جدل دستوري يفاقم الصراع السياسي في تونس بين السبسي والشاهد
الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي أكد أن التعديل الحكومي "غير مقبول" دستوريا، لأنه لم يطلع على قائمة الوزراء الذين جرى تعيينهم.
رغم أن الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي شدد على أن لا خصومة بينه وبين رئيس وزرائه يوسف الشاهد، إلا أن خطابه وما تناثر من كلماته بين السطور، يشير إلى أن الصراع بينهما في ذروته.
هناك العديد من الشواهد حول تصاعد الصراع السياسي في تونس، أبرزها: الخطاب الذي ألقاه السبسي، الخميس، أمام الصحفيين بقصر الرئاسة بقرطاج، والذي جاء تعليقا على التعديل الحكومي الذي أجراه الشاهد، الإثنين الماضي، وما تلاه من رفض الرئاسة هذه الخطوة، والجدل القائم حولها.
وبقدر ما حاول السبسي اللعب على وتر التهدئة في العلن، إلا أنه لم يغفل تمرير العديد من الرسائل، مشددا على أنه يظل بصفته الاعتبارية رئيسا للبلاد، فوق التجاذبات وبمنأى عن الصراعات.
في الوقت نفسه، أكّد السبسي أن التعديل الحكومي "غير مقبول" دستوريا، لأنه لم يطلع على قائمة الوزراء الذين جرى تعيينهم.
الصادق بلعيد، أستاذ القانون الدستوري في تونس، اعتبر أن "صلاحيات التعديل الوزاري اختصاص حصري لرئيس الحكومة باعتباره المكلف الأول بالجهاز التنفيذي المباشر".
وأوضح بلعيد، وهو عميد كلية الحقوق بتونس (حكومية)، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن الدستور التونسي لعام 2014، يفسح المجال لرئيس الحكومة بتغيير وتعديل وزرائه، وهو الشخص الوحيد الذي تعود له صلاحية التقييم".
هذا الرأي يلقى تأييدا من قبل كتلة "الائتلاف الوطني"، التي يمثلها 40 نائبا داخل البرلمان التونسي في مواجهة موقف السبسي.
الصحبي بن فرج النائب عن كتلة الائتلاف الوطني، رأى من جانبه أن الشاهد "لم يقم بخروقات دستورية، باعتبار أن مجلس النواب (البرلمان) وحده من يحتفظ بحق المصادقة على التشكيلة الحكومية الجديدة".
وخلص بن فرج، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إلى أن "رئيس الجمهورية التونسي له صلاحية استشارية فقط وليست تقريرية".
من جانبه، قال قيس سعيد، أستاذ القانون الدستوري في كلية العلوم القانونية بتونس، إن "الخطأ الذي ارتكبه رئيس الحكومة يتمثل في إلغاء وزارة الطاقة بمفرده، دون أن يعقد مجلسا وزاريا لهذا الغرض ويصادق عليه الأخير".
وفي مؤتمره الصحفي، انتقد السبسي إلغاء الشاهد وزارة الطاقة وإقالة الوزير المكلف بمهامها في سبتمبر/ أيلول الماضي؛ بسبب ما قال الأخير إنه بسبب شبهات فساد.
الأعراف الدستورية
في المقابل، رأى خبراء أن الدستور يعطي لرئيس البلاد الحق بالطعن في التركيبة الحكومية، وهو ما أكدته سلسبيل القرقوري، أستاذة القانون الدستوري بكلية الحقوق بصفاقس (حكومية)، التي قالت إنه "لا ينبغي قراءة الدستور بشكل جاف وحرفي".
وأوضحت سلسبيل لـ"العين الإخبارية"، أن "الدساتير يقع تأويلها وفهمها وفق السياق السياسي، والسياق السياسي التونسي تحكمه الأعراف".
وأشارت إلى أن رئيس الحكومة السابق الحبيب الصيد (2015 _ 2016) كان يستشير الرئيس التونسي في أي تعديل وزاري، ما خلق تجانسا بين جناحي السلطة التنفيذية، من أجل دفع العمل الحكومي.
وفي الصدد ذاته، رأى شاكر العيادي، النائب في البرلمان عن "نداء تونس"، أن "الفصل 92 من الدستور التونسي جاء صريحا، ويقضي بضرورة استشارة رئاسة البلاد عند إجراء تعديل وزاري".
وينص الفصل 92 من الدستور على "ضرورة أن يستشير رئيس الوزراء رئيس البلاد عند إجراء أي تعديل وزاري، خصوصا فيما يتعلق بوزارتي الخارجية والدفاع".
من ناحية أخرى، يرى محمد عوادي، أستاذ التاريخ في كلية الآداب بتونس، أن يتعين على "الاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية العمالية بالبلاد)، رعاية حوار وطني جديد لحل الأزمة، في ظل غياب المحكمة الدستورية التي من صلاحياتها البت في مثل هذه المسائل".
aXA6IDE4LjE5MC4xNjAuNiA=
جزيرة ام اند امز