نقص الأدوية في تونس.. أزمة مخيفة عنوانها "الديون"
يواجه التونسيون أزمة نقص واختفاء للعديد من أنواع الأدوية خاصة المتعلقة بالأمراض المزمنة مثل القلب والسرطان والسكري.
وأزمة الدواء في تونس لا ترتبط بالاستيراد من الخارج فقط، بل ترتبط كذلك بأزمة الديون التي تعانيها المؤسسات الصحية الحكومية، وعلى رأسها المستشفيات والصناديق الاجتماعية.
و"الصيدلية المركزية" في تونس هي المؤسسة الوحيدة المكلفة بعمليات توزيع الأدوية في البلاد وتمر بدورها بأزمة مالية نتيجة عجز الصناديق الاجتماعية "حكومية" عن سداد مستحقاتها.
وللإشارة فإن تونس تغطي محليا 60 إلى 65 بالمئة من احتياجاتها من الدواء.
تغيير المنظومة ضروري
من جهته، يرى رئيس النقابة التونسية لأصحاب الصيدليات الخاصة نوفل عميرة، أن تغيير المنظومة الحالية لاستيراد وتوزيع الأدوية أصبح مسألة ضرورية لأنها تسببت في عديد المشاكل.
وأكد لـ"العين الإخبارية" أنه يمكن حل بعض هذه المشاكل عن طريق رفع الدعم الحكومي عن الأدوية التي لها مثيل تونسي.
كما حذر من صعوبة الوضعية المالية للصيدلية المركزية (حكومية) ما يهدد بانهيار المنظومة بأكملها، مؤكدا أن عدم إيجاد حلول جذرية لمسألة نقص الأدوية سيفاقم حدة الأزمة.
وأوضح أنّ نقص الأدوية يفتح المجال أمام السوق الموازية ما يستدعي إيجاد حلول ناجعة في القريب العاجل، خاصة مع تنامي ظاهرة بيع الأدوية الطبية أو شبه الطبية عبر مسالك غير قانونية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.
أزمة هيكلية
من جهته، قال علي الصنهاجي الخبير الاقتصادي التونسي لـ"العين الإخبارية" إن ديون الصيدلية المركزية ضخمة جدا وفي حال سدادها سيتم إنعاش خزينة الصيدلية من الأموال وبالتالي خلاص ديونها لدى المخابر الأجنبية وتوفير الأدوية الناقصة للسوق.
وأشار إلى أن تراكم ديون الصيدلية المركزية وعدم قدرتها على سداد مستحقات الشركات العالمية أدى إلى اضطراب في ضخ الأدوية في السوق المحلية.
وأكد أنه في السابق، كانت صيدليات المستشفيات الحكومية توفر الأدوية للطبقات الضعيفة لكن في السنوات الأخيرة أصبحت عاجزة عن توفير جميع حاجات المرضى من الأدوية.
ومؤخرا، أكد الرئيس التونسي قيس سعيد ضرورة توفير مخزون استراتيجي خاصة بالنسبة إلى الأدوية الحياتية، قائلا" الدواء جزء من الأمن القومي والحق في الصحة هو حق طبيعي من حقوق الإنسان."
من جهته، علق وزير الصحة التونسي علي مرابط خلال جلسة برلمانية عن نقص الأدوية في تونس، قائلا إن هذا النقص يعود إلى تراكمات وإشكاليات تخص السيولة، مشيرا إلى أن الصيدلية المركزية تتكبد ديونا بحوالي 700 مليون دينار (نحو 200 مليون دولار).
ولفت الوزير إلى نقص المواد الأولية المصنعة للدواء بسبب تداعيات أزمة كورونا والقوانين البالية التي تنظم القطاع ويجب مراجعتها، مؤكدا أن الوزارة تعمل على تلافي هذا الإشكال بالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية لإعداد استراتيجية تخص مجال الأدوية وخطة عمل لمجابهة حالات النقص في الحصول على الدواء فضلا عن تكوين مخزون استراتيجي (لمدة شهر أو 3 أشهر).
وللإشارة فإن مستحقات الصيدلية المركزية لدى الصندوق الاجتماعي والمؤسسات الصحية يصل إلى نحو 1.2 مليار دينار (390 مليون دولار)، في حين تبلغ إجمالي مستحقات الصيدلية المركزية لدى المستشفيات الحكومية إلى 741 مليون دينار (241.3 مليون دولار)، إضافة إلى 41 مليون دينار (13.35 مليون دولار) غير مستخلصة لدى بعض حرفاء الصيدلية.
كما أن مستحقات صندوق التأمين على المرض ارتفعت إلى أكثر من خمسة مليارات دينار (1.62 مليار دولار).
aXA6IDE4LjExOC4xNDQuOTgg جزيرة ام اند امز