موقع «سبيطلة» الأثري في تونس على أعتاب قائمة اليونسكو للتراث العالمي (خاص)

ينتظر الموقع الأثري بـ"سبيطلة" التونسية، الواقعة بمحافظة القصرين وسط غربي تونس، إدراجه على لائحة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) بصفة رسمية.
وسبق أن أدرج مركز التراث العالمي باليونسكو موقع سبيطلة ضمن القائمة التمهيدية لمواقع التراث العالمي عام 2021، في انتظار إدراجه ضمن القائمة النهائية.
أُسست هذه المدينة الواقعة بمحافظة القصرين، التي كانت تسمى "سفيطلة" خلال القرن الأول الميلادي، وتطورت لتصبح مستعمرة في القرن الثالث، مما جعل منها مفترق طرق مهمًا يربطها بأهم مدن المقاطعة الرومانية.
وبالإضافة إلى هذا العامل، مثّلت غراسة الزيتون ووفرة المياه فيها أهم أسباب ازدهارها. ومع انتشار الديانة المسيحية أصبحت سفيطلة خلال القرن الثالث مقرًا لأسقفية.
أُدمجت المدينة ضمن المملكة الوندالية سنة 439 ميلادية، وظلت كذلك حتى قدوم البيزنطيين سنة 533 في عهد الإمبراطور جستنيانوس، حيث أصبحت من أهم المراكز المحصنة.
أعلنها القائد جرجير (حاكم إفريقيا البيزنطي) عاصمة للمقاطعة واتخذها مقرًا له، وفي سنة 647 ميلادية شهدت سفيطلة معارك حاسمة انتصرت فيها الجيوش الإسلامية القادمة من الجنوب الشرقي على الجيش البيزنطي، فدخلت إثرها سبيطلة والمقاطعة تدريجيًا مرحلة جديدة من تاريخهما.
معلم نادر في الهندسة المعمارية الدينية الرومانية
يُعتبر "الكابيتول" معلمًا نادرًا في الهندسة المعمارية الدينية الرومانية، حيث يتكون من ثلاثة معابد خُصص كل واحد منها لإله.
وشُيدت هذه المعابد، وهي معبد "جوبيتار" ومعبد "جينون" ومعبد "مينرفا"، على جانب الساحة العمومية التي يتميز مدخلها بقوس مُهدى إلى الإمبراطور "أنطونينوس" سنة 139 ميلادية.
أما المعالم الدينية المسيحية فعددها ستة، تتوزع على أحياء مختلفة، وتحتوي كنيستان منها على حوضي تعميد، لعل أشهرهما حوض "فيتاليس" المزخرف بالفسيفساء.
وتحتوي بعض هذه الكنائس على محرابين خُصص أحدهما لتقديس الشهداء المسيحيين.
وتتجسد الحياة اليومية والترفيه عبر الحمامات الكبرى والمتوسطة الحجم، والتي غالبًا ما تكون مزوقة بالفسيفساء، وكذلك عبر الدكاكين المحاذية للساحة العمومية، ومسرح للعروض الفنية، وآخر دائري للمصارعة، وحنفيات تحدّ الطرقات الرئيسية المبلطة التي تعود للقرن الرابع الميلادي، ويتم تزويدها عبر قنوات مصنوعة من الرصاص والفخار تجلب الماء من الحنايا التي لا تزال موجودة إلى اليوم.
في مجال السكن والاقتصاد، تحتوي سفيطلة على منازل ذات أروقة، في بعض الأحيان فخمة ومزوقة مثل معلم "الفصول"، إضافة إلى معاصر للزيتون، مطاحن للحبوب، وورشة حدادة.
شواهد تغطي فترات التاريخ الروماني
وترتبط جميع هذه المعالم فيما بينها بشبكة من الشوارع المبلطة، تتميز إحداها بقوس نصر مُهدى للإمبراطور ديوكليسيانوس والذي يعود إلى نهاية القرن الرابع الميلادي.
وقال الباحث في التراث الحبيب عبيد إن محافظة القصرين تُعد من أكبر المحافظات التي تتوفر على مواقع أثرية بالبلاد التونسية، من ذلك الموقع الأثري بحيدرة.
وأكد لـ"العين الإخبارية" أن الموقع الأثري يتضمن شواهد تغطي كافة فترات التاريخ الروماني، انطلاقًا من المعالم المقدسة الوثنية ثم المسيحية.
وأشار إلى أن هذا الموقع مُدرج في القائمة التمهيدية لليونسكو لمواقع التراث العالمي منذ عام 2021، بهدف إدراجه ضمن قائمة التراث العالمي النهائية نهاية السنة.
وأوضح أنه تم تقدير أهميته كمركز حضاري يضم آثارًا رومانية وبيزنطية مميزة، وأن عملية الإدراج الرسمية تحتاج إلى جهود من مختلف الأطراف للتأكيد على قيمة الموقع الأثري.
وأفاد بأن الموقع الأثري بسبيطلة يُعتبر من أهم المعالم التاريخية في تونس، بمساحة تُقدّر بحوالي 20 هكتارًا، وبمعالم لا يزال جزء كبير منها بارزًا للعيان يقاوم الزمن.
ويُذكر أن تونس أدرجت سابقًا ثمانية عناصر على قائمة التراث الثقافي غير المادي لليونسكو، من بينها: فخار سجنان (2018)، النخلة (2019)، الكسكسي (2020)، الصيد بالشرفية (2020)، فنون الخط العربي (2021)، الهريسة (2022)، النقش على المعادن (2023)، وفنون العرض لدى طوائف غبنتن (2024).
كما تضم قائمة التراث العالمي تسعة مواقع تونسية، أبرزها: مدينة تونس العتيقة، موقع قرطاج الأثري، مدرج الجم الروماني، جزيرة جربة، موقع دقة الأثري، مدينة سوسة العتيقة، مدينة القيروان، كركوان البونية، ومحمية إشكل الطبيعية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjE3IA==
جزيرة ام اند امز