الغنوشي.. "أخطر رجل" يقود تونس لحرب أهلية
لم يكتف راشد الغنوشي بإشعال الأزمات السياسية، بل يقود تونس عمدا إلى الاحتراب الأهلي لإنقاذ حركة "النهضة" الإخوانية المصابة بـ"سكتة سياسية".
وتثير تصرفات الغنوشي، رئيس البرلمان وقائد حركة النهضة الإخوانية، الانتقاد في معسكرات الخصوم السياسيين، وفي داخل حركته على حد سواء، ما ينذر بقرب نهاية "أخطر رجل" في تونس.
ففي تصريحات صحفية مؤخرا، قال القيادي السابق بحزب حركة النهضة عبد الحميد الجلاصي إن "النهضة انتهت سياسيا، ولم يعد لها دورا إيجابيا في البلاد"، في صفعة جديدة لسياسة الغنوشي من داخل البيت الإخواني.
وحمل الجلاصي الذي استقال من حزب النهضة بعد أن كان نائبا للغنوشي، الأخير مسؤولية الصراعات السياسية الموجودة في تونس، ملمحًا إلى أن رئيس البرلمان هو العنوان الأول للازمات في البلاد منذ عام 2011.
وهذه ليست المرة الأولى التي يخرج فيها قيادي إخواني بتصريحات حول مسؤولية الغنوشي عن أزمات تونس.
ففي وقت سابق، دعا الفتاح مورو، أحد مؤسسي الاخوان في تونس، الغنوشي إلى اعتزال السياسة والانسحاب من المشهد، لفشله في رسم خطوط السلم بين مختلف أبناء السعب التونسي.
لكن رئيس البرلمان يصر على ركوب صهوة العناد، وصمم في خطاب عدائي قبل أيام، على حشد أنصاره للتظاهر يوم السبت في تونس العاصمة، في خطوة استفزازية للشعب والنواب الذين يطالبون بسحب الثقة منه برلمانيًا، ومحاسبته قضائيا على جرائم الإرهاب.
يتزامن ذلك مع تكثيف النهضة لعبها على وتر الخطاب الديني من أجل تقسيم المجتمع التونسي بين مؤمنين (أتباع النهضة) وكفار ( الطبقة العلمانية )، في دعوات صريحة للفتنة، وفق مراقبين.
احتراب أهلي
ويرى مراقبون أن الغنوشي يتحرك من واقع تلقص شعبيته، وتصنيفه من قبل 70% من التونسيين بأنه "أخطر شخصية في البلاد"، وفق استطلاع للرأي، لذلك قرر استخدام ورقة الشارع والصدام ضد موجة الاحتجاجات الشعبية التي طالما رددت "ياغنوشي يا سفاح يا قاتل الأرواح".
وطالبت احتجاجات خلال الأسابيع الماضية، السلطات بالتحرك لكشف التمويلات المشبوهة التي تصل حركة النهضة، وملف الجهاز السري المسؤول عن الاغتيالات السياسية في الحركة.
بدوره، قال جهاد العيدودي، أستاذ علم الاجتماع السياسي إن "تبني زعيم اخوان تونس معركة الشارع يأتي لابعاد الأنظار عن العريضة البرلمانية التي تجاوزت المئة توقيع، وتطالب بسحب الثقة منه"، مضيفا أن "حشد الغنوشي أنصاره في الشارع هو دعوة للحرب الأهلية بين أبناء الوطن الواحد".
وأضاف في حديث لـ"العين الإخبارية"، أنه: "ما يخطط له الغنوشي من احتراب أهلي، ليس إلا صورة أخرى من صور الرجل الأخطر في تونس"، مضيفا أن رئيس البرلمان "أصبح محل انتقاد من أقرب أعوانه، وهو ما يؤشر على نهايته القريبة".
وتابع أن "محاولات الغنوشي لوضع اليد على الدولة فشلت رغم سعيه لاختراق أجهزة الدولة"، مضيفا "الاحتجاجات المتنامية ضد الغنوشي دليل على إفلاسه سياسيا وأخلاقيا".
فيما قال مصطفى بن أحمد، رئيس كتلة تحيا تونس صاحبة الـ10 مقاعد في البرلمان أن الغنوشي أصبح عنوان أزمة في البرلمان، وهو ما يستوجب رحيله.
وحمل بن أحمد، الغنوشي، في حديث لـ"العين الإخبارية"، "مسؤولية الازمة السياسية بين رئيس الوزراء هشام المشيشي، والرئيس قيس سعيد، مضيفا "الغنوشي أخطأ في حق البلاد، وعليه الرحيل".
وأضاف "نؤيد سحب الثقة من الغنوشي وابتعاده عن مؤسسة البرلمان".
وتعيش تونس منذ نحو شهر أزمة سياسية غير مسبوقة، بعد رفض الرئيس التونسي قبول وزراء التعديل الحكومي الذي أجراه المشيشي، في 26 يناير/كانون الثاني الماضي، متهمًا أربعة وزراء من مجموع 11 بالفساد وتضارب المصالح.
وفي أحدث فصول الأزمة بين سعيد والمشيشي، أقدم رئيس الحكومة، منتصف الشهر الجاري، على إعفاء 5 من وزراء محسوبين على الرئيس، من مناصبهم.
ويعود رفض الرئيس التونسي للتعديل الحكومي إلى خلافات عميقة مع هشام المشيشي الذي تدعمه حركة النهضة، منذ الأيام الأولى لوصوله لرئاسة الحكومة، مطلع سبتمبر/أيلول 2020.