"المدفونة".. أكلة يهودية يعشقها التونسيون
يشتهر المطبخ التونسي بتنوعه وثرائه حيث يعد جزءا من المطبخ المغاربي المتوسطي، ويعتبر خلاصة ثقافات عديدة.
ولعل أبرز أطباق المطبخ التونسي الضاربة في القدم، أكلة "المدفونة" التقليدية والشهيرة التي تزين موائد العائلات التونسية.
والمدفونة هي أكلة تونسيّة من اختصاص أهالي العاصمة التّونسيّة وموروثة عن يهود إيطاليا، حيث كانت تؤكل يوم السبت بعد أن يتم طبخها يوم الجمعة.
وبالعودة لأصل تسميتها، فإن المدفونة أكلة يهودية تصنع ليل الجمعة وتدفن في مجمار (موقد من الفحم) وفي يوم السبت تخرج من مجمارها لتجدها ربة البيت جاهزة للتقديم بسبب الطقوس الدينية المتعلقة بيوم السبت الذي لا يشعل فيه اليهود النار، وانتقلت الطبخة من اليهود إلى التونسيين.
وتتكون الأكلة أساسا من السبانخ أو السلق وكرات لحم البقر أو الكوارع، حيث يتم قلي سبانخ في الزيت حتى حرقها مع البصل مع التحريك المستمر ثم تضاف إليها توابل وتشكل كرات من اللحم المفروم والنعنع أو الهرقمة (الكوارع) والبهارات ثم تتم إصافة الماء وتترك على النّار حتى الغليان ثم يضاف إليها الفاصوليا الجافة والطماطم والهريسة "فلفل أحمر مجفف مع الزيت والثوم والملح والتوابل).
طبق صحي
طبق المدفونة يعدّ من الأطباق الصحية إذا ما طبخ بكرات لحم البقر، كما أنه يحتوي على عنصر الحديد بكمية وفيرة من السبانخ، كما أنه يحضّر من السلق أيضاً في بعض المناطق، كما يتم طبخ المدفونة بـ"الهرقمة" أي أرجل العجل، والتي عادة ما تعتبر دسمة.
ويعد الخبز عنصرا أساسيا في المطبخ التونسي، إذ إنّه يكون مصاحبا لجميع الأطباق تقريبا وعلى رأسها المدفونة.
تلاقح الحضارات
وقال عبد القادر المسيليني المؤرخ التونسي إن للمدفونة إحالة دينية عند اليهود الذين أثروا مخزون التراث اللامادي التونسي بفضل تلاقح الحضارات.
وأكد في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن تأثير اليهود في المطبخ التونسي واضح جدا، وأن المدفونة هي الطبق الأبرز الذي حافظ على شكله ومذاقه منذ عهود طويلة.
وتابع أن طبق المدفونة ليس مجرد أكلة فحسب، بل هو مثال للتعايش والتسامح بين الأديان، موضحا أنّ هوية المطبخ التونسي دليل على تعاقب الحضارات وتنوعها على أرضها، وهي تكشف أيضًا عن انفتاح هذا البلد وقابليّته لإثراء مكوناته والتأقلم مع ثقافات مغايرة.
وأكد أن يهود العاصمة كانوا يسكنون في حي الحفصية وسوق "القرانة" داخل أسوار تونس العتيقة، حيث كانت هذه الأحياء بمثابة رئة الحياة في تونس العاصمة، إضافة إلى انتشار مطاعم الأكلات الخفيفة وقليلة الثمن.
وأكد أن أول المطاعم الشعبية التي وجدت في العاصمة، أسسها يهود تونس، نظرا لأنه كان من العيب أن يأكل التونسيون المسلمون خارج المنزل.
aXA6IDE4LjIyMy40My4xMDYg جزيرة ام اند امز