لعب على المكشوف.. زعيم مافيا يفضح أردوغان
تشهد تركيا منذ أيام حالة من التلاسن بين نظام الرئيس رجب طيب أردوغان، وزعيم المافيا سادات بَّكَر، المقرب من الحكومة.
وقبل عام غادر سادات بكر الأراضي التركية لكنه أطلق تصريحات حول العلاقات المثيرة بين كل من السلطة والسياسة والمافيا والصراع الذي يدور حول مراكز القوى في البلاد، وذلك عقب عملية أمنية استهدفت 48 من رجاله في تركيا خلال أبريل/نيسان الماضي.
وفضح زعيم المافيا التركي هذا الصراع بالتأكيد على أنه من أجل الحصول على حصة الأسد من الأموال التي تأتي من تجارة النفط والغاز بل المخدرات والكوكايين.
وعبر قناته على موقع يوتيوب، نشر بكر عدة فيديوهات، كشف في بعضها عن “الأعمال القذرة” التي زعم أن وزير الداخلية الأسبق محمد أغار تورط فيها، واصفا إياه بـ”رئيس الدولة العميقة المزور”.
زعيم المافيا قال إن الوزير الأسبق، استولى بشكل غير قانوني على الشركات العملاقة لرجل الأعمال التركي أذري الأصل الشهير، مبارز مانسيموف قربان أوغلو، الذي يعتبر الاسم الأول الذي يعمل في مجال البترول والغاز بين تركيا وأذربيجان.
وأشار بكر إلى أن استيلاء وزير الداخلية الأسبق على تلك الشركات جاء من خلال إلصاق تهمة "الانتماء إلى جماعة فتح الله غولن" به.
وتهمة غولن تحولت إلى سلاح يسلطه أصحاب القوة والنفوذ المتصارعون على بعضهم البعض من أجل تحقيق أغراض سياسية واقتصادية.
كما تعهد زعيم المافيا في تلك الفيديوهات بأنه سيزيح الستار عن “الأعمال القذرة” التي أقدم عليها مجموعة “البجع” الإعلامية التابعة لعائلة أردوغان، مثل تجارة الأسلحة في مناطق الصراع، وعلى رأسها سوريا.
لكنه تجنب ذكر اسم أردوغان بشكل صريح، في رسالة تترك الباب مفتوحًا لمساومة محتملة معه من أجل العودة إلى ما يسمونه “قانون السكوت”.
ومع أن زعيم المافيا يركز في هجومه على محمد أغار المنتمي إلى التيار القومي اليميني الذي يمثله في التحالف الحاكم حزبُ الحركة القومية بقيادة دولت باهجه لي، ومجموعة البجع، من دون ذكر اسم أردوغان، إلا أن المحللين يؤكدون أنه يعلم جيدا أن كل “الأعمال القذرة”، التي يذكرها، يتم ارتكابها تحت سمع وبصر الرئيس التركي بل بتوجيهات مباشرة منه.
كما تجنب أيضاً الحديث عن عائلة أردوغان صاحبة نصيب الإبل من التجارة القائمة على بيع البترول والغاز من جانب؛ والأسلحة والمخدرات من جانب آخر.
بكر هاجم محمد أغار قائلاً: “رجل الأعمال مبارز مانسيموف قربان أوغلو فتح لك بابه واحتضنك وأعاد لك اعتبارك القديم ومنحك الأموال، بعد أن ساءت سمعتك وأصبحت شيئًا لا يذكر، لكنك اتجهت إلى الاتفاق مع بعض الجهات (مجموعة البجع)، وأودعته السجن بتهمة الانتماء إلى منظمة فتح الله غولن".
وتابع: "هذه التهمة كذبة لا أصل لها ويضحك عليها حتى المجانين. كل ذلك من أجل وضع السيطرة على أمواله وشركاته مثل ميناء مارينا الواقع في منتجع بودروم من أجل تأمين طريق وحركة مرور المخدرات والكوكايين”.
أما عملية السيطرة على ميناء مارينا الذي تبلغ قيمته مليارات الدولارات فبدأت بتعيين نائب حزب العدالة والتنمية تولجا أغار رئيسًا لإحدى شعب شركة “ياليكافاك” للسياحة واستثمارات ميناء اليخوت في بودروم في عام 2014.
ثم جاء بعد ذلك والده محمد أغار على رأس إدارة مجلس الشركة في 2020 عقب نصب مؤامرة ضد مالكها الحقيقي قربان أوغلو من خلال إرساله إلى السجن بتهمة الصلة بحركة فتح الله كولن، وفق تصريحات سادات بكر.
وادعى سادات بكر أن محمد أغار هو من يشرف على الأعمال غير القانونية الدائرة في مثلث ولايات “إزمير آيدين وموغلا” الساحلية، وأنه من يدير أعمال ميناء إزمير، وأنه صاحب 5 أطنان من الكوكايين التي تم ضبطها.بينما كانت تتوجه إلى مصنع كيماوي في مدينة إزمير لؤلؤة بحر إيجه.
وأشار في الوقت ذاته إلى أنه يقف وراء مقتل بائع مخدرات في بلدة عطاء شهير بمدينة إسطنبول بسبب أموال قيمتها 50 ألف مليون يورو، بعد أن كشف في فيديوهاته السابقة أن ابنه تولجا أغار من قتل الطالبة القرغيزية الدارسة في تركيا يلدانا كهرمان وقدم الحادثة للرأي العام على أنه انتحار.
كما زعم بكر أن النظام الحاكم في تركيا يساوم شبكات اغتيال دولية من أجل التخلص منه وإسكاته، متحديًا وزير الداخلية سليمان صويلو.
وقال إنه ينتظره في إمارة دبي إن كان لديه شجاعة، موجهًا تهديدًا مبطنًا إلى أردوغان من خلال التعهد بأنه سيكشف في الفيديوهات القادمة ما يدور في سوريا ومن يتربحون من تجارة الأسلحة في المنطقة.
اتهامات لصويلو
زعيم المافيا انقلب أيضا على سليمان صويلو وزير الداخلية الحالي بعد أن عجز عن تحقيق وعوده له بحمايته وتأمين طريق عودته إلى تركيا وإيقاف القضايا المرفوعة ضده.
كما وصفه بزعيم تنظيم إجرامي خانعًا لممارسات الرأي العام والحزب الحاكم، ليتجه بعد ذلك إلى الكشف عن الامتيازات التي وفرها له صويلو في الفترة السابقة.
وقال إن سليمان صويلو هو من أبلغه بالعملية الأمنية المعدة ضده ورجاله في تركيا ليتمكن من الهروب إلى تركيا عبر المطار رغم محاولات وزير الخزانة والمالية السابق، براءت ألبيرق، صهر أردوغان، منع انطلاق طائرته في 2020.
ولفت إلى تناقضاته فيما يتعلق بوصفه “زعيم تنظيم إجرامي” رغم الامتيازات التي حصل عليها بفضله، منها تخصيص حرس رسمي له في رحلاته الخارجية.
كما استهدف زعيم المافيا، فائق حاجي أوغلو، مستشار وزير الداخلية صويلو، مؤكدا أن لديه سيارته تبلغ قيمتها مليونا و600 ألف ليرة ومنزلا فارها.
وتساءل سادات: قائلا "كيف يمكن لمستشار وزير داخلية أن يكون له سيارة فارهة وفيلا فاخرة في الوقت الذي يعلم الجميع المرتب الذي يحصل عليه من خلال وظيفته"، متهمًا إياه وصويلو بالفساد والكسب غير المشروع.
جهاز تشويش
في السياق نفسه زعم برلماني تركي معارض أن وزير الداخلية، صويلو، منح زعيم المافيا بكر “جهاز تشويش”، لتجنب التنصت على اتصالاته الهاتفية.
جاء ذلك في تصريحات أدلى بها علي ماهر باشارير، البرلماني عن حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة في البلاد.
وخاطب باشارير وزير الداخلية قائلا: "أنت أرسلت معه حرسًا شخصياً إلى خارج البلاد.. وأعطيته الحق في استخدام خدمات كبار الشخصيات. وأقولها من هنا لأول مرة إنك منحته شيئًا آخرًا ألا وهو جهاز التشويش، كي لا يتم التنصت عليه وألا يتم تسجيل مكالماته وألا تتم ملاحقته".
أردوغان يرد
في المقابل استهدف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، زعيم المافيا، قائلا: "سنفسد السيناريو القذر الذي يحيكه ضدنا"، في إشارة إلى نظرية المؤامرة التي يتبناها الرجل دائمًا حينما تتكشف حقيقته.
وقال أردوغان في بيان صدر عقب اجتماع لمجلس الوزراء، الإثنين، إن "عصابات الجريمة مثل الأفعى السامة، إذا دخلت معها نفس الكيس، فستوافق على ما سيحدث لك لاحقًا".
وزعم أردوغان أن حكومة حزب العدالة والتنمية "قضت على المنظمات الإجرامية وأنقذت تركيا منها".
هذه المزاعم جاءت رغم العلاقات العلنية بين حزب العدالة والتنمية ومنظمات إجرامية، حيث سبق وأن نظم سادات بكر العديد من المسيرات واللقاءات الجماهيرية لجمع الأصوات لحزب العدالة والتنمية.
بل سبق وأن هدد زعيم المافيا باسم أردوغان المعارضين قائلًا: "سنسيل دمائهم مثل الأنهار ونعلق أجسادهم على أعمدة الإنارة في الشوارع".
حليف أردوغان يرد
على الصعيد ذاته استهدف رئيس حزب الحركة القومية، دولت باهجه لي، حزب الشعب الجمهوري، واستنكر اتهام المعارضة التركية له بالتحالف مع المافيا، على خلفية اتهام الحزب الأخير لحزبه بذلك بناء على ما كشفه زعيم المافيا.
وقال باهجه لي في اجتماع الكتلة البرلمانية لحزبه ، الثلاثاء: "نحن لا نفهم أعمال المافيا، وكذلك لا نعترف بها، ونرفض القول إن الشريك الثالث لتحالف الجمهور (المكون من الحركة القومية والعدالة والتنمية) هو المافيا".
وأضاف: "على زعيم حزب الشعب الجمهوري (كمال قليجدار أوغلو) أن ينظر إلى نفسه أولًا".
مستشار وزير الداخلية يرد
على نفس الشاكلة رد فائق حاجي أوغلو، مستشار وزير الداخلية صويلو، على الاتهامات الموجهة إليه من قبل سادات بكر، بالفساد والتربح من وظيفته.
ومن خلال عدة تدوينات على حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، أكد حاجي أوغلو أنه شعر بالحاجة إلى الرد على “الأوهام والافتراءات” التي ساقها بكر.
وأوضح حاجي أوغلو أنه "اشترى السيارة المعنية مقابل 877 ألف ليرة وليس بمليون و600 ألف ليرة، وأنه اقترض نصف المبلغ العام الماضي، وطرحها قبل 10 أيام للبيع من أجل سداد ديونه.
وردا على اتهامات سادات بكر، أكد مستشار صويلو أنه لم يتاجر في الهيروين أو الكوكايين في حياته، ولم يقتل أحداً، ولم يعتد على ممتلكات أحد، ولم يخن دولته ولا أمته.
وعن المنزل الذي تبلغ قيمته 5 ملايين ليرة الذي يمتلكه، أعلن حاجي أوغلو أن هذا المنزل أكمل بناءه مع عائلته في عام 2016، أي قبل أن يتم تعيينه مستشارا لوزير الداخلية.
aXA6IDMuMTQ0LjIwLjY2IA== جزيرة ام اند امز