يحق للرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن يدافع عن نفسه وحزبه، وأن يتمسك بالسلطة حتى الرمق الأخير
يحق للرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن يدافع عن نفسه وحزبه، وأن يتمسك بالسلطة حتى الرمق الأخير، وقد التمس له العذر عندما يوهم نفسه والآخرين بأن "تركيا" ليست "الشرق الأوسط"، حتى تهب عليها رياح الثورات العاتية، فالرجل مُحب للسلطة، ومُدمن على السيطرة والاستحواذ، ولا يستطيع أن يستغني عن الأضواء يوماً واحداً، ولكن أظن أنه سيفشل في مسعاه، وبامتياز، خاصة بعد حزمة الجرائم والأحداث التي ارتكبها وأفراد حزبه "عامداً متعمداً"، بحق نفسه وشعبه والمنطقة بأسرها.
ليطمئن السيد أردوغان بأن "الربيع التركي" قادم إليه لا محالة، مع وجود الظلم والاستبداد والتجبر والعنف داخل تركيا، وهي أفعال يرفضها البشر في أي مكان وزمان، سواء في الشرق الأوسط أو تركيا أو أي مكان آخر، وهذه الأفعال يعاني منها الشعب والجيش التركيان
قصة أردوغان وما شهدته من أحداث سلبية، منذ كان طفلاً صغيراً، يبيع البطيخ والسميط في شوارع إسطنبول إلى أن أصبح رئيساً لبلاده تجاوزت في فظاعتها، ما شهدته أي دولة أخرى في الشرق الأوسط وربما في العالم، بما فيها دول الربيع العربي، فليس هناك نظام سياسي في منطقة الشرق الأوسط، أقدم على اعتقال الآلاف من أفراد الشعب والجيش، وفصلهم من وظائفهم وقطع أرزاقهم، كما فعل نظام أردوغان. وقد أُصبت بالدهشة من عدد المعتقلين في تركيا، والقفزة التي بلغها في عهد أردوغان، فمع مطلع الألفية الثالثة، وتولي حزب العدالة والتنمية مقاليد الحكم في البلاد، كان عدد المعتقلين والسجناء داخل السجون التركية نحو 52 ألف سجين فقط، إلا أن التقارير الحكومية التركية تشير إلى أن تلك الأعداد سجلت أرقاما قياسية بعد أن تخطت 240 ألف سجين.
يمكن التأكيد على أن أردوغان نموذج جديد وغريب لديكتاتور أرعن، مشكلته أنه جاء في زمن لا مكان فيه للديكتاتورية في العالم، هذا الرجل كذب الكذبة وصدقها، حيث يظن في قرارة نفسه أنه خليفة جديد لمسلمي العالم، وأنه القائد الإسلامي الملهم، الذي سيستعيد القدس من الصهاينة، ويحرر فلسطين من الاحتلال، وينقذ الأقليات المسلمة حول العالم من البطش والظلم، ويعيد للأمة الإسلامية هيبتها المفقودة، ومن ثم يعتقد أن كل فعل يُقدم عليه أو يصدر منه سينال عليه إشادة وإعجاب وتقدير من الجميع لذكائه الفطري وشجاعته وبسالته، وقد يكون الرجل معذوراً لسببين؛ الأول أن النرجسية لديه مفرطة، فلا يرى إلا نفسه، والثاني أنه لم يجد من بين حاشيته من يهمس في أذنه وينبهه بأنه "ديكتاتور وظالم ومستبد، وعليه أن يتوقف عن كل هذا في التو واللحظة".
وليطمئن السيد أردوغان بأن "الربيع التركي" قادم إليه لا محالة، مع وجود الظلم والاستبداد والتجبر والعنف داخل تركيا، وهي أفعال يرفضها البشر في أي مكان وزمان، سواء في الشرق الأوسط أو تركيا أو أي مكان آخر، وهذه الأفعال يعاني منها الشعب والجيش التركيان، وعلى أردوغان أن يعيد قراءة التاريخ القديم والحديث جيداً، ليعلم بأن نهاية كل مستبد أو ديكتاتور "مأساوية"، وإن طال به العمر في السلطة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة