«ملحمة بن قردان» بتونس.. شاهد على إرهاب داعش والإخوان
منعطف سطرت خلاله تونس ملحمة انتصار ضد «إرهاب» تنظيمي «داعش» و«الإخوان»، ورسمت عبره لوحة تكاتف أكدت أن هذا البلد عتي على مخالب التطرف.
فقبل 8 سنوات، وتحديدا فجر السابع من مارس/آذار 2016، استيقظ سكان بن قردان جنوبي تونس، على أزيز الرصاص ودوي الأصوات تتردد عبر مكبرات الصوت، بنبرة غريبة تشي بأن خطبا ما يهز تلك المدينة الحدودية مع ليبيا.
فماذا حدث؟
في الثامنة والنصف من صباح ذلك اليوم، أي بعد سويعات قليلة من بداية الهجوم، كانت لحظة قنص القائد الميداني للمجموعة وهو الإرهابي المدعو مفتاح مانيتا، وقتله على يد عنصر أمني، أمرا فارقا في المعركة، أربكت المهاجمين ودفعتهم إلى الفرار.
وكان هؤلاء الإرهابيون يسعون لإقامة ما تسمى «إمارة الخلافة» بمدينة بن قردان على الحدود مع ليبيا، قبل أن تدخل قوات الأمن التونسي في اشتباكات معهم استمرت حتى الـ9 من مارس/آذار من العام نفسه.
وكللت هذه الملحمة بالقضاء على 50 «إرهابيا» والقبض على 7 آخرين، فيما قتل 14 عسكريا وأمنيا ومدنيا وجرح مواطن، خلال التصدي للهجوم والتعامل معه.
المحاكمة
وتنظر حاليا الدائرة الجنائيّة المختصة في القضايا الإرهابية بمحكمة الاستئناف يوم 11 مارس/آذار الجاري، في قضية أحداث بن قردان؛ إذ يمثل 96 متهما أمام القضاء.
وقد صدرت أحكام ابتدائية يوم 6 مارس/آذار 2022 أحكام ابتدائية بالإعدام ضد 16 متهما، والسجن مدى الحياة بحق 15 آخرين، والسجن بين 20 و30 عاما ضد 14 متهما، وأحكام تتراوح بين 4 و15 سنة سجنا ضد آخرين.
وقال وزير الداخلية التونسي كمال الفقي في كلمة خلال زيارته إلى المدينة، اليوم الخميس، إن «هذه الذكرى التي ستظل راسخة في أذهان كل التونسيين، برهنت فيها القوات المسلحة بمُختلف فروعها ومُلتحمة بالمواطنين العُزل على يقظتها وجاهزيتها واحترافها في التصدي لمثل هذه الأعمال الغادرة وانكسر داعش ومُشتقاته على أرض بن قردان الأبية».
وأكد وزير الداخلية التونسي أن «ما تمّ تحقيقه من انتصار للقوات الأمنية والعسكرية، كان تضامنا مع المواطنين المدنيين العزل على الإرهاب والاعتراف المتواصل للشهداء الأبرار الذين سقوا بدمائهم هذهِ الأرض وللمُصابين»، معربا عن تمنياته لهم بهذه المناسبة بالشّفاء العاجل.
دروس وعبر
ويقول أستاذ العلوم الجيوستراتيجية رافع الطبيب، في حديث لـ«العين الإخبارية»، إن معركة بن قردان كانت درسا في كيفية مواجهة التنظيمات الإرهابية مثل «داعش» ليس في تونس فقط، بل في كل الدول العربية مثل ليبيا والعراق.
وحول أسباب النجاح في التعامل مع هذا الهجوم، يرى الطبيب أن «ذلك يعود إلى استعداد السلطات لمواجهة الإرهاب، وإلى العقيدة العسكرية الوطنية للقوات المسلحة التونسية».
وتقع بن قردان أقصى الجنوب الشرقي لتونس على بعد 560 كم من العاصمة تونس، ما يجعلها أبعد مدينة عن العاصمة، كما أنها آخر مدينة رئيسية بالقرب من الحدود مع ليبيا المجاورة، والتي تبعد عنها 32 كيلومترا فقط، ولهذا فهي بوابة تونس الشرقية.
وتبلغ مساحة بن قردان 4732 كم²، وهي أكبر مدينة من حيث المساحة في محافظة مدنين، وتشتهر بالتجارة وتسهم في شكل كبير في إنعاش الاقتصاد التونسي لكنها تعاني -وفق مراقبين- انعدام التنمية.