عودة إلى اللون الأخضر.. نهر «وادي مجردة» يزود الشمال التونسي بالمياه

بالأمس القريب، كان وادي مجردة بتونس يعاني جفافا وشحا لموارده المائية، لكن إثر الأمطار الأخيرة التي عاشت على وقعها أغلب المحافظات التونسية خاصة الشمالية، عاد هذا الوادي إلى منظره الطبيعي ليبعث البهجة في التونسيين ويزهر الأغصان وينبت سنابل القمح.
وادي مجردة هو نهر في شمال أفريقيا ينبع من سوق أهراس في شمال شرق الجزائر عبر تونس قبل أن يصب في خليج تونس وبحيرة تونس (شمال شرقي).
يبلغ طوله 450 كيلومترا منها 350 كيلومترا بالتراب التونسي ليكون بذلك أطول أنهار تونس الدائمة المنسوب.
شُيّدت مدّن عديدة بجانب مجرى الوادي وعاشت على مر التاريخ بفضل مياهه وخصوبة الأرض المحيطة به، هي: غار الدماء، وجندوبة، وبوسالم (محافظة جندوبة)، وتستور، ومجاز الباب (محافظة باجة)، وطبربة، والجديّدة (محافظة منوبة).
وتعد هذه المحافظات الثلاثة من أكثر المحافظات خضرة واخضرارا وجمالا بفضل الموارد المائية التي يوفرها هذا الوادي.
أقيم على مجرى هذا الوادي أكبر السدود في البلاد سنة 1982وهو سدّ سيدي سالم الواقع في محافظة باجة، الذي يبلغ ارتفاعه 57 مترا ويمسح حوضه 4300 هكتارا، وتبلغ طاقة استيعابه من المياه 643 مليون متر مكعب.
وادٍ تضرر بالجفاف
من جهته، قال عماد الحامدي الناشط بالمجتمع المدني بمحافظة باجة (شمال غربي) لـ"العين الإخبارية" إن "هذا الوادي يتميز بكونه رقراقا على الدوام ويمكَن أهالي المنطقة من ري أراضيهم وحقولهم وبفضله تكون المحاصيل دائما وفيرة لكن مع موسم الجفاف في السنوات الأخيرة تضرر معظم المزارعين".
وتابع: "لكن الأمطار الأخيرة جعلته يستعيد بريقه وجماله وقيمته وكينونته ما أضفى البهجة على جميع المزارعين الذين تضرروا سابقا بجفافه".
وزاد: "ولعل تونس قد تمت تسميتها تاريخيا بمطمورة روما على خلفية أراضيها الخصبة ومنتوجها الزراعي الوفير ولأنها كان تؤمن الغذاء، خاصة من الحبوب، إلى الإمبراطورية الرومانية بفضل هذا الوادي الذي يشقها ومياهه العذبة".
وتعتبر أراضي حوض مجردة الأكثر خصوبة بالبلاد التونسية وذلك بفضل روافد هذا النهر والتي تشكل 8,5% من الموارد المائية بالبلاد، لكن الوضع تغير كثيرا بسبب الجفاف.
من جهته، قال عبدالمجيد قريع أحد المزارعين بمحافظة باجة إن الأمطار الأخيرة أعادت الروح والحياة للقطاع الزراعي في تونس الذي تضرر كثيرا بالجفاف.
وأكد لـ"العين الإخبارية" أنه "قبل التساقطات الأخيرة للأمطار لم أكن متحمسا لبذر الحقل بالبذور لأنني لا أريد أن يتكرر سيناريو السنة الماضية بانعدام المحاصيل نتيجة الجفاف وقلة المياه، لكن الآن توكلنا على الله وانطلقنا في عملية البذر".
وأشار إلى أن الحصول على المياه لأغراض زراعة الخضروات لم يكن متاحا في المنطقة المطلة على "وادي مجردة" بسبب عملية تقسيط الري التي فرضتها وزارة الزراعة ما تسبب في تراجع كبير في مردود الأراضي الزراعية، لكن الآن سيتغير الوضع بفضل ارتفاع منسوب المياه".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNDYg جزيرة ام اند امز