أردوغان يهوي بتركيا نحو الهاوية بسرعة الصاروخ.. فقد فشلت جميع مشاريعه الأيديولوجية في تحقيق أهدافها داخليا وعربيا وتتم الآن محاصرة نظامه إقليميا ودوليا
عادة ما يؤخذ أمر فرعي صغير على أنه مؤشر لنجاح مشروع أو فشله.. لكن حين يكون ذلك المؤشر هو قلب المشروع "النابض" وعقله المدبر فإن ذلك يعني انهيار ذلك المشروع على رؤوس من تبناه..
أردوغان مثلا يهوي بتركيا نحو الهاوية بسرعة الصاروخ.. فقد فشلت جميع مشاريعه الأيديولوجية في تحقيق أهدافها داخليا وعربيا وتتم الآن محاصرة نظامه إقليميا ودوليا.. لذلك بدأ شركاؤه في القفز من المركب التي استثمروا فيها وفي شخص أردوغان الذي ما عاد يسمع إلا صوته..
ما هي إلا أيام معدودة وتأتي الصفعة الأحدث باعتراف الغرفة الثانية في الكونجرس الأمريكي بمذابح الأرمن وإدانتها وتبني القرار.. ما يعني أن تركيا أردوغان مقبلة على انهيار اقتصادي سرعته سرعة الصاروخ الذي يهوي دونما هدف.. لأنه فقد الاتصال والبوصلة.. كما أنه موعود بتدهور غير مسبوق على صعيد العلاقة مع الولايات المتحدة
بالتأكيد هذا القفز ما هو إلا تغيير في التكتيك وإعادة توزيع للمهام تحت مظلة الإخوان الدولية التي اهترأت وما عادت قادرة على استقطاب المخدوعين تحتها، وما ذلك إلا انكشاف للحقيقة المرة على أرض الواقع التي تعري حقيقة مشروع الإسلام السياسي وفشله كأرضية لاستقطاب هواة السياسة.
ولأنها أوضح من عين الشمس في كبد السماء فلا أحتاج إلى تعداد ما الذي فعله أردوغان في تسع سنوات مضت وهي المدة التي شهدت محاولات مميتة من قبل تنظيم الإخوان الدولي لتنزيل ما خطط له آباء الإخوان المؤسسون - تسعة عقود من الزمن - على أرض الواقع، كانوا يجهزون خلالها أردوغان لاحتلال موقع المهاجم في تشكيلة فريقه الذي خاض مباريات فاز في بعضها بخداع الجميع واستقطاب عناصر تعينهم على الفوز بعد أن ذروا الرماد في العيون ودسوا السم في العسل.. ولكنها لم تكن إلا جولات معدودات والغلبة في نهاية المطاف باتت من نصيب الإنسانية.. وخذل أردوغان وزمرته المساكين الذين وثقوا فيه.
تعامل أردوغان ورفاقه باستهتار مع ملفات بلاده التي كانت تطمح للوصول إلى مكاسب كبيرة ليس آخرها الانضمام للاتحاد الأوروبي وما في ذلك من مكاسب اقتصادية كان التعويل عليها كبيرا، وكان وراء ذلك الاستهتار تلك الأطماع الشخصية التوسعية التي لم يتوانَ أردوغان في الكشف عنها والبدء في تنفيذها في خواصر المنطقة العربية الرخوة.
ولا زال الرجل يحقق أرقاما قياسية في الفشل في تحقيق مآربه ومآرب التنظيم الذي ينتمي إليه علانية وآخرها محاولاته الرخيصة لجر ليبيا إلى المستنقع الذي غرق في وحله، وهو يدرك جيدا أن محاولته هذه فاشلة من الأساس لكنها كفيلة بإبقائه على صدارة التريند الإخباري طيلة الفترة المقبلة، كما أنها كفيلة - من وجهة نظره - بإزعاج من تصدى له سواء في ليبيا أو في المنطقة.. لذلك قام ويقوم الآن بتسليح مليشيات الإخوان في الغرب الليبي مقابل الولاء له وتنفيذ أجندته.
يظن أردوغان أنه سيفلت من المساءلة الدولية حين يمول مليشيات الخراب والدمار في ليبيا كما صنع ومول داعش في العراق وسوريا، وليبيا بالنسبة له هي إحدى بوابات عبوره السريع إلى أفريقيا التي كان ولا زال يطمح في السيطرة عليها بعد أن فشل في اختراق البوابة المصرية الصلبة التي أطاحت بأحلامه وأحلام أجداده العثمانيين.. وكذلك البوابة السودانية التي كان يحلم بتأسيس قاعدة ارتكاز وانطلاق في أحد أهم مواقعها على البحر الأحمر "جزيرة سواكن".
قبل أيام عدة كان أردوغان في البيت الأبيض بعد أن أعلن مجلس النواب تبنيه تشريعا يدين مذابح الإبادة الجماعية الأرمن ويؤكد مسؤولية تركيا عن تلك الجرائم.. كان يظن أن مسألة زيارته لواشنطن واستقباله في البيت الأبيض كفيلة بتشتيت أنظار الكونجرس وإلهائه عن تبني قرار يدين تركيا وإلهاء العالم عن موضوع الإبادة وكذلك كان يظن أنها سترد على من يرون أن اقتصاد تركيا المرتبط بالولايات المتحدة سيتضرر.. لكنه يتناسى أن البيت الأبيض ليس إلا مؤسسة واحدة في بلد المؤسسات وفي أحيان كثيرة لا تؤخذ خطوات ومواقف ساكنيها على محمل الجد.
وما هي إلا أيام معدودة وتأتي الصفعة الأحدث باعتراف الغرفة الثانية في الكونجرس الأمريكي بمذابح الأرمن وإدانتها وتبني القرار.. ما يعني أن تركيا أردوغان مقبلة على انهيار اقتصادي سرعته سرعة الصاروخ الذي يهوي دونما هدف.. لأنه فقد الاتصال والبوصلة.. كما أنه موعود بتدهور غير مسبوق على صعيد العلاقة مع الولايات المتحدة.. إنه الصعود نحو الهاوية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة