الشاعرة التونسية سونيا الفرجاني: كنت "ملكة زماني" في رمضان
الشاعرة التونسية سونيا الفرجاني تؤكد أنها كانت تشعر بأنها ملكة زمانها حينما تدعى على الإفطار عند أقاربها وهي طفلة احتفالا بصومها الأول.
ارتبط شهر رمضان بالعديد من الذكريات التي طالما تتشكل في الوجدان وتُشعل الحنين لكل ما هو قديم، سواء من الطقوس الرمضانية، أو مشاهدة برامج تلفزيونية، والاستماع لأغنيات ظلت عالقة في الأذهان.
عن ذكرياتها مع شهر رمضان قالت الشاعرة التونسية سونيا الفرجاني لـ"العين الإخبارية": "لرمضان في بيتنا نكهة الجزر ورائحة البحر المتوسط وعبق التاريخ الجميل الذي مرّت به جزيرة الأحلام عبر قرون من الحضارات. لا أذكر أننا في بيتنا أهملنا الاستعداد لرمضان كما عوّدتنا جدتي وتوارثت أمي عليها كل تلك التفاصيل"، وأكدت أنها كانت تشعر بأنها ملكة زمانها حينما تدعى على الإفطار عند أقاربها وهي طفلة احتفالا بصومها الأول.
وأضافت الفرجاني: "يبدأ ذلك قبل أسابيع تٌخرج فيها أمي كامل مكونات المطبخ لحوش البيت حيث تغسلها وتغلّف مرافع الخزانة بغطاء جديد عادة ما يكون حاملا لرسومات مزهرة، وعادة ما تشتري كل لوازم مطبخها بنقوش ورود وألوان زاهية، ونشاركها أنا وأخواتي هذه الاستعدادات، وعندما يحلّ الشهر الكريم تكون أمي قد أعدت الموالح والمخللات والقديد والتوابل والحلويات التقليدية التي توضع بعد النضج في علب من نحاس مطلية وأنيقة".
وتابعت: "تعوّدنا أن نستقبل الشهر في بيتنا نتحلق حول أبي وأمي وكنا 4 أطفال حالمين، وبعد أسبوع تبدأ حركة الزيارات بين الأعمام والخالات والجدتين، نتبادل الزيارات وننتظرها كأن كل يوم فيها عيد، وأجمل ما في تلك السهرات أنها تشعر الفتيات منا بنضجهن واستعدادهن الجميل لتعلم فنون الطبخ ومذاقاته فتجد كل واحدة منا تستعرض عضلاتها في بيت المضيفة وتسعى بين المطبخ والطاولة كأنها تقول لنساء العائلة لقد كبرت وصرت صبية جاهزة للخطبة والزواج".
وتوضح: "أقصى أحلامنا كانت هي الزواج ليصير لنا بيت ومطبخ وغرف وخزانة مليئة بالأقمشة الجميلة وصندوق ذهب وأحلام بسيطة لبنات في عمر المراهقة واكتشاف العالم. ورمضان وحده كان يمنحنا هذه الأحاسيس الحرة الجميلة الحالمة".
وتقول: "رمضان شهر الدلال والسهر والحق في الاستسلام لشهوات الأكل والشراء حيث عادة ما لا يرفض الأبوان اقتناء ما نشتهي وطبخ ما نريد، ولم تكن الحياة بهذه السهولة ولا كانت خيراتها بهذا الكم والقدر الذي يعيشه أطفالنا اليوم، حيث طاولات ملونة وقائمة من الأطباق والمشتريات المغرية التي يمكن لها أن تجعل الإفطار أكثر إغراء".
وأضافت الفرجاني: "ذات ليلة من ليالي رمضان الجميلة، كنت مدعوّة بمفردي عند عمتي احتفالا بصومي الأول، فقد صرت كبيرة وحق الصيام علي كما على الكبار وبهذه المناسبة تدعى الفتاة كل ليلة عند فرد من أفراد أسرتها، لا أعرف لماذا كنا نفرح بذلك والحال أنني اليوم أشعر بالخجل وبساطة الفكرة بل برداءتها، وفي بيت عمتي كان العشاء كله على شرفي وأطباقه من شهواتي".
وتابعت: "أول مرة أشعر بأنني سيدة المكان والزمان بلا منازع، وفي ذلك اليوم لبست أجمل ما عندي وأوصلني أبي إلى بيت أخته كأنه يزف ابنته لبيتها الجديد، حملت في يدي صندوق حلويات ودخلت على عمتي بفرح وانتصار. والآن ها قد صرت امرأة كبيرة تصوم مثلكم وإنني الآن محل اهتمام وتقدير كاملين".
واختتمت حديثها قائلة: "بعد العشاء التحقت بنا أسرتي، وقضينا سهرة على شرفي وزعت فيها الحلويات والمشروبات، ثم عدت إلى دارنا ملكة زماني".