لم يستطع بشر أن يبرئ ساحة «دولة الخرافة العثمانية» أو يجمّل تاريخها لأن مجازرها وأفعالها الإجرامية ببلاد المسلمين أكبر من أن تُخفى.
استمراراً لانشغال مجموعة من وسائل الإعلام التركية منذ أسبوعين بالنواح والعويل من مقالتي التي وصفت فيها دولة الاحتلال العثماني البائدة بـ«داعش الأولى» نشرت صحيفة «يني شفق» التركية المقربة من الحزب الحاكم أخيراً مقالاً تكفيرياً من طراز داعشي أصيل يهاجم العبد الفقير لعفو ربه «هاني الظاهري» ويؤكد بشكل لا بأس فيه ما ذهبت إليه من أن لا فرق بين «خلافة العصمنلي» و«خلافة البغدادي» في المنهج الفكري قبل الواقع السياسي.
هكذا بكل بساطة وضع هذا الأكاديمي العصمنلي الصفيق بين أيدينا نموذجاً مطابقاً لخطاب جماعة البغدادي التي اعتادت على وصف المسلمين بالمرتدين وأتباع الغرب، ومن ثم إهدار دمائهم وسلب أموالهم قبل حرق قراهم على رؤوس أطفالهم.
والحق أنه ينبغي أن نزجي الشكر لكاتب المقال التكفيري فاروق بشر الذي وصفته الصحيفة التركية بالداعية والأكاديمي لأنه وفر علينا الكثير من النقاشات عديمة الجدوى بكشفه عن الوجه الداعشي الحقيقي لمن لا يزالوا يحلمون بعودة «داعش الأولى» باسمها المستعار «الدولة العثمانية»، وفضح دون أن يشعر مدى كراهية واحتقار تلك العصابة الإجرامية الهالكة للعرب وبقية المسلمين ممن رفضوا جرائم العصمنلي وأخرجوه ذليلاً من أراضيهم.
لم يستطع بشر أن يبرئ ساحة «دولة الخرافة العثمانية» أو يبيض صفحتها ويجمّل تاريخها لأنه يدرك جيداً أن مجازرها وأفعالها الإجرامية في بلاد المسلمين أكبر من أن تُخفى، فقال في مقالته البكائية في «يني شفق» والتي طارت بها شبكة «ترك برس» الرسمية:
«من الواضح أن مشكلة (هاني الظاهري) ليست مع الدولة العثمانية، وإنما مع مكانة الخلافة والإسلام بحد ذاته، مثلما هو الحال بالنسبة لأسياده الغربيين».
هكذا بكل بساطة وضع هذا الأكاديمي العصمنلي الصفيق بين أيدينا نموذجاً مطابقاً لخطاب جماعة البغدادي التي اعتادت على وصف المسلمين بالمرتدين وأتباع الغرب، ومن ثم إهدار دمائهم وسلب أموالهم قبل حرق قراهم على رؤوس أطفالهم.
الأكثر إثارة للسخرية أن الأكاديمي التركي لفرط تألمه، وفي خضم نوبة صراخه لم يكتف بممارسة الدعشنة في مقالته الساذجة بل كشف عن النفس الاستعلائي العنصري لأذيال دولة العصمنلي تجاه العرب الذين حملوا الرسالة من مهبط الوحي ليُدخلوا أجداده في الإسلام، إذ وصف أبناء الجزيرة العربية الأحرار بأنهم «أعراب لم يفهموا الإسلام على الإطلاق وبقيت لديهم روح الجاهلية»، وبنفس المنطق الداعشي وظف في سياق كلامه عن العرب الآية الكريمة من سورة التوبة: «الأعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرا وَنِفَاقا وَأَجْدَرُ أَلا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ الله عَلَى رَسُولِهِ وَالله عَلِيمٌ حَكِيمٌ».
الطريف أن هذا المخبول الصارخ زعم أن «خلافة العصمنلي» حافظت على الحرمين الشريفين، وهذا الزعم يصلح لأن يكون «نكتة الموسم»، إذ يعرف جميع العرب والمسلمين أن دولة الخرافة العثمانية أذلت مقدسات الإسلام بشكل لم يسبقها عليه أحد، فقد عينت مرتزقاً اسكتلندياً غير مسلم حاكماً لمدينة رسول الله في فترة من الفترات، ونهبت طوال قرون أموال سكان مكة المكرمة والمدينة المنورة لبناء قصور الجواري في إسطنبول قبل أن يسرق جرذها المدعو فخري باشا مقتنيات الحجرة النبوية من مسجد رسول الله عليه الصلاة والسلام ويهرب بها إلى تركيا، وهي إلى اليوم موجودة في المتاحف التركية دون خجل أو حياء من الله وعباده.
نقلاً عن "عكاظ"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة