مكابرة أردوغان في عدم التسليم بهزيمة حزبه في إسطنبول عكست عدم إدراكه للتحولات الجارية من حوله
تدريجياً تنحسر القاعدة الاجتماعية-الحزبية المؤيدة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بالقياس لما كان عليه وزن حزب العدالة والتنمية قبل سنوات، تتوالى المؤشرات على تراجع مكانته في المجتمع التركي، التي كان من أبرز علاماتها فقدان الحزب رئاسته بلدية إسطنبول، إحدى أهم المدن في البلد على الإطلاق، وهي الخسارة التي استشرس الرئيس لمنعها، بإصراره على إعادة الانتخابات في المدينة، فجاءت الهزيمة في انتخابات الإعادة أثقل بكثير مما كانت عليه في المرة الأولى.
ليس أوغلو هو المرشح الوحيد للطرد من الحزب، فالأنباء تتحدث عن نية مشابهة لطرد ثلاثة أعضاء آخرين لانتقادهم أردوغان والسعي إلى تأسيس حزب سياسي جديد
مكابرة أردوغان في عدم التسليم بهزيمة حزبه في إسطنبول عكست عدم إدراكه للتحولات الجارية من حوله، وهو سلوك نمطي عند الساسة محتكري القرار في بلدانهم ومجتمعاتهم، فهم لا يرون سوى صورتهم، ولا يسمعون سوى مديح الحلقة الضيقة المحيطة بهم، التي لا تنقل لهم الحقيقة كما هي.
لم يعد الأمر محصوراً في انحسار التأييد الشعبي الذي كان للحزب الحاكم، فالتصدّع يطال الحزب نفسه من داخله.
وليست مصادفة أن تكون إعادة الانتخابات البلدية في إسطنبول هي أحد المواضيع التي جعلت الخلاف الداخلي في الحزب يتفاقم؛ حيث ارتفعت أصوات وجوه قيادية بارزة في الحزب معترضة على النهج الانفرادي لأردوغان في إدارة الأمور، وعدم الإصغاء للآراء الأخرى، وفي مقدمة المعترضين يبرز اسم رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو، للدرجة التي حملت أردوغان على تمرير قرار عبر اللجنة التنفيذية لحزب العدالة والتنمية، بإحالته إلى مجلس تأديب تمهيداً لفصله.
كان أوغلو أكد عند تقديمه استقالته من منصبه قبل سنوات لاختلافاته الشديدة مع منهج أردوغان في إدارة شؤون الحزب والبلاد، أنه لا يكن ضغينة لأحد، ولا يرغب في حدوث انقسام داخل الحزب الحاكم، ولكن الواضح أنه لم يعد بوسعه العمل مع رئيسه، خاصة بعد إصرار الأخير على تحويل نظام الحكم إلى نظام رئاسي.
ليس أوغلو هو المرشح الوحيد للطرد من الحزب، فالأنباء تتحدث عن نية مشابهة لطرد ثلاثة أعضاء آخرين لانتقادهم أردوغان والسعي إلى تأسيس حزب سياسي جديد، وتشمل قائمة المعترضين على سياسة أردوغان وجوهاً بارزة أخرى بينها الرئيس التركي السابق ومؤسس حزب العدالة والتنمية عبدالله جول، ونائب رئيس الوزراء السابق علي باباجان، وهذا الأخير استقال مؤخراً من الحزب الذي شارك في تأسيسه، بسبب خلافات عميقة بشأن السياسة، وقال يومها إن تركيا في حاجة إلى "رؤية جديدة".
ليس مستبعداً أن يطلق باباجان وجول حركة منافسة، ستشكل في حال قيامها تحدياً جدياً لسيطرة أردوغان على الساحة السياسية.
نقلاً عن "الخليج"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة