كيف تخترق الإخوان وأذرع أردوغان الأحزاب الألمانية؟
النشاط المكتشف مؤخرا للإخوان وأذرع أردوغان لا يقل خطورة عن التجسس ونشر التطرف، خاصة أنه يهدف لاختراق الأحزاب الألمانية الكبرى.
يوما بعد يوم، تتكشف خيوط الأنشطة المشبوهة لأذرع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في ألمانيا، بما فيها الإخوان الإرهابية، وخطرها على السياسة والمجتمع في البلاد.
وتارة تحذر تقارير استخباراتية وصحفية في ألمانيا من تهديد التنظيمات المتطرفة التي تعمل في كنف أردوغان، للديمقراطية والتماسك الاجتماعي، وتارة من سعيها لتغيير النظام القائم. وبات معروفا أن هذه الأذرع المتطرفة تضم شبكة تجسس مترامية الأطراف تتولى رصد المعارضين لنظام أردوغان وإرسال قوائم بأسمائهم للسلطات التركية.
لكن النشاط المكتشف مؤخرا لهذه التنظيمات، لا يقل خطورة عن التجسس ونشر التطرف، خاصة أنه يهدف إلى الاختراق التدريجي والممنهج للأحزاب الألمانية الكبرى عبر زرع موالين للإخوان والتنظيمات التركية في أعلى هرم السلطة في هذه الأحزاب، وفق موقع "تشي أين بليك" الألماني (خاص).
ومؤخرا، كشف تقرير صحفي لموقع "ريبورت ماينز" الألماني أن شوكت آفجي، الذي كان مرشحا للحزب الديمقراطي المسيحي الحاكم، للانتخابات البلدية في مدينة دوسبرغ غربي البلاد، عضوا في تنظيم الذئاب الرمادية التركي المتطرف.
ولم يتوقف الأمر عند آفجي، إذ تثار الكثير من الشكوك حول عضوية السياسي في الحزب الاشتراكي الديمقراطي (يسار وسط)، ارجان إيديك، في الذئاب الرمادية أيضا.
ومؤخرا، شارك آفجي وإيديك معا في فاعلية لتنظيم "أتيب" وهو أحد الأفرع شديد التطرف للذئاب الرمادية.
وظهر آفجي وإيديك في صورة معا في فاعلية الذئاب الرمادية وخلفهما صورة لمحسن يازيجي أوغلو الذي أسس حزب الاتحاد الكبير اليميني المتطرف الذي يعد جزءا من تنظيم الذئاب الرمادية وينتهج العنف لتحقيق أهدافه، وفق تقرير سابق لهيئة حماية الدستور "الاستخبارات الداخلية" في ألمانيا.
وبالإضافة لذلك، فإن بولنت بيجي، رئيس منظمة "UETD" التي ينظر إليها على أنها منظمة ضغط تابعة لحزب العدالة والتنمية في ألمانيا، يعد نموذجا آخر لاختراق التنظيمات التركية للسياسة الألمانية. وكذلك إلهان بوكروكو، الذي أراد الترشح على لائحة الحزب الديمقراطي المسيحي في الانتخابات البلدية في مدينة جيلزن كيرشن (غرب) مؤخرا، لكن الحزب رفض.
الأكثر من ذلك أن آفجي وإيديك يملكان اتصالات قوية بمنظمة UETD، وكان السياسيان أصدقاء منذ الطفولة، وذهبا معا لنفس المدرسة.
الأمر نفسه ينطبق على السياسي في الحزب الديمقراطي المسيحي جورسيل دوجان الذي ينكر بشكل معلن حدوث الابادة الجماعية للأرمن على يد العثمانيين إبان الحرب العالمية الأولى، ويرتبط أيضا بمنظمة الضغط التركية.
ووفق التقرير، فإن هذه الكم من السياسيين الألمان ذوي الأصول التركية المرتبطين بتنظيمات متطرفة، ويتواجدون في الصف الأمامي للسياسة الألمانية، يكشف عن تسلل تركي منظم للأحزاب في ألمانيا.
وتابع التقرير إن "مسار أردوغان العدائي وأيديولوجيته المتطرفة واسعة جدا بحيث تضم تحت مظلتها العديد من التنظيمات المختلفة في المنطلقات والهياكل، لكنها تبدو متقاربة بسبب ولائها للنظام التركي".
وأضاف: "تضم هذه الشبكة تنظيمات تحابي القومية التركية، وأخرى تحن للإمبراطورية العثمانية، وثالثة تعادي الأكراد، ورابعة ترتبط بتنظيمي الرؤية الوطنية والإخوان، وباتت القومية والإسلاموية يتقاربان بشكل مؤسسي وأيديولوجي تحت قيادة العدالة والتنمية".
كما كشف تحقيق صحفي للقناة الأولى بالتلفزيون الألماني (أيه آر دي)، نشر مؤخرا، أن عناصر من الذئاب الرمادية يقفزون على الصفوف الأمامية في الأحزاب الألمانية، مثل الحزب الديمقراطي المسيحي، لكسب النفوذ والتموضع في مواقع يمكنهم من خلالها التأثير على مسار السياسة في ألمانيا.
ونقل التقرير عن حسن تونجر، عضو مجلس مدينة مولهايم غربي ألمانيا قوله "نحن مخترقون من قبل الذئاب الرمادية"، مضيفا "المجموعة تذرع أشخاص موالين لها في المؤسسات والمبادرات الحكومية".
ونقل التحقيق عن الخبير في الشؤون التركية بوراك كوبور قوله "هذه استراتيجية عامة للذئاب الرمادية وغيرها من التنظيمات التركية"، مضيفا "صدر أمر واضح من قمة الهرم في تركيا لهذه التنظيمات باختراق السياسة والتسلل للأحزاب في ألمانيا".
بدورها، ضربت الباحثة في شؤون التنظيمات المتطرفة، فالنتينا كولوموبو، مثالا بالمجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا، وهو منظمة مظلية تضم العديد من المنظمات والجمعيات ومنها منظمة المجتمع الإسلامي، ذراع الإخوان الأساسية في الأراضي الألمانية.
وقالت كولوموبو في تصريحات صحفية "المجلس المركزي للمسلمين ورئيسه أيمن مزيك قريبان من أردوغان"، مضيفة "شارك مزيك مع أردوغان في مؤتمر المجلس الإسلامي الأوراسي في 2012، والذي نظمته مديرية الشؤون الدينية التركية "ديانيت".
وتابعت "يدافع مزيك باستمرار عن التنظيمات التركية وإرسال أئمة أتراك لألمانيا، ومن الواضح أنه أصبح داعما نشطا لنظام أردوغان".
مؤخرا، عينت الخارجية الألمانية نورهان سويكان عضو مجلس إدارة المجلس المركزي للمسلمين، والقيادية في الذئاب الرمادية، مستشارة في قسم السياسة الخارجية والدين، ما أثار انتقادات كبيرة واتهامات بالسماح لأذرع أردوغان باختراق المؤسسات الألمانية.
ووفق تقرير موقع "تشي أين بليك" الألماني، فإن سياسيين محسوبين على الإخوان "لم يكشف عن هويتهم" يخترقون أيضا المؤسسات المحلية والأحزاب لصالح الرئيس التركي.
التقرير ذكر أن "أردوغان يتبع استراتيجية مزدوجة تتمثل في تجنيد التنظيمات الإسلامية كجماعات ضغط، واختراق الأحزاب عبر سياسيين موالين له في نفس الوقت".
وبالإضافة إلى ذلك، يحرك نظام أردوغان شبكة واسعة من المخبرين تحت غطاء هذه التنظيمات، تشمل القنصليات والمساجد والمصارف ووكالات السفر التركية في ألمانيا، وفق التقرير ذاته.
وتنظيم الذئاب الرمادية هو تنظيم قومي متطرف نشأ في كنف حزب الحركة القومية التركي، وتحول لذراع طولى لأردوغان لنشر العنف والفوضى والتطرف في أوروبا.
وتملك الإخوان الإرهابية وجودا قويا في ألمانيا، بـ1350 قياديا، ومنظمة المجتمع الإسلامي، والعديد من المنظمات الصغيرة والمساجد المنتشرة في عموم البلاد. وتصنف هيئة حماية الدستور "الاستخبارات الداخلية" الجماعة على أنها تهديد للدستور والديمقراطية.