منابر بلا جمهور.. لماذا لفظ التونسيون الأحزاب؟

بعد أكثر من عقد على صعودها إلى واجهة الحكم، وجدت الأحزاب التونسية نفسها خارج المعادلة السياسية بعدما فقدت ثقة الشارع الذي عاقبها على سنوات من العجز والوعود الكاذبة والفساد.
فمنذ 2011، لم تقدّم هذه الأحزاب سوى صراعات داخلية وانقسامات متتالية، وانشغلت بالمصالح الضيقة على حساب التونسيين وتطلعاتهم، لتتحول تدريجياً إلى هياكل فارغة بلا قواعد شعبية ولا مشروع وطني حقيقي.
وجاءت لحظة 25 يوليو/تموز 2021 لتكشف المستور، إذ سقطت حركة النهضة الإخوانية ومعها مجمل المنظومة الحزبية التي ارتبطت بالفساد والتجاذبات، تاركة الساحة لنظام يسعى إلى إعادة الاعتبار للدولة ومؤسساتها.
ومع غياب البرامج والرؤى لدى هذه الأحزاب، بدا واضحاً أن الشارع طوى صفحتها، وفتح المجال أمام مسار جديد تقوده الدولة بعيداً عن فوضى التعددية الشكلية التي لم تجلب سوى الأزمات.
وبلغ عدد الأحزاب السياسية في تونس 244 حزبا بحسب بيان حكومي في يونيو/حزيران 2020.
وتقاسم حزب "نداء تونس" و"النهضة" الحكم في الفترة التي تلت 2011، خلال فترة الرئيس الباجي قائد السبسي، فيما تصدر حزب "قلب تونس"، إلى جانب "النهضة" الانتخابات التشريعية في 2019، لكن تجميد البرلمان في 25 يوليو/تموز 2021، أنهى نفوذ هذه الأحزاب التي كانت سببا في خراب البلاد، وفق مراقبين.
سر اختفائها
ويرى المحلل السياسي التونسي زياد القاسمي أن الأحزاب فشلت في إدارة الشأن العام ما تسبب في لفظ شعبي لها.
وأكد القاسمي لـ"العين الإخبارية" أن المنظومة الحزبية في تونس وعلى رأسها حركة النهضة خرّبت الحياة السياسية، لأنّها تشكّلت على أساس المصالح الحزبية الضيقة ولم تهتم لحال التونسيين وتطلعاتهم.
وأكد أن تنظيم الإخوان عندما سقط في 25 يوليو/تموز 2021 سقطت معه أحزاب سياسية غير حاملة لمشروع حقيقي مثل أحزاب نداء تونس، و"تحيا تونس" و"قلب تونس" والتي تأسست من قبل جهات نافذة سياسياً واقتصادياً للتحكم في المشهد السياسي.
واستبعد وقوع تضييق من السلطة على الأحزاب التي تعمل للمصلحة العامة.
مراجعات
من جهة أخرى، يعتقد المحلل السياسي التونسي عمر اليفرني أن سبب انهيار الأحزاب السياسية في تونس وخاصة الأحزاب الأيديولوجية وانحسار نفوذها بسبب تراجع ثقة الشارع فيها في ظل عدم قدرتها على تطوير أفكارها وتوجهاتها.
وأوضح في حديث لـ"العين الإخبارية" أن الأحزاب في تونس انهارت رغم أنها كانت تشكل رقما صعبا في المعادلة السياسية بسبب عدم قدرتها على الإقناع ولعب دورها الأساسي، وهو تقديم برامج حقيقية، واستراتيجيات واضحة لتغيير وضعية المواطن التونسي للأفضل.
وأفاد بأنه "على الأحزاب أن تعمل على نقد ذاتي لأنها لم تكن في مستوى الشعارات التي رفعتها في السابق، ولا بدّ على كل حزب أن يطوّر برامجه وأطروحاته، فضلا عن تجديد الحضور الميداني والارتقاء بمستوى العمل الحزبي”.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2023 علقت الحكومة التونسية أنشطة 97 حزبا سياسيا بعد الانطلاق في تتبع الأحزاب التي لم تقدم تقاريرها المالية منذ سنة 2018. كما نبهت الإدارة 150 حزبا آخر بشأن أوضاعها المالية، ما يعني وجود أكثر من 200 حزب في تونس.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMzcg جزيرة ام اند امز