التاريخ سيذكر المكاسب التي تحققت من وراء هذا الانقلاب المزعوم،
يصادف الأسبوع المقبل ذكرى مرور عامين على ما عُرف بمحاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا في الخامس عشر من يوليو/تموز 2016، تلك المحاولة التي لم تقنع الكثيرين ليصفوها بالمسرحية، رغم محاولة إحكام خيوطها كي تبدو حقيقية، فما الأسباب التي حدت بهم لتبني هذا الرأي؟ وهل ينقلب أي رئيس على نفسه رغم ما يشكله ذلك من خطورة عليه وعلى النظام الحاكم في بلده؟ .
اليوم وبعد مرور عامين على هذه الذكرى، لم يعد يشك متحمس في أن الانقلاب دُبر في ليلة سوداء على الديمقراطية والحرية في تركيا، ففي صباح اليوم التالي لليلة الانقلاب المزعوم اعتقل قرابة ثلاثة آلاف قاضٍ ومدعٍ عام وأكثر من ألف وخمسمائة ضابط رفيع في حملة اعتقالات أُعدت قوائمها من قبل.
بالعودة إلى ليلة ما عرف بالانقلاب فقد جاءت المحاولة في التاسعة مساءً بتوقيت أنقرة، بمشاركة عدد من الضباط في القوات المسلحة التركية، وقد أظهرت القنوات التلفزيونية بضع دبابات تغلق جسر البوسفور معلنة الانقلاب، وفجأة يظهر الرئيس "المخلّص" أردوغان عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ليدعو المواطنين إلى النزول في الشوارع، لصد محاولة الانقلاب، ثم ينتقل إلى إسطنبول بطائرته الرئاسية في مشهد درامي.
لكن هذا المشهد لم يكن محبوكًا بشكل يمكن تصديقه، فالانقلاب كمصطلح لا يمكن إطلاقه على إغلاق جسر في مدينة، حيث إن أُولى خطوات الانقلاب هي الاستيلاء على وسائل الإعلام، واعتقال الرئيس ورئيس الوزراء والوزراء، لكن في حالة الانقلاب المزعوم لم يحدث أي من هذا، فالرئيس ظهر ليتحدث بأريحية إلى وسائل الإعلام، ويتنقل في طائرته الرئاسية على مرأى ومرمى "الانقلابيين".
منذ اليوم الأول، بدأ المشككون في طرح شبهات مثيرة ازدادت مع مرور الوقت، واليوم وبعد مرور عامين على هذه الذكرى، لم يعد يشك متحمس في أن الانقلاب دُبر في ليلة سوداء على الديمقراطية والحرية في تركيا، ففي صباح اليوم التالي لليلة الانقلاب المزعوم اعتقل قرابة الثلاثة آلاف قاضٍ ومدعٍ عام وأكثر من ألف وخمسمائة ضابط رفيع في حملة اعتقالات أُعدت قوائمها من قبل، أما اليوم وبعد مرور عامين فيقبع في السجن أكثر من مائة وستين ألف تركي، وفقد عدد مشابه وظائفهم، في حالة لم يشهد مثلها التاريخ.
التاريخ سيذكر المكاسب التي تحققت من وراء هذا الانقلاب المزعوم، حيث يُنصّب رجب طيب أردوغان اليوم رئيساً لجمهورية تركيا كنتيجة حتمية بعد تلك المحاولة، وأيًا كان مستوى تدبيرها فالأكيد أن المستفيد الأول هو أردوغان الذي صرّح في أكثر من مناسبة بأن الانقلاب "لطف كبير وهبة من الله وأن نتائجه ستكون جيدة"، كيف لا وقد وفّر ذلك غطاء على الأخطاء وتراجع الشعبية، كما برر اعتقال الخصوم السياسيين والصحافيين المناوئين وإغلاق المؤسسات الإعلامية، واتهام كل من تسول له نفسه الاعتراض بالانتماء إلى "الكيان الموازي".
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة