أسبوع تونس.. صراع بالتشريعية والرئاسيات واضطراب المسار الانتخابي
الانتخابات التشريعية لم تحظَ بالاهتمام الكافي لتزامنها مع الرئاسيات المتقلبة التي تفتح الباب على أكثر من سيناريو
سيطر اضطراب المسار الانتخابي على أحداث الأسبوع الماضي في تونس، وسط انتخابات تشريعية لم تحظَ بالانتباه الكافي لتزامنها مع الرئاسيات المتقلبة التي تفتح الباب على أكثر من سيناريو.
وخاض خلال هذا الأسبوع، أكثر من 1500 قائمة تشريعية السباق التشريعي لحجز غالبية 217 مقعدا بالبرلمان المقبل، الذي ستمتد دورته البرلمانية من 2019 إلى 2024.
وتوزعت القوائم الانتخابية بين مستقلة وحزبية وائتلافية ضمت كل التيارات السياسية من أحزاب يمينية ويسارية وأخرى وسطية.
غموض الرئاسة يلقي بظلاله على التشريعية
ويقول خبراء إن نسق الانتخابات التشريعية لم يحظَ بالانتباه الكافي في ظل تزامنه مع الاستحقاق الرئاسي المتقلب والذي يفتح على أكثر من سيناريو، خاصة مع تواصل سجن الفائز في الدور الأول للانتخابات الرئاسية المبكرة نبيل القروي بتهمة التهرب الضريبي وتبييض الأموال منذ 23 أغسطس/آب الماضي.
وقررت دائرة الاتهام بالمحكمة التونسية (هيئة قضائية تونسية) مواصلة التحفظ على القروي بسجن "المرناقية" الواقع في الضواحي الغربية للعاصمة التونسية.
زوجة نبيل القروي سلوى السماوي تقول، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن عملية سجن القروي هي "مظلمة سياسية بأتم معنى الكلمة".
وأضافت أنها ستواصل الدفاع عن المشاريع التي يقدمها حزب "قلب تونس" مع فقراء البلاد داخل المحافظات والمناطق التي فشلت الحكومات المتعاقبة منذ سنة 2011 في تحقيق التنمية بها.
و تكفلت زوجة القروي بخوض الحملة الانتخابية لزوجها في الدور الأول للانتخابات الرئاسية وخلال الحملة التشريعية التي انطلقت منذ أسبوع.
وأوضحت أن خروقات قانونية تحف بملف زوجها، خاصة أن عملية سجنه لم تصدر وفقا لقرار قضائي نهائي، بل هو إيقاف تحفظي فقط.
وزادت " القروي لا يمثل خطرا على الأمن القومي التونسي حتى يتم سجنه وحرمانه من الدفاع عن مشروعه السياسي".
من جانبه، اتهم الناطق الرسمي باسم حزب "قلب تونس" حاتم المليكي حركة النهضة الإخوانية بالوقوف وراء استمرار سجن القروي.
واعتبر أن حظوظه المتنامية في تحقيق أغلبية برلمانية جعلت العديد من الأطراف السياسية تنسج مؤامرة لإقصائه من المشهد.
وتعهد، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، بعزم حزبه على المواصلة في العمل من أجل كسب رهان التشريعية، خاصة أن العديد من استطلاعات الرأي تعطي لحزب "قلب تونس" الأغلبية في نوايا التصويت في السباق التشريعي الذي ستعيشه تونس الأحد 6 أكتوبر/تشرين الأول.
هيئة الانتخابات.. الواقع والمساواة
وأفادت مصادر من داخل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، بأنها تدرس خلال اليومين المقبلين السماح للمرشح الرئاسي نبيل القروي بالمشاركة في مناظرة تلفزيونية ضد خصمه ومنافسه قيس سعيد الذي فاز في الدور الأول للانتخابات الرئاسية بنسبة 18% من مجموع الناخبين.
وتفيد المصادر ذاتها بأن وفدا من الهيئة قد تحول إلى سجن "المرناقية"، حيث التقى نبيل القروي لبحث أفضل الطرق لخوض حملته الرئاسية.
وقال نبيل بفون، رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تعمل وفق الآليات القانونية المتوفرة لها لتوفير ضمانات تكافؤ الفرص بين المرشحين الاثنين.
وتابع: "الهيئة تعمل على إيجاد السبل الكفيلة لإيصال خطاب نبيل القروي خلال الحملة الرئاسية في الدور الثاني التي انطلقت يوم 3 أكتوبر/تشرين الأول وتتواصل حتى 12 من الشهر نفسه، ليكون موعد الاختيار بين المرشح المستقل قيس سعيد ورئيس حزب قلب تونس الأحد 13 نوفمبر/تشرين الثاني.
ويقول مصطفى الرضواني، الناشط في شبكة "مراقبون" للانتخابات، إن الهيئة تعيش العديد من الإكراهات، وتمثل عملية إنجاح العملية الانتخابية لهذه السنة حسب رأيه "امتحانا صعبا في ظل تنامي أصوات التشكيك في مسار الانتخابات ومناخها."
وبيّن أن التداخل بين مسار القضاء والرهان السياسي سيضع الهيئة أمام عدم القدرة على توفير ضمانات تكافؤ الفرص، خاصة أن القروي لم يتمتع بخوض حملته الانتخابية في مسارها التشريعي ولا في مسارها الرئاسي في الدور الأول.
وأضاف أن ذلك يمثل عنصرا أساسيا يمكّنه من الطعن في نتائج الدور الثاني للرئاسية في حال عدم فوزه، وبالتالي يمكن إلغاء نتائج الانتخابات نهائيا.
التشريعية.. خفوت الحملة وضبابية الرؤية
من جانب آخر، يتفق العديد من الخبراء في تونس على أن أسبوع الحملة التشريعية الذي ينتهي اليوم الجمعة مر بإيقاعات خافتة، غلبت عليه التساؤلات الكبرى حول الصراع الرئاسي والقراءات القانونية لمآلات إيقاف القروي.
ومرّت برامج القوائم الحزبية والائتلافية والمستقلة دون اهتمام كبير من الشارع التونسي، حسب العديد من المراقبين.
ويرى أستاذ القانون الدستوري بجامعة صفاقس حفيظ النوري أن الديمقراطية التونسية تتأرجح بين موازين القوى المتناقضة والتي أثر نسق الصراع بينها على سلامة السباق الديمقراطي.
وأضاف، لـ"العين الإخبارية"، أن "الدستور التونسي الصادر سنة 2014 عقّد الأزمة السياسية، حيث إن مضامينه لا تمثل عنصر حل للأزمة السياسية في تونس"، حسب قوله.
واعتبر أن الأولوية القصوى في تونس هي تعديل الدستور والتخلص من النظام البرلماني باتجاه نظام رئاسي يعطي وضوحا أكثر للعملية السياسية.
وأوضح أن الخفوت الذي لف الانتخابات التشريعية وغياب القوى السياسية الرئيسية عن الميدان يعبر عن الذهنية الرئاسية للعقل السياسي التونسي الذي لا يؤمن في جوهره بالنظام البرلماني المدفوع من الشق الإخواني.
aXA6IDMuMTQxLjEyLjMwIA==
جزيرة ام اند امز