إخوان تركيا.. هلع وذعر ورسائل احتواء مضللة
في إطار مغازلات متتالية، صدمت تركيا قيادات الإخوان بقرارات مفاجئة، ما أحدث صدمة قوية، وحرك محاولات يائسة لاحتواء الأزمة.
وأمس، طالبت السلطات التركية، الفضائيات التي تبث من اسطنبول، بوقف الانتقادات السلبية للقاهرة، وسط حديث عن إمكانية تسليم عناصر مطلوبة إلى مصر، في تغير كبير في السياسة التركية يتماشى مع مغازلاتها الأخيرة لمصر.
ومع الكشف عن كواليس الأزمة وخروجها للعلن عبر تدوينات لشباب الإخوان العاملين في عدد من القنوات الإخوانية، دفع التنظيم الدولي ببيادقه، وأذرعه المتمثلة في وجوه متعارف عليها، كمستشار حزب العدالة والتنمية ياسين أقطاي، والإعلامي المصري الهارب أيمن نور، لتبادل الأدوار وبذل محاولات يائسة لاستيعاب حالة الهلع والخوف لدى شباب شباب الجماعة الهاربين في الأراضي التركية.
رسائل احتواء مضللة
واستغل نور وأقطاي تطبيق "كلوب هاوس" للتواصل الاجتماعي، في إرسال رسائل احتواء لتخفيف حالة الحنق لدى العناصر الإخوانية، ومحاولة احتواء صدى القرارات التي اتخذتها السلطات التركية أمس، إزاء القنوات الإخوانية.فالبداية كانت مع نور الذي زعم مرارا وتكرارا عبر مناقشات حملت عنوان "هل تم حجب قنوات المعارضة في تركيا؟"، "أنه لا نية لدى السلطات التركية لغلق تلك القنوات".
واستعمل أقطاي نفس نبرة التهدئة، عندما قال عبر تطبيق "كلوب هاوس" في أكثر من مداخلة إنه لا يوجد قرارت بغلق القنوات، أو أي حالة اعتقال لرموز الإخوان وشبابها، بدعوى أن هؤلاء "ضيوف تركيا".
وحملت تصريحات نور وأقطاي، ورسائل التهدئة لعناصر الإخوان بتركيا، إشارات واضحة عن حقيقة الإجراءات الأخيرة، فالجميع لم يستطع نفي وجود مطالب واضحة بتغيير سياسات هذه الفضائيات تجاه مصر.
ولم يكن "كلوب هاوس" المجال الوحيد الذي حاول فيه نور وأقطاي احتواء الإخوان، بل تسابقا في الظهور على وسائل إعلامية مختلفة، كقنوات الجزيرة، ومكملين الإخوانية وغيرها، في محاولة للتقليل من حدة القرارات التركية.
لكن التناقض الفج والصريح في تصريحات هذه الوجوه، دفعت عناصر الإخوان الذين يديرون حملات إعلامية ممنهجة ضد مصر، لإظهار مخاوفهم وقلقهم من تطور العلاقات بين القاهرة وأنقرة.
وفي هذا الإطار، تصدر الإرهابي يحي موسى هذه العناصر بحديثه عن "التضامن مع قنواتنا وزملائنا وشبابنا بلا قيد أو شرط"، معارضا سياسات تركيا الأخيرة التي ستحقق مصلحة عاجلة، على حد قوله.
فيما صعدت عناصر إخوانية في تركيا، الحديث بنغمة "لقمة العيش" والأوضاع المتردية التي يعاني منهم شباب الإخوان وإمكانية تسريح العاملين في الأبواق الفضائية كقنوات الشرق والوطن ومكملين.
بين الارتباك وإعادة التدوير
ويقول سامح إسماعيل، الخبير في شؤون الحركات الإسلامية إن "وضع القيادات الإخوانية في تركيا منذ أمس، يدل على حالة الارتباك الواسعة في صفوف الجماعة، فضلا عن الدهشة والصدمة، وهو ما يعكس حجم الضغوط على هذه القنوات لتغيير نهجها العدائي".وأضاف إسماعيل لـ"العين الإخبارية": "حاليا الإخوان في مرحلة البحث عن ملاذات آمنة جديدة ومسارات لأموال الجماعة خارج تركيا"، مرجحا أن "تكون الدول المرشحة بريطانيا أو كندا".
ووصف الخبير الإجراءات التركية الأخيرة بأنها "ضربة قوية يتم من خلالها تجفيف منابع الإخوان"، متوقعا أن تتراجع الجماعة قليلا من أجل إعادة تدوير نفسها في ثوب جدبد كعادتها.
وأوضح إسماعيل: "الإخوان بصدد التراجع والتواري، ثم تحاول من داخلها أن تبرز قيادات جديدة تقدم مراجعات ورؤية نقدية لتعيد تقديم نفسها في قالب جديد وتوهم الآخرين أن الجماعة قادرة على استيعاب المتغيرات الجديدة".
وذكر مصدر لـ"العين الإخبارية، في وقت سابق اليوم أن أنقرة أبلغت إدارة فضائيات (مكملين، الشرق، الوطن) بإيقاف برامجها السياسية على الفور وكذلك أي انتقاد للنظام المصري.
وكشف المصدر أن الحكومة التركية منحت، عبر مستشار حزب العدالة والتنمية التركي ياسين أقطاي، توجيهات صارمة لعدد من الإعلاميين المحسوبين على جماعة الإخوان الإرهابية بإسطنبول في مقدمتهم حمزة زوبع ومحمد ناصر ومعتز مطر بشأن وقف أي إساءة أو تحريض أو تناول سلبيات، تمس الدولة المصرية.
هذه التوجيهات بحسب المصدر، تضمنت تهديدا واضحا وهو إما التوقف الفوري عن البرامج السياسية وإما الاختيار بين التحويل إلى برامج منوعات أو غلق القناة نهائيا.
وكررت تركيا محاولات التودد إلى مصر في الفترة الأخيرة، برسائل مغازلة وجهها مسؤولون أتراك بهدف إعادة العلاقات بين البلدين.
لكن مصر قابلت هذه المحاولات بشروط حددها وزير الخارجية سامح شكري في كلمته خلال اجتماع لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب المصري، بقوله "إذا ما وجدنا أفعالا حقيقية من تركيا وأهدافا تتسق مع الأهداف والسياسات المصرية التي تسعى للاستقرار في المنطقة وعدم التدخل في شؤون الدول والاحترام المتبادل، ستكون الأرضية مؤهلة للعلاقة الطبيعية مع تركيا".
ومنذ 8 أعوام، تشهد العلاقات بين مصر وتركيا ما يشبه القطيعة بسبب ملفات عدة، أبرزها سياسة أنقرة في المتوسط ودعم الإخوان والتدخل في ليبيا.