انقلاب تركيا المزعوم.. مقاطع مسربة تفند رواية أردوغان
لقطات فيديو تفند رواية النظام التركي حول مسرحية انقلاب منحته الضوء الأخضر لتصفية المعارضين وقمع المنتقدين.
وبحسب ما ذكره الموقع الإلكتروني لصحيفة "تي 724" التركية، وتابعته "العين الإخبارية"، السبت، حصل موقع “نورديك مونيتور” السويدي على مقاطع فيديو مسربة تظهر أن ما حدث في قيادة قوات الدرك بتلك الليلة جاء عكس ما ورد بالتحقيقات الرسمية.
مقاطع الفيديو المذكورة والمنشورة على النسخة التركية للموقع السويدي عبر "تويتر"، مأخوذة من كاميرات مراقبة تم حجبها عن الناس، وفيها يتضح أن عناصر قيادة قوات الدرك سلّموا أنفسهم للشرطة دون أي مقاومة، ورغم ذلك تعرضوا للإهانة والتعذيب والقتل.
أما الرواية الرسمية بهذا الخصوص، فمغايرة لما ورد في المقاطع، حيث زعمت لائحة الاتهام التي أعدتها النيابة حدوث اشتباكات مسلحة في المكان المذكور، كما ادعت أن قناصة أطلقوا النار من المجمع الرئاسي على الجنود في تلك الليلة، ما أسفر عن مقتل تسعة أشخاص.
كما أظهرت المقاطع أن قوات الشرطة أمروا قوات الدرك بالاستلقاء على الأرض، وأجبروهم على خلع ملابسهم قبل استهدافهم بالعنف والضرب.
ولاحقا، تم نقل الجنود المحتجزين إلى الصالات الرياضية، حيث تعرضوا فيها للتعذيب وهم عراة، كما جاء في التسجيلات المصورة التي أظهرت كذلك مجموعة من المدنيين برفقة عناصر الشرطة يعتدون على قوات الدرك.
اللقطات تظهر أيضا أن ضابطا مصابا بجروح ظل مكبلا بالأصفاد بجانب ماكينة للصراف الآلي لفترة طويلة، ثم أمر بالزحف على الأرض ليتم نقله إلى أحد أماكن التعذيب.
ا
وفق مقاطع الفيديو، حطمت الشرطة جميع الكاميرات في المبنى الواحدة تلو الأخرى، ولا يزال مصير تسجيلات 330 كاميرا تابعة لقوات الدرك مجهولا.
وأظهرت كاميرا مثبتة في أحد الزوايا المحتجزين بملابسهم الداخلية وهم يخرجون من باب المبنى مع رجال الشرطة يركلونهم ويضربونهم وهم يحاولون تغطية رؤوسهم لحماية أنفسهم من الركلات واللكمات، وسقط البعض على الأرض جراء الضربات.
التسجيلات المصورة أظهرت أن شرطيًا سرق أموال أحد الجنود، لكنه أعادها إلى مكانها لما لاحظ أن الكاميرا تسجل تحركاته.
كما ظهر في وقت سابق أن عناصر الشرطة حاولت إشعال النيران في الطابقين الثاني والحادي عشر من مقر القيادة العامة لقوات الدرك، لكنها فشلت في ذلك، ومن ثم حرروا محضرًا زعموا فيه أن الجنود الانقلابيين هم الذين حاولوا إحراق المبنى.
واستهدفت الشرطة عمداً بعض أفراد الدرك بنية واضحة للقتل، مما أدى إلى وقوع إصابات.
وعلى سبيل المثال، تم إطلاق النار ست مرات على النقيب ياسين أوزدمير، وهو ضابط أركان في القيادة العامة لقوات الدرك، وقتل على الفور.
وتُظهر اللقطات الضابط وهو يستسلم نصف عارٍ ويداه مرفوعتان في الهواء أمام مقر قيادة الدرك في وقت مبكر من صباح يوم 16 يوليو/تموز.
وأظهرت أربع لقطات ثابتة من تسجيل فيديو كاميرات المراقبة عند المدخل الرئيسي للمقر مجموعة من الجنود يقودهم الكابتن أوزدمير يتجه نحو غرفة الحراسة، ويظهر الجنود بأيديهم مرفوعة ونصف عراة في علامة واضحة على الاستسلام ولا يشكلون أي تهديد للآخرين.
وتشير إحدى اللقطات الثابتة إلى أن النقيب أوزدمير وصل أولاً إلى البوابة الرئيسية، رافعاً يديه. وفي صورة ثانية، من الواضح أن أوزدمير قُتل بالرصاص أثناء خروجه من غرفة الحراسة، فيما جلس الجنود المتبقون على الأرض وبدوا مرعوبين من مقتله.
وبخصوص مصير الأشخاص من المدنيين والشرطة الذين ظهرت صورهم في مقاطع الفيديو، وهم يعتدون ويعذبون جنود قوات الدرك، فإنه لا يمكن محاسبة هؤلاء بموجب قرار للرئيس أردوغان، تحول إلى قانون أعده حزب العدالة والتنمية الحاكم وصادق عليه البرلمان.
وفي 23 يوليو/ تموز 2016، أصدر أردوغان مرسوما بقانون رقم 667، يوفر حصانة شاملة للمسؤولين الذين شاركوا في تحقيقات الانقلاب، منح الحماية الشاملة لموظفي إنفاذ القانون من أجل منع الضحايا من رفع شكاوى التعذيب أو سوء المعاملة أو الإساءة ضد المسؤولين.
وأقر البرلمان التركي المرسوم ليصبح قانونًا في 18 أكتوبر/ تشرين أول من العام نفسه.
وكانت السلطات أمرت بجمع تسجيلات عشرات الكاميرات المركبة في المباني المحيطة بقيادة قوات الدرك بعد شهر واحد بالضبط من الانقلاب المزعوم، زاعمة أن الصور والتسجيلات الخاصة بأحداث ليلة الانقلاب فقدت لأسباب فنية.
وأثبتت التحريات أن الشرطة، برفقة مدنيين مجهولين، قاموا بتحطيم 28 كاميرا داخل القيادة العامة لقوات الدرك من أجل الحيلولة دون تسجيل ممارسات التعذيب والمعاملة السيئة التي تعرض لها الجنود.
اتهامات باطلة
وتتهم أنقرة الداعية التركي المقيم في بنسلفانيا الأمريكية فتح الله غولن بتدبير المحاولة الانقلابية المزعومة عام 2016، وهو ما ينفيه الأخير بشدة، فيما ترد المعارضة التركية أن أحداث تلك الليلة كانت "انقلاباً مدبراً" لتصفية المعارضين من الجنود وأفراد منظمات المجتمع المدني.
وتشن السلطات التركية، بشكل منتظم، حملات اعتقال طالت الآلاف منذ المحاولة الانقلابية، بتهمة الاتصال بجماعة غولن، فضلا عن فصل الآلاف من أعمالهم في الجيش والجامعات، وغيرها من الوظائف الحكومية، بموجب مراسيم رئاسية.
ومنذ "مسرحية الانقلاب"، أطلقت تركيا حملة "تطهير" شملت كافة القطاعات العامة وأسفرت عن اعتقال نحو 80 ألف شخص في انتظار المحاكمة، وعزل أو وقف حوالي 150 ألفا من موظفي الحكومة وأفراد الجيش والشرطة وغيرهم، تعسفيا عن العمل.
ولم يتم حتى اليوم نشر تقرير تقصي الحقائق حول المحاولة الانقلابية رغم انتهاء البرلمان التركي منه منذ عام 2017.
وبحسب معطيات وزارة الدفاع التركية، جرى طرد 20612 عنصرا من الجيش بعد محاولة الانقلاب الفاشلة، فضلا عن استمرار المحاكمات والتحقيقات القضائية والإدارية بحق نحو 3 آلاف و560 عسكريا.