مسرحية «برضاك» التونسية.. ذكريات ترسم قيم السلام والتسامح (خاص)
صافحت مسرحية "برضاك" لصاحبها التونسي الأسعد الصلعاني جمهور المسرح بتونس في قاعة الفن الرابع وسط العاصمة.
والعمل من إنتاج المسرح الوطني (حكومي) وكتب نصه وأخرج مشاهده الأسعد الصلعاني وصنع لوحاته الكوريغرافية قيس بولعراس، وهو من بطولة كل من بهرام علوي وأيمن سليطي وأمان الله توكابري ومنار طنقور ومحمد عثموني وأميرة لوبيري.
وبموسيقى أوبرالية، انطلق العرض بصوت" السوبرانو" للفنانة الموسيقية أميرة لوبيري بمقاطع من الأوبرا باللغة الإيطالية وهي تسير بين مقاعد الجمهور وتعود إلى زمن الذكريات والأمنيات.
على المسرح كان الكوريغرافي قيس بولعراس يرسم بجسده لوحات من السيرك المسرحي على أرجوحة معلقة في شكل دائرة تشير إلى البنية الدائرية التي تدور في فلكها فصول السنة ومراحل الحياة.
وتدور أحداث المسرحية خارج مدارات الزمن، حيث يلتقي توفيق وزهرة (أمه المتوفاة) وعبد الرحمن المسلم وكاميليا فيواجهون بعضهم البعض ويتواجهون بكل حدّة في بوح بذكريات مؤلمة وأحداث مريرة عاشوها وعانوا منها الأمريّن.
وتشترك جميع الشخصيات بالرغم من اختلاف مستوياتها الثقافية والاجتماعية في الحرمان من قيم الأخوة والتسامح والإنسانية مما نغص عليها الاستمتاع بنعمة الحياة.
وقام المخرج الأسعد الصلعاني بكسر جميع القوالب الإخراجية المعتادة، وأدخل في المسرحية جماليات مسرحية معاصرة على مستوى المبنى والمعنى، حيث حضرت كوكب الشرق "أم كلثوم" بقوّة في العرض انطلاقا من العنوان الذي يستحضر أغنيتها "برضاك يا خالقي" مرورا بهوس البطل "توفيق" بأغنياتها وبشخصيتها وصولا إلى توظيف باقة من أغانيها كمؤثرات صوتية وكإيقاعات داخلية تدعم الرؤية الإخراجية وتصنع اختلاف عرض "برضاك".
وأغنية "برضاك" قدمتها أم كلثوم لجمهورها سنة 1945 من ألحان زكرياء أحمد وكلمات محمود بيرم التونسي.
ويعود محتوى العرض إلى تفاصيل ليلة رعب في باريس، تمّ فيها الهجوم على ملهى ليلي للمثليين أدى إلى مقتل وجرح عدد من الأشخاص.
وكان مرتكب هذا الحادث هو بطل المسرحية «توفيق» مواطن فرنسي من أصل تونسي يبلغ من العمر 25 عاما تسلّح بـ"كلاشينكوف" أثناء اقتحام الملهى ولقي حتفه خلال تبادل إطلاق النار مع الشرطة.
يراهن هذا المشروع المسرحي على رفع مستوى الوعي بمخاطر التمييز، وبخطورة الاستقطاب والتعصب وكراهية الآخر.
كما يدعو العمل إلى نبذ السلوك المتطرف وإلى التخلي عن الأحكام المسبقة التي تنتج ثقافة الكراهية والعنف والطائفية إضافة إلى حاجة الإنسانية إلى العيش المشترك في سلم وسلام.
من جهته، عبر مخرج العمل الأسعد الصلعاني عن سعادته بتقديم هذا العرض أمام جمهور عاشق للفن الرابع موضحا أن هذه المسرحية تم تحضيرها بنسختين بالعربية والفرنسية.
وأكد لـ"العين الاخبارية" أن حضور كوكب الشرق في المسرحية لم يكن من حيث فنها فقط بل بروحها وحضورها في مخيلة كل تونسي أثرت فيه بموسيقاها وتأثيرها في شخصيته وتكوينه الفني.
وأوضح أنه استمد موضوع المسرحية من قصة واقعية عاشها سابقا حيث عندما كان يعرض مسرحيته "الباب"، عام 2015، وحصل الهجوم الذي استهدف الصحيفة الفرنسية "شارلي إبدو" حيث أثر فيه هذا الحادث كثيرا ودفعه الى إنجاز هذا العمل اعتبارًا لدفاعهم عن حرية الرأي من حيث المبدأ.
وللإشارة فإن الهجوم على صحيفة شارلي إبدو هو هجوم وقع باقتحام ملثمين اثنين مقر الصحيفة الساخرة شارلي إبدو في باريس في 7 يناير/ كانون الثاني 2015، وأدى إلى مقتل 12 شخصاً وإصابة 11 آخرين.
وقال الصلعاني إنه يبحث دائما عن أسباب التشدد الديني والسياسي لذلك قام بإنجاز هذا العمل المسرحي، وبدأ يطرح تساؤلات عن الدوافع التي تجعل الإنسان يدخل في طريق التشدد الديني ليتم استقطابه.
aXA6IDMuMTI5LjM5Ljg1IA==
جزيرة ام اند امز