المرسى التونسية.. ضاحية تجمع سحر المتوسط بعبق التاريخ (خاص)

تُعد مدينة المرسى، الواقعة شمال العاصمة التونسية والمطلة على البحر الأبيض المتوسط، واحدة من أكثر الوجهات السياحية شهرةً وجاذبية في البلاد، لما تحمله من مزيج آسر بين الطبيعة الخلابة والتاريخ العريق والطابع المعماري الفخم.

وتتميّز المرسى بشواطئها ذات الرمال الذهبية الناعمة ومياهها الصافية، ما يجعلها وجهة مفضلة للزوار من داخل تونس وخارجها، خاصة خلال فصل الصيف، حيث تنشط الحياة على كورنيشها الساحر الذي يمتد بمحاذاة البحر، وسط مساحات خضراء لا تفقد وهجها في مختلف الفصول.

وإلى جانب جمالها الطبيعي، تحتضن المرسى إرثًا تاريخيًا عريقًا، إذ كانت جزءًا من الامتداد الجغرافي لقرطاج القديمة، وعرفت تعاقب حضارات متعددة، من الرومان والوندال والبيزنطيين، إلى العرب الفاتحين، فالأغالبة والفاطميين والصنهاجيين، مرورًا بغزوات بني هلال والهجرات الأندلسية، وصولًا إلى العهد العثماني.

وفي العصر الحديث، كانت المرسى مقرًا صيفيًا مفضلاً للعائلة الحسينية الحاكمة، التي شيّدت فيها القصور والمباني الفخمة التي لا تزال شامخة حتى اليوم، مثل قصر السعادة الذي أُقيم في عهد محمد باشا (1855–1859)، وسط حديقة مترامية تبلغ مساحتها نحو 3000 متر مربع، وتحيط به منتزهات زادت من بهائه.

وفي حديث لـ"العين الإخبارية"، أكد الناشط في المجتمع المدني والباحث في التراث التونسي، ماجد الشريف، أن المرسى تُعد من أجمل ضواحي العاصمة، مشيرًا إلى أن شهرتها تعود إلى مزيجها الفريد بين التاريخ والفخامة، إلى جانب طابعها المعماري المستوحى من العمارة القرطاجية والتونسية التقليدية.

وأضاف الشريف أن المدينة شكلت في عهد البايات الحسينيين مركزًا مهمًا للحكم والإقامة الصيفية، وقد شهدت حينها طفرة معمارية ملحوظة، جعلت منها وُجهة للنخب والطبقات الراقية، وهو ما انعكس على طابعها الحضري حتى اليوم.

كما أشار إلى أن اقتصاد المرسى يعتمد بشكل كبير على السياحة، بفضل ما توفره من بنية تحتية متنوعة، تشمل الفنادق والمطاعم والمقاهي والأسواق التقليدية، بالإضافة إلى مطبخها المحلي الغني وأصناف الحلويات والبوظة التي تشتهر بها.

وبين نسائم المتوسط ودفء التاريخ، تظل المرسى عنوانًا للجمال التونسي المتجدد، ونقطة التقاء بين الذاكرة والترفيه، تستقطب زوارها بشواطئها الهادئة، وتروي حكايات حضارات تعاقبت وتركَت بصماتها على كل حجر وركن في هذه المدينة البحرية الباذخة.