أردوغان "ينقلب" على "منقذيه" من محاولة الانقلاب
السلطات التركية تحيل مجموعة من الضباط والجنرالات الذين أعلنت أنقرة سابقا عن تصديهم لمحاولة الانقلاب إلى التقاعد.
على غرار أفلام الغموض الكلاسيكية، تمضي ملابسات محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا في 2016، يوماً بعد الآخر نحو غياهب الحيرة والتساؤلات، خاصة عقب اختفاء ما أطلق عليهم الإعلام المحلي قبل عامين "أبطال" بعد أن قيل رسمياً إنهم تصدوا لهذه المحاولة.
فبعد مرور عامين فقط على العملية الغامضة، أحيل عدد كبير من الضباط والجنرالات الذين ظهروا طوال الأيام التي تلت الانقلاب كأبطال في وسائل الإعلام التركية، إلى التقاعد.
ويفتح اختفاء من تصدوا للانقلاب أبواباً جديدة للتساؤلات التي ما زالت تثار منذ اللحظات الأولى، لإعلان أنقرة إفشال العملية التي لم تعلن السلطات حتى اليوم الخلية المنفذة لها ضمن آلاف الذين سرحوا من الجيش والشرطة في البلاد أو من تم توقيفهم.
- حصاد جديد لتكميم الأفواه بتركيا.. 6 آلاف قضية بتهمة "إهانة أردوغان" في 2017
- "مقصلة أردوغان" تتجاوز الحدود.. سجن طبيب سوري بتهمة إهانة رئيس تركيا
ومنذ التداعيات الأولى للمحاولة الانقلابية الفاشلة، والمتمثلة في حزمة من الإجراءات العسكرية والسياسية، التي جعلت جميع خيوط اللعبة بيد الرئيس رجب طيب أردوغان، كانت التساؤلات الحيرى حول منفذي ومدبري العملية الأساسيين تتبلور في الأفق مسفرة عن عدة سيناريوهات، أبرزها "الافتعال".
بيد أن ما يجعل من الطيار "البطل" الذي قاد طائرة أردوغان من مرمريس إلى إسطنبول ليلة الانقلاب، "خائناً" بعد عامين مما وصفته وسائل الإعلام الرسمية بـ"الملحمة" كفيل بأن يزج بآخرين "أبطال" مثله إلى سجون التأديب بتهم الخيانة أو العزلة كمتقاعدين بعد أن كانوا ملء السمع والبصر في أيام الزهو بدحر الانقلاب.
وإن بدت قصة الطيار الذي تحول لانقلابي أقرب إلى الخيال إلا أنها مع قصص اختفاء من وصفوا سابقاً بـ"الأبطال" تمثل حقائق ماثلة، وثقتها الصحفية التركية ميسير ييلديز في تحقيق أجرته لصالح موقع "Odatv" التركي.
وبحسب التحقيق، كان الاعتقال مصير معظم الذين تصدوا للانقلاب، بما فيهم شهود تأسست على شهاداتهم ضد "الانقلابيين"، أحكاماً قضائية وعسكرية وصلت للإعدام.
عبدالله وبراق أكن.. "ليس للكولونيل من يهاتفه"
أبرز المحالين للتقاعد في موجة اختفاء "منقذي أردوغان" هو الضابط المعروف بالاسم الحركي "عبدالله"، والذي مثل كشاهد أساسي ضد المتهمين بالانقلاب في عدة قضايا، لم يتوانَ فيها عن كشف ملابسات علاقتهم بالمعارض التركي عبدالله كولن الذي تتهمه السلطات بالوقوف خلف الانقلاب.
وعلى غرار طيار أردوغان الذي تحول لانقلابي عقب أيام الشهرة والتمجيد، كان مصير الضابط براق أكن، أحد أعضاء طاقم حماية قائد القوات البرية، والذي قيل إنه أصيب أثناء حمايته لقائده من الاختطاف والقتل.
فقبل أيام من إعلان رفع حالة الطوارئ في البلاد، وبعد أن منحه أردوغان وسام الشجاعة عن استبساله في وجه الانقلابيين، فوجئ أكن بالطرد من الجيش تعسفياً دون أن يجد جواباً حول الأسباب.
أكن لم يكن الوحيد الذي أحيل للتقاعد، حيث تعرض معظم من سطع نجمهم في تلك الأيام لذات المصير، بما فيهم الكولونيل الذي قام بإنقاذ الرهائن في قاعدة "آقينجي"، وحل شاهداً قبل 5 أشهر فقط في دعوى رئاسة القوات الخاصة، وجد نفسه مطروداً من الجيش بقرار من مجلس الوزراء.
وتتابع الصحفية التركية في تحقيقها "الأمثلة كثيرة"، وكلها تثير التساؤلات عن سبب إقصاء هؤلاء الذين ساعدوا الحكومة على كشف انقلابيين كانوا مختبئين داخل صفوف الجيش، أو أسهموا بقوة في التصدي للمحاولة الانقلابية".
وتشير إلى أن من بين المبعدين من الخدمة والمعتقلين "خبراء" تمت الاستعانة بهم لكتابة تقارير في عدة قضايا حساسة، وتم الاستشهاد بتقاريرهم لإثبات التهم على منتمين لتنظيم كولن، ثم فوجئوا بطردهم من الجيش، أو حتى توجيه التهم لهم بالانتماء إلى التنظيم نفسه، بالرغم من تقاريرهم التي أدين من خلالها العديد من الضباط في الجيش، مما يثير العديد من التساؤلات عما إذا كان يجب إعادة تلك المحاكمات.