أشباح الإخوان تطل في تونس.. عملية إرهابية لتفخيخ مسيرة سعيد
الطعنة التي استهدفت فرد أمن في جنوب شرقي تونس، كانت تأمل على ما يبدو أن يكون نزيفها في العاصمة.
وتخوض تونس بقيادة الرئيس قيس سعيد معركة لتحرير البلاد، بحسب مناصريه، من مخالب جماعة الإخوان التي هيمنت على البلاد طيلة العقد الماضي.
وفيما تتأهب تونس لإصلاح اقتصاد أنهكته سنوات الفساد الإخواني، يعيد الحادث البلاد لدائرة المخاوف من عمليات إرهابية ألقت في سنوات مضت بظلال ثقيلة على البلاد.
فبالتزامن مع إطلاق موسم سياحي استثنائي جاء بعد نجاح الحج اليهودي بالغريبة بجزيرة جربة جنوب شرقي تونس، سعت يد الإرهاب للعبث باستقرار الدولة.
وأكد مصدر أمني محلي بجزيرة جربة أن إرهابيا طعن فرد أمن قرب مرآب السيارات بمحيط الغريبة وافتكاك سلاحه ثم الفرار.
من جانبها، أكدت مصادر مطلعة لـ"العين الإخبارية" أن المعطيات الأولية تفيد بأن عون الأمن الذي قتل زميله هو عون أمن معزول (مقال من الوزارة) يدعى أسامة ح. يتبنى الفكر المتشدد، لافتة إلى أن تحقيقا جرى معه منذ أيام لدى إحدى الفرق الأمنية لمقاومة الإرهاب.
وأكدت ذات المصادر أن هذا الأمني المعزول قام بذبح زميله وإفتكاك سلاحه فجرى تصفيته في عملية أمنية نوعية نفذها أعوان الحرس البحري.
وأوضحت ذات المصادر أن القاتل كان ذئبا منفردا حاول الوصول للكنيس اليهودي بالغريبة
جهاز سري للإخوان
من جهته، قال الصحبي الصديق المحلل السياسي التونسي إن مسألة وجود أمن مواز للإخوان أمر واقعي وقد سبق لوزير الداخلية أن صرح لوسائل الإعلام بوجود اختراقات ثابتة داخل المنظومة الأمنية.
واكد في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أنه يجب إعادة النظر في التعيينات التي جرت بعد 2011.
وأوضح أن "وزارة الداخلية، و بعد سلسلة من التعيينات المدروسة، وهي تحت تصرّف حركة النهضة التي أحكمت سيطرتها على أكثر أجهزتها حيوية، ما زالت لم تنظف بعد".
وأشار إلى أن النهضة نقلت بعض الموالين لها في مختلف أجهزة الوزارة من خارج المؤسسة حيث جرى تعيينهم في ديوان الوزير موضحا أن هؤلاء العناصر ينسّقون بينهم، ويرفعون التقارير رأسا إلى مقر حركة النهضة بمونبليزير بالعاصمة التونسية مشكّلين بذلك هيكلا أمنيا غير رسمي.
وأشار إلى أن فتحي البلدي المستشار السابق بوزارة الداخلية الذي يقبع حاليا بالسجن، كان مستشارا خاصا لدى وزير الداخلية علي العرّيض بعد 2011 وهو المسؤول عن الأمن الموازي ،نجح في تكوين شبكة علاقات مع إطارات أمنية متعدّدة داخل الوزارة.
وأكد أن البلدي أسّس لمنظومة كاملة قائمة على المقايضة بالامتيازات والملفات والإقالات لاستدراج القيادات قصـد الاشتغال عـلى أجندة حركة النهضة داخل وزارة الداخلية.
وأضاف أنّ شبكة الأمن الموازي تكوّنت داخل الوزارة من العائدين بمقتضى العفو التشريعي العام مـن إطارات وأعوان وقعـت محاكمتهم سابقا بشبهة الانتماء لتنظيم إرهابي والانضمام لتيارات متشددة، مضيفا أن هذه الشبكة متكونة أيضا من الكوادر الأمنية المتسلقة التي تنتظر الفرصة للحصول على امتيازات وتسميات في الإدارات.
وكان فتحي البلدي منسقا لعدّة عمليات أمنية، وهو من أكثر الإطارات الأمنية اتصالا بمصطفى خذر المشرف على الجهاز السريّ للإخوان وكان وراء تعيين المديرين العامين الذين قدّموا خدمات للنهضة، كما أنه تدخل مباشرة في منح الجوازات لمواطنين أجانب.
بدوره، رأى عصام الدردوري النقابي الأمني التونسي إن " الجهاز الخاص لحركة النهضة لا يزال فاعلا وعناصره المتورطة في ملفات إرهابية ومحل تتبع أمام القضاء تباشر مهامها بشكل عادي في خطط أمنية حساسة.
وتابع في تدوينة نشرها على "فيسبوك": "شخصيا توقعت ما حصل وأتوقع الأكثر طالما أنه لم يقع تمشيط الإدارات".
وأوضح: "لا يزال يتواصل التستر على عناصر الجهاز السري الخاص للإخوان وحماية من سهلوا انتشار الإرهاب خلال العشرية وعملوا على اختراق الأجهزة وزراعة العناصر".
دوامة الإرهاب
من جهته، قال عبد المجيد العدواني الناشط والمحلل السياسي إن هذه العملية هي صناعة تلك الأيادي التي أدخلت تونس في دوامة الإرهاب طيلة عشر سنوات وما زال أخطبوطها مستمرا لليوم لإحراج السياسات الصارمة للرئيس التونسي قيس سعيد لدحرهم.
وبين في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن هذه العملية هي بمثابة رد على خطاب الرئيس سعيد الذي قال فيه إن تونس ستتجاوز ألغامهم.
وأشار إلى أن استهداف الغريبة بالذات محاولة لضرب صورة تونس وهي تستقبل الموسم السياحي الجديد.
والثلاثاء، اختتمت تظاهرة الزيارة السنوية لمعبد الغريبة اليهودي في جزيرة جربة بمحافظة مدنين جنوب شرقي تونس.
وتزامنت هذه العملية الإرهابية مع صدور مذكرة إيداع بالسجن في حق زعيم إخوان تونس راشد الغنوشي بتهمة التخابر.
وتعرض معبد الغريبة اليهودي في جزيرة جربة التونسية في العام 2002 إلى هجوم إرهابي، هو الأكبر من نوعه الذي يستهدف أماكن عبادة في البلاد.
ويعتبر المعبد الذي يعود تاريخه إلى أكثر من 2500 عام، رمزا للتعايش في الجزيرة التي يقطنها مسلمون سنة وإباضية وعدد كبير من اليهود التونسيين.
وأسفر الهجوم، الذي نفذ حينها بشاحنة محملة بالغاز، عن مقتل 21 شخصا معظمهم من السياح الألمان.
وبيّنت التحقيقات وقوف تنظيم القاعدة وراء الهجوم، الذي نفذه شاب تونسي بتنسيق مع قياديين في التنظيم المتشدد.
وينظم في المعبد موسم حج بشكل سنوي يتوافد خلاله آلاف اليهود من مختلف دول العالم، غير أن أعدادهم تناقصت بشكل كبير منذ هجوم 2002.