سياسي تركي لـ"العين الإخبارية": الحزب الحاكم يرسم "خريطة طريق" المصالحة مع مصر
أكد سياسي تركي بارز أن حزب العدالة والتنمية الحاكم في البلاد رسم "خريطة طريق" لخطوات إعادة العلاقات بشكل طبيعي مع مصر.
وأشار الدكتور تورهان شوماز المستشار السياسي السابق للرئيس رجب طيب أردوغان، إلى أن الحزب الحاكم في تركيا شرع في إطلاق خطوات للتطبيع مع القاهرة خلال الفترة المقبلة، بعد اتخاذ الحزب قرار بدء المصالحة، بما يصب في مصلحة البلدين.
وفتحت زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأخيرة إلى السعودية ودولة الإمارات وتصريحاته عن آفاق جديدة لتطوير العلاقات مع جيران بلاده الإقليميين، الباب أمام تأويلات عديدة وتكهنات بإعادة العلاقات كاملة مع مصر خلال الأيام القادمة.
ونقلت وسائل إعلام عن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قوله، خلال زيارته الأخيرة للسعودية: "لدينا سياسات إزاء إسرائيل، ويمكن اتباع نهج مماثل إزاء مصر، وسيشير إحراز نتائج إيجابية في هذا السبيل إلى إمكانية تبني خطوات على مستوى أرفع".
وأردف قائلاً: "يتعين علينا الدخول في مرحلة جديدة مع الدول التي نتقاسم معها نفس المعتقدات والأفكار، إنها مرحلة كسب أصدقاء وليس خلق أعداء".
المصالحة بدأت
ولحسم ما يتعلق بالتكهنات التي أثيرت حول تطبيع تركيا لعلاقاتها مع مصر، يؤكد الدكتور تورهان شوماز المستشار السياسي السابق لأردوغان، في حديث مطول مع "العين الإخبارية" أن "خريطة الطريق والخطوات التي تم اتخاذها حتى الآن داخل حزب العدالة والتنمية (الحاكم) تشير إلى أن عملية المصالحة (مع مصر) بدأت بالفعل، وفقا لقيادات داخل الحزب تتابع تطورات العلاقة بين البلدين".
وتعود علاقة تورهان شوماز بـ"أردوغان" إلى أكثر من 30 عاما، ويقول "كنا أصدقاء ومقربين للغاية، بعد أن عملت كمستشار سياسي ومساعد شخصي له طيلة عامين، وكنت أيضا نائبا منتخبا يمثل حزبه، لكن يوجد حاليا خلاف في وجهات النظر السياسية بيننا"، وفقا لشوماز.
النائب السابق عن حزب العدالة والتنمية، يؤكد أن "الإشارات القادمة من تركيا توضح أن أنقرة تتطلع إلى اتخاذ عدد من الخطوات العملية من أجل إعادة بناء العلاقات المتدهورة مع مصر منذ سقوط حكم الإخوان في مصر عام 2013".
إجراءات عملية للتقارب
وفي هذا الصدد، يلفت "شوماز" إلى أن أنقرة ستعمل على اتخاذ خطوات للتقارب من بينها جعل سفارتها في القاهرة تعمل بكامل طاقتها، بتعيين سفير لها، والعمل أيضا على إعادة بعض المطلوبين في قضايا عنف وإرهاب إلى القاهرة، إضافة إلى أن بعض رجال الأعمال الأتراك يعتزمون زيارة القاهرة قريبا".
ومن خطوات التقارب مع القاهرة، تراجع دعم النظام التركي للإخوان، لكن يبقى تطور العلاقة يسير ببطء نسبي، وفقا للبرلماني السابق.
وكانت تركيا قد أبلغت إدارة فضائية "مكملين" المحسوبة على الإخوان الإرهابية بوقف نشاطها.
وأصدرت القناة، بيانا، السبت 30 أبريل/نيسان الماضي، أكدت خلاله "نقل بثها واستديوهاتها وجميع أنشطتها إلى خارج تركيا".
كما ذكرت وسائل إعلام تركية في أبريل/نيسان الماضي أيضا، أن الحكومة التركية قررت تعيين سفير لها في مصر، وذلك بعد 9 سنوات من رحيل آخر سفير تركي من القاهرة في عام 2013.
وقالت إن أنقرة قررت تعيين صالح موتلو شين، ممثل تركيا السابق لدى منظمة التعاون الإسلامي، سفيراً لها في القاهرة، مؤكدة أن الحكومة التركية تنتظر موافقة السلطات المصرية.
لا حلول دون مصر
ويشرح السياسي البارز العوامل التي عجلت من وتيرة إعادة النظام التركي علاقاته بالقاهرة، "أيقن أردوغان أن البقاء وحيدًا بسبب سياسات نظامه الخارجية التي كان يتبعها مع دول الإقليم خلال السنوات السابقة، أدت لمزيد من العزلة الدولية، وتدهور الوضع الاقتصادي".
إزاء ذلك، يضيف: "أدرك أردوغان أنه بحاجة إلى إعادة بناء العلاقات مع مصر، وتحسينها دون أي تأخير"، ويضيف: "مصر دولة مهمة جدا في المنطقة، بشعبها العظيم، وتاريخها وثقافتها وموقعها الاستراتيجي والجغرافي، ولا يمكن أيضا إغفال دورها السياسي بالشرق الأوسط وأفريقيا ومنطقة شرق المتوسط، فعلى سبيل المثال لا يمكن التوصل لحلول في القضية الفلسطينية دون تدخل مصر".
وفيما بدأ أردوغان يفقد دعم أنصاره، مع تدهور الأوضاع الاقتصادية في بلاده، وقعت القاهرة اتفاقيات اقتصادية مع اليونان وقبرص، بما أهلها للعب دور حيوي ورئيسي داخل المنطقة.
ويشدد في هذا الصدد، على أنه بدون تدخل مصر لا تستطيع تركيا تحقيق أهدافها السياسية بالمنطقة.
تحركات إقليمية كثيفة
وبدأ الرئيس التركي خلال الشهور الماضية تحركات مكثفة خلال الشهور الـ3 الماضية، في محاولة للتقارب الإقليمي بدأت بزيارته للإمارات في "خطوة صحيحة ومهمة إلى الأمام"، بحسب البرلماني التركي السابق، وزيارته الرسمية الأخيرة إلى السعودية، لبحث العلاقات والتنسيق حيال القضايا الإقليمية والدولية.
وزار الرئيس التركي السعودية، أبريل/نيسان الماضي، لبحث العلاقات والتنسيق حيال القضايا الإقليمية والدولية.
وفي فبراير/شباط الماضي، توجه أردوغان إلى دولة الإمارات في أول زيارة له إلى الدولة الخليجية منذ نحو عقد من الزمن.
وقبل مغادرته مطار أتاتورك بإسطنبول، قال أردوغان للصحفيين آنذاك: "نستهدف خلال هذه الزيارة البناء على ما اكتسبناه (في العلاقات) مع الإمارات واتخاذ الخطوات اللازمة لعودة العلاقات إلى المستوى الذي تستحقه".
وأضاف "للحوار والتعاون بين تركيا والإمارات أهمية كبرى لسلام واستقرار منطقتنا برمتها".
وكان الدكتور أنور قرقاش المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، قد أكد مؤخرا أن زيارة الرئيس التركي لدولة الإمارات والسعودية تشكل "خطوة إيجابية" للمنطقة.
وقال قرقاش في تغريدة له عبر حسابه الرسمي بموقع تويتر، إن "زيارات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لدولة الإمارات والسعودية الشقيقة، وتبني نهج التواصل والتقارب خطوة إيجابية لصالح المنطقة ككل".
وأضاف أنه لا ينبغي أن "نقبل بأن يبقى النظام الإقليمي مأزوما"، داعيا إلى ضرورة أن "نعزز الثقة ونبني الجسور ونحل المشاكل ونعمل معا نحو الاستقرار والازدهار المشترك".
تراجع فرص "العدالة والتنمية"
وتطرق المستشار السياسي السابق لأردوغان إلى فرص الأخير وحزبه في الانتخابات المقبلة.
ويوضح : "بعد الاطلاع على استطلاعات الرأي السياسية في الداخل التركي بانتظام، أستطيع القول إن أردوغان فقد شعبيته إلى حد كبير، وإن المناخ الاقتصادي جعل وضعه السياسي أسوأ، خاصة مع تداعيات نشوب الحرب الروسية الأوكرانية التي دخلت شهرها الثالث.
وفي رأى "شوماز" "فلن يكون بمقدور أردوغان تأمين الأغلبية في الانتخابات المقبلة اللازمة للبقاء في السلطة، حسب تقديره.
يشار إلى أن تحالف المعارضة "السداسي" في تركيا لم يكشف بعد عن مرشّحه المحتمل والذي سينافس الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الانتخابات الرئاسية المقبلة التي ستشهدها البلاد في العام المقبل.
وينتمي أبرز المرشحين لهذا المنصب لحزب "الشعب الجمهوري"، حزب المعارضة الرئيسي في البلاد الذي يقود التحالف "السداسي" منذ تأسيسه في منتصف فبراير/شباط الماضي.