"الحركة القومية".. الانشقاقات تنهش حليف أردوغان
في الوقت الذي يضرب فيه تسونامي الانشقاقات حزب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تسري عدوى الانقسامات إلى مفاصل حليفه الأكبر الحركة القومية
بعد أن ضرب تسونامي الانشقاقات حزب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تسري عدوى الانقسامات إلى مفاصل حليفه الأكبر الحركة القومية، لتضربها في العمق، وتبدأ برسم ملامح نهاية وشيكة لحزبين يحصدان على ما يبدو نتائج تآكل قواعدهما الشعبية، واستنفاد رصيدهما السياسي.
الانشقاقات ضربت في مرحلة أولى حزب العدالة والتنمية الحاكم، والذي بدأت قياداته وكوادره بالقفز، الواحد تلو الآخر، من سفينة تؤكد جميع المعطيات، خصوصا منذ فضيحة الهزيمة المدوية في الانتخابات البلدية الأخيرة، واقتراع بلدية إسطنبول الكبرى، أنها تغرق.
انشقاقات سرعان ما امتدت لتصل إلى الحليف البرلماني، ليدفع بدوره حصته من فاتورة أكبر هزيمة سياسية تشهدها البلاد على مدار عقدين من الزمن، في تناغم يبدو بديهيا بين حجم الخسارة وارتداداتها.
فالاستقالة المدوية لوزير الاقتصاد السابق علي باباجان من حزب أردوغان أحدثت نوعا من الهزة المرتدة التي تلتها استقالات عديدة، شملت كوادر مؤسسة وأعضاء من الحزب، لتنتقل العدوى إلى الشريك البرلماني الحركة القومية، الحزب اليميني المتطرف بزعامة دولت بهتشلي.
ووفق مصادر مطلعة، فإن الحركة تواجه هذه الأيام ثورة غضب وتمردا من كوادرها التي ترى أن "بهتشلي" تخلى عن استقلالية الحزب، وانقاد وراء تعليمات أردوغان حتى غدا شبيها بالدمية التي يحركها الرئيس وفق أهوائه، دون حتى أن يسفر كل ذلك عن نتائج تذكر.
حان وقت التغيير
الصدع الذي يضرب حليف أردوغان لا يعتبر وليد اللحظة، فما تواجهه الحركة القومية اليوم ليس سوى أحد مظاهر الاحتقان والملل الساري في نفوس كوادرها، والذي يبدو أنه تحول إلى انتقادات علنية وغضب محتدم من رئيس الحركة بهتشلي.
فالأخير يقود الحزب منذ يوليو/تموز 1997، وطوال هذه السنوات الطويلة كانت إدارته محل انتقادات واسعة من قبل كوادر الحركة، وهذا ما يفسر الانشقاق لـ«ميرال أكشينار» في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2017.
ولم تغادر أكشينار الحزب لوحدها وإنما رافقها عدد من رموزه، بينهم نائب مدينة إسبرطة نوري أوكوتان، ونائب غازي عنتاب أوميت أوزضاغ، ونائب باليك أسير، إسماعيل أوك، ووزير الدولة السابق آيفر يلماز، وغيرهم من القيادات.
ضربة قاصمة أخرى تلقاها بهتشلي مؤخرا، في ظل تحركات قالت تقارير إعلامية إن رفعت سردار أوغلو، رئيس حركة «تشوبان أتاش» القومية، يسعى إلى تغيير حركته إلى حزب سياسي، من أجل معارضة الحركة القومية، ما يعني أن الخطوة المرتقبة ستحمل معها تسونامي من الانشقاقات الإضافية في صفوف حزب حليف أردوغان، وأسرابا من الكوادر المهاجرة.
غير أن أكثر ما يخشاه بهتشلي هو أن يكون تآكل قاعدة الحزب وانشقاقات كوادره ورموزه مقدمة لضياع كرسي رئاسة الحزب منه، وأكثر ما يثير هلعه أيضا هو ترشح ندائي سافان أمامه في انتخابات رئاسة الحزب المقررة في مارس/آذار 2020، والأخير يعتبر من الرموز والأسماء اللامعة بالحركة، ومن القيادات التي تحظى بالإجماع حولها.
وبهذا، لم يتبق أمام الحركة القومية سوى أشهر قليلة تشكل الحد الزمني المتبقي لها في وضع التوازن الظاهري على الأقل، قبل أن يبدأ نجمها بالأفول، تحت ضغط الانشقاقات من جهة، وتغير التوازنات السياسية بالبلاد من جهة أخرى.
aXA6IDMuMjEuMTU5LjIyMyA= جزيرة ام اند امز