الغنوشي.. رحلة "عراب الإرهاب" في تونس من الحكم إلى السجن
يستحق راشد الغنوشي زعيم إخوان تونس بجدارة لقب "عراب الإرهاب"، بسبب تاريخه الأسود في الجرائم بحق التونسيين.
فمنذ ستينيات القرن الماضي واجه الغنوشي أحكاما بالسجن المؤبد والنفي والإعدام، إلى أن وصل بعد سنة 2011 إلى الحكم ليعود إثر ذلك لمكانه الطبيعي وهو السجن.
والأسبوع الماضي، أصدر القضاء التونسي مذكرة توقيف في حق راشد الغنوشي بتهمة التحريض على الأمن القومي والدعوة للعنف على خلفية تصريحات له يقول فيها إن تونس دون الإسلام السياسي والنهضة مشروع حرب أهلية".
والإثنين الماضي، اعتقلت قوات الأمن التونسية الغنوشي بعد مداهمة منزله وتفتيشه وأغلقت مقار حركة النهضة الإخوانية بعد تفتيشها، وفقا لقرار من وزير الداخلية التونسي كمال الفقيه.
كما تقرر حظر الاجتماعات بمقار حركة النهضة بالأراضي التونسية، استنادا إلى الفصل السابع من الأمر عدد 50 لسنة 1978 والمتعلق بتنظيم حالة الطوارئ، كما تقرر حظر الاجتماعات بمقرات جبهة الخلاص الموالية للإخوان.
مسيرة إرهابي
والغنوشي ولد في 22 يونيو/حزيران 1941 في محافظة" قابس " جنوب شرقي البلاد، وليكمل تعليمه العالي، سافر سنة 1964 إلى مصر ثم سوريا، حيث حصل سنة 1968 على الإجازة في الفلسفة من جامعة دمشق، ثم سافر إلى باريس التي أمضى فيها فترة قصيرة ليعود إلى تونس في نهاية الستينيات من القرن الماضي.
وعمل الغنوشي أستاذا للفلسفة في مدارس ثانوية بالعاصمة تونس، وفي 1972 أسس مع بعض رفاقه "الجماعة الإسلامية" التي غيرت اسمها في 1981 إلى "حركة الاتجاه الإسلامي" ثم إلى "حركة النهضة" في 1989.
بدأ الغنوشي الاشتغال في السياسة عام 1969، وتم اعتقاله في ثمانينيات القرن الماضي، وحكم عليه بالإعدام مرتين في تسعينيات القرن الماضي بسبب نشاطه الإرهابي، مما أجبره على البقاء في المنفى في لندن لمدة 21 سنة بين 1989 و2011، إذ عاد إلى البلاد عقب سقوط نظام زين العابدين بن علي.
وتمت محاكمة الغنوشي عام 1981، حيث حكم عليه بالسجن 11 عاما، كما تمت محاكمته عام 1987 وقد حكم عليه بالسجن مدى الحياة وبالأعمال الشاقة.
وهذا الحكم لم يكن كافيا بالنسبة للرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة، حيث قدم طلبا لرفع الحكم إلى عقوبة الإعدام ولم يتم تنفيذ هذا الحكم بسبب تولي الرئيس السابق زين العابدين بن علي الحكم في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 1987، ليأمر بإطلاق سراح الغنوشي في 14 مايو/أيار 1988.
وكانت هذه الأحكام بسبب تورط الغنوشي في أعمال إرهابية بتهمة حرق عدة مراكز تعليمية، وخطف مسؤولين.
وفي نهاية 1989 غادر راشد الغنوشي تونس إلى الجزائر ومنها إلى لندن في 1991، وقد حكمت عليه المحكمة العسكرية بتونس مع قيادات أخرى بالسجن المؤبد بتهمة "التآمر" ضد رئيس الدولة.
رحلة الكذب بعد 2011
وعقب سقوط نظام زين العابدين بن علي سنة 2011، عاد الغنوشي من منفاه في لندن إلى تونس، ليقول في أول تصريح له عقب عودته إنه لن يشارك في السياسة، ولن يتقلد أي منصب، وأن رئاسة "حركة النهضة" ستكون للشباب.
تصريحاته لم تدم طويلا، وحبل الكذب كان قصيرا، فبعد أن فاز حزبه في انتخابات 2011 نتيجة خديعته للتونسيين بأنه سيعطي حقوق الجميع، تراجع عن زيفه وأظهر وجهه الحقيقي وبقي في منصبه كرئيس الحركة ثم تولى رئاسة البرلمان عام 2019، إلى أن أزاحه الرئيس قيس سعيد من هذا المنصب في 25 يوليو/تموز 2021، ثم دخوله إلى السجن في 17 أبريل/نيسان الجاري.
ومن منصبه كزعيم إخوان تونس، دمر الغنوشي كل مؤسسات الدولة ونهب الثروات والقروض والهبات التي وصلت إلى تونس منذ 2011، والتي كان يمكن من خلالها أن تتطور موازنة البلاد وتدور عجلة التنمية ويصعد نسق النمو، لكن الواقع كان مختلفا حيث أصبحت تونس ترزح تحت عتبة الفقر.
وأنهك الغنوشي تونس طيلة 10 سنوات، وأسقطها في مربع العنف والقتل والإرهاب وتسبب في قتل جنودها ورجال شرطتها ومدنييها وسياسييها، وحينها اكتشف التونسيون وجهه الحقيقي.
مكانه الطبيعي السجن
وقال عبدالمجيد العدواني، الناشط والمحلل السياسي، إن الغنوشي يحاسب على جرائم ارتكبها في حق بلاده وشعبه، مضيفا أن "مكانه الطبيعي هو السجن ليعاقب عن سلسلة جرائمه".
وأضاف العدواني لـ"العين الإخبارية" أن مسيرة الغنوشي الإرهابية ليست وليدة اليوم، بل كانت منذ ثمانينيات القرن الماضي، فقد تورط في أعمال إرهابية منها حرق مراكز الأمن والفنادق في محافظة سوسة شرقي البلاد، ولم يكتف بذلك، بل حاول الانقلاب على الحكم سنة 1987 لكن تم كشف مخططاته إلى أن فر من البلاد عبر الجزائر إلى لندن.
وأكد أن الغنوشي يحاسب اليوم على تهمة التحريض والدعوة للعنف والتي يكون حكمها الإعدام، لكنها ليست جريمته الوحيدة لأنه يواجه جرائم إرهابية ومالية عديدة، من بينها تسفير الإرهابيين إلى بؤر التوتر والتخابر على أمن الدولة والاغتيالات.
وأوضح أن الغنوشي حرّض على العصيان وهدّد ودعا إلى العنف و الحرب الأهلية بعد حملة منظّمة قادتها حركته وصهره رفيق عبدالسلام على الدولة وقواتها المسلحة من رجال الأمن والجيش الوطني.
ويوم 15 فبراير/شباط الجاري، قال الغنوشي، في خطاب أمام أنصاره، إن "إبعاد حزب النهضة من السلطة هو تمهيد للحرب الأهلية في تونس وبداية لانطلاقة الفوضى في البلاد".
وأضاف أن "تونس دون النهضة والإسلام السياسي مشروع حرب أهلية".
وجاءت تهديدات الغنوشي خلال اجتماع حزبي لرئيس حركة النهضة وفي سياق يواجه فيه تتبعات قضائية لتورطه في مجموعة قضايا، منها اغتيال كل من القيادي اليساري شكري بلعيد في 6 فبراير/شباط 2013، واغتيال النائب الأسبق في البرلمان التونسي محمد البراهمي في شهر يوليو/تموز من العام ذاته.
aXA6IDE4LjIyNC41NS4xOTMg جزيرة ام اند امز