اللباس التقليدي التونسي.. مخزون ثقافي عريق (خاص)
تحتفل تونس، الخميس، باليوم الوطني للباس التقليدي، الذي يصادف 16 مارس/آذار من كل عام.
وأقرِّت هذه المناسبة عيداً وطنياً منذ 1996 للتعريف بالهوية التونسية والترويج للسياحة وإحياء اللّباس التقليدي التونسي، بالإضافة إلى تشجيع الصناعات التقليدية.
واللباس التقليدي التونسي ضارب في القدم، حيث تكشف تقنيات حياكته عن الجانب الجمالي الفني والإبداعي الذي يتفنن فيه التونسيون، كما يُقدِّم صورة عن المرأة التونسية ومكانتها في عهود مختلفة.
والزي النسائي التونسي يتألف من قطعتين كفيلتين بستر كامل جسم المرأة، ويعتمد على ألوان مختلفة منها الأبيض والعسلي والأحمر والخمري والبني، أما اللون الأسود فلا يُستخدم إطلاقاً.
وتشير وثائق تاريخية إلى أن زي النساء في العهد القرطاجي تميّز بالتجميل والزخرفة، في ظل قطاع مهني حقيقي، أي حرفيون متخصّصون في تحضير العطور وصناعة مواد التّجميل المختلفة.
واستمرّ اهتمام المرأة التّونسيّة بمظهرها الخارجي في العهدين الأغلبي والفاطمي، إذ تبيّن المصادر التاريخيّة والصور الوثائقيّة بذخ لباس المرأة وميلها إلى تطريز ملابسها والتفنّن في الحلي.
والألبسة التقليدية النسائية في تونس تختلف من منطقة إلى أخرى ولعل أبرزها: "الفوطة والبلوزة" و"السفساري" (لباس أبيض تتلحف به المرأة) و"البخنوق" و"الكبوس الغارق" و"الجبة العكري" و"الطريون" و"الحولي" و"الدخلة".
أزياء النساء
الفوطة والبلوزة، زي نسائي يتكون من جزأين؛ العلوي يُسمَّى البلوزة، والسفلي تنورة طويلة تسمى الفوطة، يبقى بينهما البطن عارياً وهو لباس ترتديه العروس يوم الحناء.
السفساري، لحاف أبيض اللون محتشم يُصنَع من قماش الحرير أو القطن، ويتم ارتداؤه خارج المنزل وتغطّي به المرأة ثيابها الداخلية قبل الخروج من بيتها.
الكبوس الغارق، لباس حضري نسبة للمدينة، وتؤكد بعض المصادر، أن أصله تركي وهو لباس الطبقة الأرستقراطية.
الجبة العكري، تتكون من قطعتين من القماش بلونين مختلفين، عادة ما يكونان داكنين وتكون مطرّزة بخيوط من الذهب.
الدخلة، لباس تقليدي ترتديه العروس في حفل الزفاف.
الطريون، لباس محافظة القيروان (وسط) ويشبه الكبوس الغارق في العاصمة.
البخنوق، لباس بربري، وهو غطاء المرأة ويكون لونه أحمر مطرزاً.
المرساوي، اللباس الرسمي للعروس، ليلة الزفاف، ويتكون من بلوزة (الجزء العلوي) وسروال واسع، ويغلب عليه تطريز يكون عادة إما ذهبياً أو فضياً.
لباس الرجال
الجبة، وهو لباس خارجي فضفاض مغلق، له جيب يُفتَح عند الرقبة وفتحتان جانبيتان لإخراج الذراعين.
وتختلف الجبة باختلاف المادة التي تنسج منها، وهي تلبس عادة فوق مجموعة من قطع الملابس الداخلية.
البُرنُس، تقليدي لدى الرجال، تصنعه النساء يدوياً من صوف الخرفان أو الإبل، وهو عبارة على معطف طويل مفتوح يضم غطاء للرأس يقوم الرجل بوضعه على أكتافه في الشتاء ليغطي كامل جسده ويقيه من البرد، ينتشر استعماله في مناطق الشمال الغربي والوسط وبعض مناطق الجنوب، ويباع في أسواق الصناعات التقليدية بتونس بأثمان باهظة تتراوح بين 800 إلى 1200 دولار.
شاشية، طاقية حمراء توضع فوق الرأس، مصنوعة من الصوف الخالص، وهي أحد أقدم الصناعات التقليدية اليدوية التونسية.
القشابية، لباس تقليدي شتوي يعد رمزاً من رموز الموروث التراثي التونسي، وتشتهر خاصة في مناطق الجنوب.
تُصنع من الوبر والصوف الخالص ويتسلح بها الناس لمقاومة البرد القارس، خصوصاً في المناطق العليا التي تنزل بها درجة الحرارة في فصل الشتاء إلى ما دون الصفر.
هوية تونسية
من جانبها، قالت سليمة سطنبولي، الباحثة في التراث التونسي، إن الاحتفال باليوم الوطني للباس التقليدي يمثل مناسبة لإلقاء الضوء على الصناعات التقليدية واللباس التقليدي، وللتعريف بالمخزون الثقافي والحضاري والهوية والتقاليد التونسية الأصيلة، فضلاً عن دوره في الترويج للوجهة التونسية في الخارج.
وأضافت سطنبولي لـ"العين الإخبارية" أن الزي التقليدي التونسي تأثر بتنوع الحضارات التي تعاقبت على تونس، فهناك أساس فينيقي وروماني ما زالا ماثلين في ملابس أبناء معظم المناطق، لكنه رُفد لاحقاً بالكثير من تراث القبائل الأمازيغية والإضافات النوعية التي جاء بها العرب والأوروبيون.
وأكدت أن مناطق عديدة في تونس ما زالت تحافظ على "الجلوة"، وهي في الأصل تقاليد ورثها التونسيون من أجدادهم القرطاجيين.
تتمثل هذه الطقوس في ذهاب العروس قبل ليلة زواجها إلى معبد الإلهة تانيت، إلهة الخصوبة عند القرطاجيين، بلباس من ذهب كلون الشمس، وتدور 7 مرات، طالبة من تانيت الخصوبة. في نفس الوقت ترفع يديها إلى السماء مثلما تفعل الإلهة تانيت.
وتابعت: "إلى يومنا هذا، تتجلى العروس بلباسها ويغطي رأسها وشاح وترفع يديها بنفس الحركات التي كان يفعلها القرطاجيون القدامى".
وأوضحت أن اللباس التقليدي التونسي شهد تحديثات عدة جعلت منه المفضل لدى النساء وحتى الرجال، في الحفلات الخاصة والعامة.
وترى أن الاحتفال باليوم الوطني للباس التقليدي يمثّل فرصة مناسبة لإعطاء هذا القطاع المكانة التي يستحقّها حفاظاً على التراث الوطني وتطويره، داعية إلى ضرورة الاهتمام بالحرفيين وتشجيعهم للمحافظة على الصناعات التقليدية حتى لا تندثر.
aXA6IDE4LjIyNS41Ni43OSA=
جزيرة ام اند امز