تونس في مرمى نيران الإرهاب رغم التحسن الأمني
خبراء في مجال الإرهاب أكدوا أنّ تونس تجاوزت فعلًا مرحلة الإرهاب، ولكن يجب البقاء في حالة من التيقّظ الدائم.
أكدت وزارة الداخلية التونسية، أنها تمكنت خلال شهر يناير الماضي من كشف 150 قضية إرهابية، تمّ فيها إحالة 173 عنصرًا مشتبهًا به إلى السلطات القضائية.
وأوضحت، في مؤتمر صحفي، هذه المؤشرات تحسّن واضح مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية، واستقرار للوضع الأمني العام بالبلاد.
وأوضح خبراء في مجال الإرهاب أنّ تونس تجاوزت فعلًا مرحلة الإرهاب، على الرغم من تأكيد المسؤولين على أنّه يجب البقاء في حالة من التيقّظ الدائم، رغم النجاحات العديدة التي حققتها المؤسستان العسكرية والأمنية في مكافحة الإرهاب.
وتمّ التأكيد على دور المجتمع في معاضدة مجهودات رجال الأمن.
وأكد المتحدث باسم إدارة الحرس الوطني (الأمن التونسي) خليفة الشيباني، أنّ80% من الإرهابيين الذين قتلوا أو ألقي القبض عليهم على علاقة بالعملية الإرهابية في مدينة بنقردان، جنوبي تونس، من المهرّبين.
وأوضح الشيباني، في مؤتمر صحفي، نهاية شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، أنّ التحقيقات الخاصة بالعملية الإرهابية التي نفذتها عناصر إرهابية، قبل نحو 9 أشهر، كشفت العلاقة الوثيقة بين الإرهاب والتهريب، مشدّدًا على أنّ المشاركين في عملية بنقردان كانوا من المهرّبين قبل أن يكونوا من حاملي السلاح.
وأشار إلى أنّ التعاون بين التهريب والإرهاب تمّ إثباته وتوثيقه في المحاضر والأبحاث المتعلقة بالإرهاب، ولهذا السبب وجب مقاومة التهريب ومن خلاله يمكن مقاومة الإرهاب، مضيفًا أنّ الجماعات الإرهابية موّلت نفسها في مالي والنيجر من خلال عمليات الخطف وطلب الفدية، أما في سوريا والعراق فاعتمدت على البترول، وفي تونس يموّل الإرهاب من خلال عمليات التهريب.
وأكد العميد الشيباني أنّ منظومة تأمين المراكز الحدودية ممتازة، مشيرًا إلى أنه لم يتجرأ الإرهابيون على مهاجمتها إلّا في عملية واحدة في محافظة جندوبة، شمال غربي تونس.
وأعلنت وزارة الداخلية التونسية أنّ القوات الأمنية نجحت في تفكيك 160 خلية إرهابية منذ بداية العام الجاري، بارتفاع بنسبة 45% مقارنة بالموسم الماضي.
وكشفت أنها اعتقلت 805 مشتبه في تورطهم بقضايا إرهابية العام الماضي، كما أنّ القوات الأمنية تمكنت من تفكيك 97 خلية إرهابية العام 2015، واعتقلت خلاله 547 شخصًا في علاقة بهذه الخلايا.
ويؤكد العدد الكبير للخلايا التي نجحت القوات الأمنية التونسية في تفكيكها، أنّ تونس تبقى في حالة من التهديدات الأمنية على الرغم من النجاحات، وذلك على خلفية إمكانية تسرّب عناصر إرهابية من الحدود الجنوبية لتونس مع ليبيا.
وقّع الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي على الإستراتيجية الوطنية لمكافحة التطرف والإرهاب، في السابع من نوفمبر/تشرين الثاني 2016، وهي مقاربة من 4 محاور رئيسية، وهي المقاربة السياسية العامة، والمقاربة الأمنية والقانونية، والمقاربة الاقتصادية الاجتماعية، والمقاربة التربوية والثقافية والدينية.
وتمّ التركيز في هذه الإستراتيجية على الجانب المتعلّق بالوقاية على أنّ التهديد الإرهابي في تونس هو نتاج لعوامل متنوعة مرتبطة أساسًا بالتشدد والتطرف العنيف والجريمة المنظمة العابرة للحدود وانتشار السلاح والذخيرة إلى جانب عدم الاستقرار السياسي بالمنطقة.
وشدّدت الإستراتيجية في هذا الجانب على أن التصدّي لهذه المخاطر يتمّ بقطع الطريق أمام محاولات الاستقطاب التي تقوم بها المجموعات الإرهابية بصورة مباشرة وغير مباشرة وفي المساجد والمؤسسات السجنية لضمان مجتمع غير متشدّد ولا يتأثر بالاستقطاب، وبيّنت أنّ التّصدّي يتمّ كذلك عبر العمل على بناء ثقافة الحوار والسلام والتسامح واحترام جميع الأديان والمعتقدات والثقافات.
وشدّدت الإستراتيجية على ضرورة المنع القانوني للتحريض بأي شكل كان على ارتكاب أعمال إرهابية وتعزيز مناهج التعليم والحوار لمقاومة الفكر المتطرف، إضافة إلى التصدي للتطرف في المؤسسات العقابية (السجون) ودعم البحوث التحليلية حول دور المرأة في منع التطرف.
أما بقية الأسس الواردة بالإستراتيجية، فقد تمّ التركيز فيها على تتبع المتسببين في الإرهاب في مستويات التنفيذ والتخطيط والإيعاز وكيفية الردّ على الأعمال الإرهابية.
وأكد العميد السابق رئيس المركز التونسي لدراسات الأمن الشامل، مختار بن نصر، أنّ "الوضع الأمني تحت السيطرة رغم العملية الإرهابية التي حصلت اليوم، جنوب غربي تونس، والتي ذهب ضحيتها رجل أمن"، وشدّد على أنّها الأولى بعد عملية بنقردان، على الحدود التونسية الليبية، في السابع من شهر مارس/آذار 2016، في إشارة واضحة على تقلّص عدد الضحايا.
وأكد العميد مختار بن نصر، في تصريح لبوابة "العين" الإخبارية، أنّ "الأمن استعاد عافيته في تونس خاصة بعد تنفيذ بنود الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب من خلال العمل على تحقيق الأمن عبر السيطرة على المساجد وتعليق نشاطات عشرات الجمعيات المشبوهة في وقوفها وراء الإرهاب"، مشيرًا إلى أنّ "تونس تبقى الأقل تهديدًا في مواجهة الإرهاب".
وأشار رئيس المركز التونسي لدراسات الأمن الشامل إلى أنّ "عملية بنقردان الناجحة قبل عام مثلت الانطلاقة الحقيقية للنجاح الأمني في تونس، والقضاء على تنظيم "داعش"، الذي فشل فشلًا ذريعًا في إقامة إمارة له في بنقردان التونسية، فتلقى بعد ذلك ضربات قاصمة في الرقة والموصل وسرت".
بدوره، أكد الخبير في الشؤون الأمنية والعسكرية، فيصل الشريف، وجود نجاحات أمنية في محاربة الإرهاب، مشيرًا إلى أنّ ما حصل اليوم، في محافظة قبلي، جنوب غربي تونس، يجعل الوحدات الأمنية والعسكرية على استعداد دائم للردّ على أيّ محاولة من الإرهابيين الذين تمّ القضاء على أغلبهم.
وأعاد الشريف، في تصريح لبوابة "العين" الإخبارية، الإشارة إلى علاقة الإرهاب بالتهريب، مشدّدًا على ضرورة محاربة المهرّبين.
اعتبر الشريف أنّ خروج مسيرات عفوية في محافظة قبلي، جنوب غربي تونس، صباح اليوم، مندّدة بالعملية الإرهابية التي وقعت فجر اليوم، وتساند الأمنيين، دليل على أنّ الإرهابيين لا يجدون من يحضنهم شعبيًّا، ولا من يغطّي على جرائمهم، وهو مؤشر إيجابي على أنّ هؤلاء الإرهابيين لن ينجحوا.
وساعد أحد المواطنين رجال الأمن المصابين إلى حين حضور التعزيزات الأمنية، مضيفًا أنه منع الإرهابي المصاب من توصيل العبوات الناسفة بالصاعق لتفجيرها.
وأسفرت العملية عن استشهاد رجل أمن، وجرح اثنين آخرين، إلى جانب القضاء على إرهابيين، والقبض على آخر، بينما تواصل الوحدات الأمنية تمشيط المنطقة لإلقاء القبض عليه.
وبعد 3 عمليات إرهابية خطيرة في العام 2015، فشلت عناصر إرهابية في محاولتها إقامة إمارة في مدينة بنقردان الحدودية، في السابع من شهر مارس/آذار 2016، بعد أن تصدت لها القوات الأمنية والعسكرية التونسية وقضت على عدد كبير منهم، وألقت القبض على عدد آخر.