"الرقابة السياسية" تبدد آمال تركيا في الانضمام للاتحاد الأوروبي
مجلس أوروبا وضع تركيا في قائمة المراقبة والرصد السياسي، ما يضع مفاوضات انضمام أنقرة للاتحاد الأوروبي في مهب الريح
منذ سقوط الدولة العثمانية عام 1923 وإعلان مصطفى كمال أتاتورك قيام جمهورية علمانية، ولّت تركيا وجهها شطر الغرب، فتقدمت في ثمانينات القرن الماضي، بطلب الانضمام للاتحاد الأوروبي.
انضمامٌ لم ير النور حتى يومنا هذا، وبات يواجه مفترق طرق بعد أن أصبح الحلم التركي في مهب قرار مجلس أوروبا الذي وضع تركيا على قائمة "المراقبة والرصد السياسي" التي كانت أنقرة قد تجاوزتها عام 2004، ودخلت في أعقابها مرحلة الحوار.
وأرجع المجلس قراره المصيري في مستقبل المفاوضات التركية الأوروبية،إلى "انتهاكات حقوق الإنسان التي شهدتها تركيا في الفترة الأخيرة"، والحوار الذي "يعيق عمل المؤسسات الديمقراطية في تركيا، والسلبيات في عمل دولة القانون".
وصوتت الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا على مشروع القرار الذي كان ملحقاً بتقرير عن "أداء المؤسسات الديمقراطية في تركيا".
وينتقد التقرير الذي أعدّه مقررو تركيا في الجمعية، القرارات والإجراءات التي تم اتخاذها في إطار حالة الطوارئ المعلنة في تركيا منذ محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها منتصف يوليو2016.
كما يشير التقرير إلى حدوث "تدهور" في أداء المؤسسات الديمقراطية في تركيا.
القرار الصادر اليوم الثلاثاء، أدانته تركيا ووصفته بـ"الجائر"، قائلة إنه "تغاضى عن التعاون البنّاء الذي أقامته بلا انقطاع مع المجلس الأوروبي".
القرارٌ الأوروبي جاء قبيل اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد، في مالطا، الجمعة المقبلة، لبحث العلاقة مع أنقرة، ونتائج الاستفتاء على التعديلات الدستورية الذي أجرته تركيا في الـ16 من الشهر الجاري، ومنح الرئيس رجب طيب أردوغان، صلاحيات واسعة.
كل ذلك، سبقه تحذير من قبل الاتحاد الأوروبي بأنه "قد يراجع ويعيد تحديد" طبيعة العلاقات مع تركيا.
تحذيرٌ جاء على لسان المفوض لسياسة الجوار الأوروبي ومفاوضات التوسع "يوهانس هاهن"، الذي قال إنه "حان الوقت لإجراء تقييم دقيق للعلاقات بين الاتحاد وتركيا وربما إعادة تحديد طبيعتها".
جميع الخيارات مفتوحة
"يوهانس هاهن" أشار في تحذيره إلى أن "جميع الخيارات مفتوحة ومن بينها مواصلة محادثات الانضمام، ولكن ليتحقق ذلك، على تركيا أن تطابق المعايير".
ومع أن المسؤول الأوروبي يفضل شخصيا "إبقاء الباب مفتوحاً أمام تركيا"، إلا أنه نوّه بأن "مساعيها نحو الانضمام توقفت بسبب قضايا تتعلق بالديموقراطية وحقوق الإنسان".
لم يكن "يوهانس هاهن" وحده الذي سار على هذا الطريق، بل خرجت قيادات أوروبية كثيرة، تعلن قناعتها في استحالة قبول الطلب التركي، وسط الظروف القائمة، وتدعو إلى مواجهة الحقيقة بشجاعة، بينها المستشار النمساوي كريستيان كيرن، الذي دعا لإلغاء مفاوضات انضمام تركيا، وقال إن "منظور مفاوضات عضوية تركيا تم دفنها بحكم الأمر الواقع".
وأضاف أن أردوغان قال إن "أوروبا قارة متهالكة، وهذا يعني أننا ندخل عهدا جديدا ونحن بحاجة إلى ترتيب جديد لعلاقاتنا السياسية مع تركيا".
وفي بعض الأحيان، وصل الأمر إلى حد السخرية، عندما قال رئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون، إنه لا يتوقع انضمام تركيا إلى عضوية الاتحاد قبل حلول العام 3000.
تركيا نفسها، تشعر بخيبة أمل أوروبية، بسبب اتفاقية اللاجئين التي كانت ستوفر عناء تسريع مفاوضات العضوية الكاملة، والحصول على دعم مالي أوروبي يساهم في تنفيذ مشروع المنطقة الآمنة في شمالي سوريا، فضلاً عن قرار رفع التأشيرات أمام المواطنين الأتراك للدخول إلى البلدان الأوروبية، والتي جميعها لم تنفذ حتى اليوم.
عقوبة الإعدام
وكان الاتحاد الأوروبي، قد انتقد الاستفتاء التركي الأخير، الذي وافق على تغييرات دستورية تمنح أردوغان سلطات واسعة.
وفي حال نفذ أردوغان اقتراحه بإجراء تصويت جديد على إعادة العمل بعقوبة الإعدام، فربما تكون هذه الضربة القاضية لأية فرصة بأن يسمح الاتحاد لتركيا بالانضمام إليه.
وهو الأمر الذي علقت عليه إلينا لوتوفا، نائبة الرئيس البلغاري في تصريح صحفي لها، قائلة إن "خطة أردوغان إجراء استفتاء حول عقوبة الإعدام -وهو أمر من المرجح أن يفوز به- خط أحمر، وسيضع حدا لانضمام بلاده إلى الاتحاد الأوروبي".
وعلق الاتحاد الأوروبي فعليا مساعي تركيا للانضمام إليه في نهاية العام الماضي، وقال إنه سيفتح "فصولا" جديدة للتفاوض عليها في مساعي تركيا للانضمام في المستقبل القريب.
أما تركيا فهددت من جانبها، بالتخلي عن اتفاق مع الاتحاد يهدف إلى وقف تدفق المهاجرين على الشواطئ الأوروبية، في محاولة يبدو لتذكير أوروبا بأن تركيا تلعب اليوم دور الحاجز المنيع الذي يحمي القارة العجوز من أزمة اللاجئين.
ومؤخراً، خرج أردغان يلوح بإمكانية إجراء بلاده استفتاء شعبيا بخصوص مسألة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، متهمًا الأخير بالمماطلة في المحادثات الجارية منذ نحو ثلاثة عقود لحصول بلاده على العضوية الكاملة.
وتقدمت تركيا بطلب رسمي للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي عام 1987، قبل أن يعترف الأخير رسمياً، بأنقرة كمرشح للعضوية الكاملة عام 1999.
وتتمثل المبادئ التوجيهية التي يتمسك بها الاتحاد الأوروبي مقابل انضمام تركيا له، في تهدئة المشكلة الكردية، وإجراء أربعة وثلاثين تعديلا دستوريا، من بينها إلغاء عقوبة الإعدام إضافة إلى تطبيع العلاقات مع اليونان الجارة اللدود لتركيا.
ووصلت المباحثات بين الجانبين إلى فتح الفصل التفاوضي الـ 17، المتعلق بالسياسات الاقتصادية والنقدية، في ديسمبر 2015.
وفي حال تبخر الحلم التركي بالانضمام للاتحاد الأوروبي، في اجتماع 28 أبريل الجاري، يرى مراقبون أن بإمكان أنقرة طرق باب منظمة شانغهاي للتعاون، وهي كيان تقوده الصين وروسيا، في وقت ترغب فيه تركيا بتعزيز العلاقات الثنائية مع موسكو.
aXA6IDMuMTM3LjE5OC4xNDMg جزيرة ام اند امز