلغت 11,22% .
وفي 29 يناير/كانون الثاني جرت الدورة الثانية للانتخابات التشريعية لاستكمال انتخاب النواب الـ161.
aXA6IDE4LjIxNy4yMjQuMTY1IA==
جزيرة ام اند امز